في فضاءاتنا ثقوب سوداء

كمال فتاح حيدر

رصد الناس ظهور الثقوب السوداء في فضاءاتنا منذ عقود، لكنها تجسدت منذ عام 2022 بمخالبها الطويلة وانيابها الحادة عندما ابتلعت اكثر من مليارين وخمسمائة ألف دولار دفعة واحدة من ارصدة الأمانات الضريبية عن طريق مافيات وهمية مكونة من 5 شركات نفطية بصكوك مزيفة. .

ثم ظهرت الثقوب مرة أخرى عندما ابتلعت اكثر من 2,495,921,687 تريليون دينار عراقي من حسابات شبكة الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بشهادة الوزير نفسه. ثم اكتشفوا فقدان الاستحقاقات المالية المتراكمة كانت بذمة شركة كورك تيليكوم للسنوات الماضية، بضمنها الديون المستحقة للسنوات 2023 و سنة 2024. .

لا ريب ان بقاء هذه الديون الكبيرة على شركة خاصة للاتصالات يثير الشكوك، ويوحي بوجود ثقوب من نوع مختلف وبأبعاد متمددة، ربما تتمثل بعمولات فلكية تضخها الشركة في جيوب الثقوب السوداء لضمان ديمومة عملها، اخذين بعين الاعتبار إن شبهة تراكم الديون بقيمة مليار و 300 مليون دولار على شركة كورك تيليكوم لم تكن وليدة اللحظة، وإنما تعاظمت وارتفعت وتصاعدت خلال السنوات الماضية بسبب عدم دفع الشركة للرسوم المترتبة عليها للدولة العراقية. .

بات من المسلم به وجود شبهات حول تلك الثقوب بسبب تستر الجهات المعنية على الشركات المدانة. من هنا يتعين على الدولة فرض سلطتها من أجل إستعادة أموالها المفقودة والمعلوسة والمتبخرة، لأن تهرب الدولة من هذا الأمر بحجج واهية منها عدم تحمل المسؤولية ورميها على عاتق اللجان والهيئات لا يبرر لها عدم التزامها، ولا يعتقها من مسؤوليتها تجاه هذه الثقوب السوداء التي سوف تتسع وتتعمق إلى اليوم الذي تتحول فيها إلى ثغرات مخيفة تبتلع الحسابات والأرصدة، وتأكل الاخضر واليابس. .

في العراق يحق لك ان تقف على بعد مسافة آمنة من الثقوب. ولكن لا يحق لك ان تتكلم، أو تنتقد، أو تبدي رأيك، فوقوفك على التل هو الأسلم حتى لو خسرت مدخراتك الشخصية بذريعة (مجهول المالك). .