متى يكّفرون عن ذنوبهم ؟
قلم (كامل سلمان )
معنى التكفير عن الذنب هو إزالة ومحو الذنب وأصل كلمة التكفير في اللغة هي التغطية ، التكفير عن الذنب مفهوم ديني شائع في التراجع عن الذنب ولكل دين طريقته الخاصة في التكفير عن الذنب وغالباً ما تكون بالتوسل بالله والاستغفار ودفع الصدقات والأعمال الصالحة وغيرها ، أما في المفهوم الاجتماعي فغالباً ما يكون التكفير عن الذنب في الاعتذار والمصالحة والتعويض المالي أحياناً أما في المفهوم القانوني لا يوجد تكفير عن الذنب وإنما هناك القانون الذي يحكم وهناك الحساب والعقاب على ارتكاب الذنب لكن ما يهمنا هو التكفير عن الذنب في السياسة ، ، لا يوجد في السياسة مصطلح الذنب وإنما الحماقة والفشل والفضائع والفضائح والجرائم وهذه الأعمال يمتاز بها سياسيو الدول المتخلفة ضد شعوبهم أما الدول العنصرية فترتكب هذه الأعمال ضد عنصر أو عرق أخر ، لكن الشائع في عالم السياسة لا يوجد سياسي يعترف صراحة عن حماقاته وفشله وسرقاته ليكفّر عنها فأما أن يستمر بذنوبه طالما قبضته الحديدية ماسكة للسلطة وقد يورثها لأبناءه وأحفاده بنفس الكيفية ونفس اللذة أو أن ينال منه القضاء ويحاكم على شناعة أفعاله ، أما الأغرب في السياسة فأن فيلسوفاً مثل ميكافيلي الذي ظهر قبل عدة قرون في إيطاليا أعطى للقسوة والنذالة والفضاعة تبريراً فظاً وأعتبرها فلسفة سياسية عندما وضع نظريته السياسية على أنها أحدى الطرق الناجحة حين تكون الغاية تبريراً للوسيلة وأصدر ميكافيلي كتاباً تأريخياً بهذا الخصوص سماه ( الأمير ) يعتبر من أشهر الكتب رواجاً في عالم السياسة والفلسفة والثقافة ، وللأسف الشديد يتم أعتماد هذه الفلسفة الكريهة منهاجاً عند الحكام الدكتاتوريين وعند الأحزاب الثورية . وليس ميكافيلي فقط من أساء في تبريره لقباحة عمل السياسي بل سبقه بعض الفقهاء المسلمين الذين أعطوا للحاكم الفاشل المجرم حسنة واحدة بدل حسنتين التي يستحقها الخليفة أو الوالي الحاكم حسب توزيعهم للحسنات . في الدول الديمقراطية المتحضرة لا يستطيع السياسي أو الحاكم أن يرتكب الكبائر فهناك صحافة حرة تفضحه وهناك دستور يمنعه وهناك قانون يعاقبه لذلك فأن بعض من هذه الدول جعلت من الحاكم أشبه بالموظف الذي يقوم بوظيفته لمدة أربعة سنوات ثم يغادر الساحة ، لكن المضحك المبكي في الدول التي أرادت أن تقلد الديمقراطية بغير حق فأن السياسي يبتدع الأساليب ليمارس نفس أساليب الأنظمة الأجرامية تحت غطاء الديمقراطية فيجعل صناديق الإقتراع المعمولة بها في الأنظمة الديمقراطية عبارة عن صناديق للولاء والبيعة . وأخيراً تبقى فكرة التكفير عن الذنب والندم هي صفة محمودة وليست صفة مذمومة يعيد فيها الإنسان نفسه إلى سكة الصواب ويعيد إظهار الجانب الإنساني وإظهار سمو ونبل أخلاقه وإنسانيته عندما يتواضع ويعبر عن الندم خاصة إذا يفعل ذلك وهو في موقع القوة والمسؤولية لأن الإنسان مهما بلغ من حرص فأن الذنب والخطأ وارد في سلوكه وقد لا يكون عيباً في حالة التراجع والاعتراف لكن العيب كل العيب الإصرار على الذنب والتكابر وعدم الاعتراف ، المجتمع الذي يكون فيه قادته ومسؤوليه قادرون على ارتكاب الذنوب والخطايا ويصرون عليها بكل وقاحة فتلك مجتمعات مهزومة نفسياً والأصح مجتمعات ميتة أما في المجتمعات التي قادتها قادرون في التكفير عن ذنوبهم بكل خشوع فتلك هي المجتمعات الحية التي لا تموت . ياليتنا نجد قادتنا وسياسيينا يخرجون للناس ويعبرون عن أسفهم لما عملته إيديهم ويكفرون عن سيئاتهم ليجعلوا للحياة طعم ويجعلوا الناس يشعرون بأنهم لهم قيمة وتقدير ، بكل تأكيد تستحق الشعوب الاحترام والتقدير ؟.
متى يكّفرون عن ذنوبهم ؟