الديمقراطية لا تصلح للمجتمعات الفقيرة .
قلم ( كامل سلمان )
الديمقراطية لا تصلح للمجتمعات الفقيرة أو المجتمعات التي فيها نسبة عالية من الفقر ولا تصلح للمجتمعات التي فيها نسبة عالية من الأمية الذين يعيشون التخلف لا يجيدون القراءة والكتابة ولا تصلح أيضاً في المجتمعات التي يغلب عليها الطابع العشائري ولا تصلح أيضاً في المجتمعات التي يغلب عليها الطابع الديني ، لماذا ؟ لأن في المجتمعات الفقيرة أو التي فيها نسبة عالية من الفقر ستكون حظوظ الأغنياء وأصحاب الأموال في الفوز بالانتخابات عالية جداً نظراً لدور المال في شراء الأصوات ، فالفقير أو المحتاج يبيع صوته بأبخس الأسعار أما المرشح الغني أو الثري يشتري الأصوات وعندما ينجح بالانتخابات سيعيد الأموال التي صرفها أضعافاً مضاعفة من نفس الفقير الذي خدعه بدراهم معدودة ( نعم أموال الدولة التي يسرقها ذلك المرشح هي أموال ذلك الفقير التي تنازل عنها طوعاً ) فيزداد الثري ثراءً بالمال الحرام ويعيد نفسه في الدورة الانتخابية التالية بشكل أقوى فهي عملية تجارية غير شرعية مربحة ومتكررة ، في حين أن أصحاب الثقافة والمعرفة الذين يرشحون أنفسهم بالانتخابات لا يحصدون سوى الخيبة والخذلان لأن هؤلاء المثقفين يأملون أصوات الفقراء لكي يخدموهم بعد الفوز بالانتخابات والفقير بطبيعته شعاره عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة فما يحصل عليه من مال بسيط من ذلك المرشح الغني يعتبره مكسباً جيداً يسد حاجته وحاجة عياله ليوم أو يومين والمرشح النزيه يأمل حصد أصوات العقلاء وأصحاب الوعي التي هي بالأساس قليلة جداً مع العلم أن الناخب المثقف العاقل وصاحب الوعي يرفض الانتخابات من الأساس لأنه يعرف مقدماً كل شيء ذاهب إلى اصحاب المال والنفوذ فلا يراهن على المستحيل وهو يعلم أنه ومن مثله لا يشكلون إلا أقلية قليلة في المجتمع . أما الديمقراطية في المجتمعات العشائرية والمجتمعات الدينية والمجتمعات المتخلفة فكل شيء محسوم منذ البداية فتصبح الانتخابات مجرد كرنفال للبيعة لمن توصي به العمامة المقدسة ولمن يوصي به شيخ العشيرة ، الإنسان المتخلف بطبيعته حيواني الطبع أي أنه يميل الانضمام إلى السلوك الجمعي فيصبح جزءاً من القطيع ثم يرفع شعار ( حشر مع الناس عيد ) وهذا مثل عراقي قديم فيركض بكل اندفاع وعزيمة لمبايعة من هو مثله الأعلى بالدين وبالعشيرة .
الذين يتحسرون على عدم فوز المدنيين والعلمانيين عليهم أن ينظروا إلى الأمور بهذا الشكل ولا يعطوها تأويلات أو تفسيرات خيالية لأن الواقع يفسر نفسه بنفسه . لو عدنا إلى المجتمعات التي نجحت فيها الديمقراطية سنلاحظ الحالة المعاشية لغالبية الناس جيدة جداً وسنلاحظ نسبة الأمية تقترب من الصفر ولا يوجد فيها تكتلات عشائرية وكذلك لا توجد فيها سلطة دينية ففي هذه الحالة فأن المواطن الناخب يذهب إلى صناديق الاقتراع ليدلي بصوته لينتخب من سيقوم بعد الفوز على خدمته وتوفير ما وعد به ناخبيه . . الديمقراطية الفاشلة وهي التسمية المناسبة أن صح القول تنجح في الدول الفاشلة والديمقراطية الناجحة تنجح في الدول الناجحة ، الديمقراطية الفاشلة هي نسخة مزيفة من الديمقراطية الناجحة كالعملة المزيفة والصناعات المزيفة تجد لها رواجاً وطلباً في الأسواق التي تقطنها الغالبية الفقيرة ، وكلنا نعرف بأن الفقر أرض خصبة لكل سوء ومالديمقراطية الفاشلة إلا نموذجاً للسوء تتقبلها هذه الأرض الخصبة وتحييها . هذه الحلقة المفرغة لا يمكن حل شفرتها إلا أن يعي الناس هذه التفاصيل فيصحون من غفوتهم ويقررون حياتهم بشكل صحيح .
الديمقراطية لا تصلح للمجتمعات الفقيرة