د. فاضل حسن شريف
تعاطي المخدرات هو باب للتهلكة “وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ” (البقرة 195) و “وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا” (النساء 29)، وانما في سكرتهم بالمخدرات يهلكون “لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ” (الحجر 72). واما العلاج بالمخدرات فانه محرم ومهما كانت كمية المادة المخدرة قليلة فهي محرمة كما جاء في الحديث الشريف (ما أسْكَر كثيره، فقليله حرامٌ). والحذر من مصادقة متعاطي المخدرات فانهم اصدقاء سوء كما جاء في الحديث الشريف (لا تُصاحِب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقيٌّ). وعلى المجتمع بمختلف مستوياته الاهتمام بعدم تعاطي المخدرات من البيت الى الدولة ففي الحديث النبوي (كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجِها ومسؤولة عن رعيَّتِها). والحذر من مساعدة الناس الذين يتعاملون بالمخدرات بمختلف اصنافهم لان هؤلاء لهم خزي في الدنيا والاخرة “ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” ( المائدة 33) فكما في الخمر يطبق على المخدرات، لعَن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومُعتصرها وشاربها، وحاملها والمحمولة إليه، وساقيها وبائعها، وآكِل ثمنها، والمشتري والمشتراة له. و من المحرمات التجارة بالمخدرات وخزنها ونقلها “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا” (النساء 29-30). ويعد انتشار المخدرات من الفتن “وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الانفال 25)، وهو دلالة على ضعف تدين المجتمع وقلة الخوف من الله والعقاب، وكما جاء في المثل (من امن العقاب اساء الادب).
عن موقع براثا: المخدرات ارهاب خفي للكاتب عبد الرحمن المالكي: المخدرات هي مواد طبيعية او كيميائية تصيب الجسم بالفتور والخمول وتشل نشاطه وتؤثر على المخ وتدفع الانسان الى القيام بتصرفات غير صحيحة كما تصيب الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي والجهاز الدوري بالأمراض المزمنة كما انها تؤدي الة حالة التعود او ما يسمى بالإدمان مسببة اضراراً باللغة بالصحة النفسية والبدنية والاجتماعية. اضرار المخدرات: 1- اتلاف الجهاز العصبي وتعطيل عمله مما يؤدي الى غياب العقل. 2- السرقة لشراء المخدرات بأي طريقة ان لم تكن تمتلك المال. 3- ارتكاب جرائم كبرى بسبب غياب الوعي وكذلك الجرعات الزائدة تؤدي الى الموت حتماً. 4- العزلة وتخريب جميع العلاقات الاجتماعية وعدم الاهتمام بالعائلة والابناء. 5- الاصابة بمرض الايدز بسبب تبادل الابر التي يأخذها المتعاطي او عن طريق القيام بعلاقات جنسية شاذة تحت تأثير المخدرات. 6- تشويه السمعة وهروب الاخرين منك. اسباب التعاطي: 1- الفضول عند البعض والتشويق للتجربة التي تنتهي بالإدمان. 2- التفكك الاسري وغياب الرقابة على الابناء. 3- الاكتئاب او التعرض لمواقف متعبة نفسياً فتكون المخدرات وسيلة للنسيان او الهروب. 4- الجهل بمخاطر المخدرات وعواقبها على النفس والاخرين. 5- المال الزائد والقدرة على الحصول على المخدرات بسهولة. 6- وقت الفراغ الزائد وعدم الانشغال بشيء. طرق الوقاية: 1- توفير فرص عمل للشباب لملء وقت الفراغ بفراغهم. 2- الابتعاد عن رفقاء السوء. 3- الابتعاد عن الكحول. 4- نشر التوعية بأخطار المخدرات وعواقبها. 5- التقرب الى الله ومخافته. علاج المخدرات: 1- مراجعة المستشفى الخاصة التي تعالج ذلك الادمان. 2- ترك رفقاء المخدرات لانهم سيشجعونك على تعاطيها مرة بعد مرة. 3- مساعدة الاهل للمتعاطي وعدم اعطائه المال مع متابعة حالته النفسية والصحية. 4- تحذير المتعاطي من العواقب ومن ما يجري حوله. 5- الانقطاع عنها بشكل تدريجي وتقليل الجرعات الى الابتعاد عنها الى الابد.
جاء في موقع الألوكة الشرعية عن دور المؤسسات الدينية في الوقاية من المخدرات للدكتور شعبان رمضان محمود مقلد: أما عن المخدرات الأخرى النباتية والكيماوية التي ظهرت حديثاً، فالشريعة الإسلامية تحرم تناولها بجميع أنواعها، سواء أكان التناول عن طريق الأكل أو الشرب أو التنقيط أو السعوط، أو الشم أو الحقن أو بأي طريق آخر، ذلك لأن المخدرات تعمل على إتلاف النفس والمال والعقل والدين، وكثيرًا ما تتلف العرض أيضًا، وهذه هي الضرورات الخمس التي أمر الإسلام بحفظها، وقد أجمع العلماء على تحريم المخدرات، ولم أقرأ ولم أسمع أن أحدًا أباح تناول شيء منها، قديمًا أو حديثًا، فهذا هو الإمام ابن تيمية يقول عن الأنواع التي كانت في زمانه منها: هذه الحشيشة الملعونة – هي وآكلوها ومستحلوها – الموجبة لسخط الله تعالى، وسخط رسوله، وسخط عباده المؤمنين، المعرضة صاحبها لعقوبة الله، تشتمل على ضرر في دين المرء وعقله وطبعه، وتفسد الأمزجة حتى جعلت خلقًا كثيرًا مجانين، وتورث من مهانة آكلها ودناءة نفسه، وغير ذلك ما لا تورث الخمر، فيها من المفاسد ما ليس في الخمر، فهي بالتحريم أولى، وقد أجمع العلماء على أن المسكر منها حرام، ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدًا، لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإن القليل منها حرام أيضًا، بالنصوص الدالة على تحريم الخمر، وتحريم كل مسكر. وقال الإمام الصنعاني: إنه التحريم على ما أسكر من أي شيء، وإن لم يكن مشروبًا كالحشيشة. ويقول في حديث آخر: (إن من العنب خمراً، وإن من التمر خمراً، وأن من العسل خمراً، وأن من البر خمراً، وإن من الشعير خمراً، وأنهاكم عن كل مسكر ).(18) وظاهر الحديث أنه يسوق نماذج، ثم يذكر القاعدة العامة، ونحن لا نهتم بالأسماء ولا بالمصادر، وإنما نهتم بالتشخيص العلمي للأشربة والعقاقير، فما ثبت تغيبه للعقل، أو ما أفقد المرء اتزانه الفكري، فهو محرم بيقين…إن القران الكريم دستور الإسلام ومصدر التشريع فيقول الله تعالي: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ” (الحشر 7) أي ائتمروا بأمره. ويأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن كل مسكر حرام ومن هنا علينا أن نأتمر بأمره دون أي جدال أو تردد. إن الخمر هي ما خامر العقل، وإن المخدرات هي ما يخامر العقل أيضاً وأنه صلى الله عليه وسلم، قد أعطي لولي الأمر الحق في تأديب مجتمعه، فيما يناسبه في حينه.. فجيل كان في عهد الخلفاء الراشدين يكفيه الجلد للتأديب، ولكن لن يكفى جيلا من بعده الجلد والسجن، وهكذا دواليك حتى ارتفعت العقوبة في بعض الدول إلى الإعدام. وغير ذلك الكثير مما ورد عن العلماء القدامى والمعاصرين في تحريم المخدرات بأنواعها، وقد اكتفيت بذكر القليل منها خشية الإطالة في أمر لا خلاف فيه.
ويستطرد الدكتور شعبان رمضان محمود مقلد قائلا في موقع الألوكة الشرعية: أهمية الوقاية في الإسلام
معنى الوقاية: الوقاية في اللغة: مأخوذة من الفعل (وقى)، ومعنى وقى ووقاه: صانه ووقاه ما يكره، ووقاه بالتشديد: حماه منه والوقاية والوقاء: كل ما وقيت به شيئًا. والوقاية في الاصطلاح: حفظ الشيء عما يؤذيه ويضره. إذن فوقاية الشباب من المخدرات بمعنى: حفظهم من هذه الآفة التي تؤذيهم وتضرهم، وحفظهم من مخاطرها وأضرارها. وقد اهتم الإسلام بوقاية أفراده بوجه عام من كل ما يضرهم ويوقعهم في المهالك، فجميع التشريعات التي وردت في الإسلام هي في مضمونها وفي تأكيد الالتزام بها وقاية من الهلكة، وهذا بالطبع يلزم فريضة الوقاية، ويوجب الحذر والانتباه على الإنسان، كما يوجب عليه الابتعاد عن الذنوب والمعاصي والمخاطر التي تؤدي إلى الهلكة وتوجب إنزال العقوبة من الله سبحانه. فأمر الوقاية وتدابيرها في الإسلام أمرٌ أصيل، ويندرج تحت عدة قواعد فقهية منها قاعدة (سد الذرائع) التي تقضي بإغلاق جميع السُبُل المؤدية إلى المحرم أو إلى الضرر، وقاعدة: (درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح)، وهكذا أخذ أمر الوقاية حقه من الاهتمام، كما أن التحذيرات التي حفلت بها كثير من الآيات القرآنية، والتي في حقيقتها لأفعال هي في الأصل مقدمة لأفعال محرمة، أليس الأمر بغض البصر عن المحرمات وقايةً من الوقوع فيها، أليس النهي عن خلوة الرجل بالمرأة وقايةً من وقوع كليهما في الفاحشة، أليس الأمر بأخذ الحذر من العدو – حتى في أثناء الصلاة – وقايةً من وقوع ضرره على المسلمين؟. وإذا تأملنا تشريعاً مثل تشريع الصوم نجد الوقاية نصاً في القرآن يقول سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة 183). فدين الإسلام هو دين الوقاية في كل أمور الحياة على اختلاف أنواعها وأشكالها، والوقاية حكمة من حكم تطبيق الحدود على المسلم عند ارتكابه لبعض الكبائر، والمتتبع لآي القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم يجد الكثير من التوجيهات الخاصة بوقاية الجسم لحفظ صحته، ومع ذلك أحل له الطيب من الطعام وأمره بالأكل والشرب مع عدم الإسراف، ونهى المؤمنين أن يحرموا الطيب على أنفسهم أو على غيرهم فقال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ” (الأعراف 31-33). وجاء في تفسير هذه الآية: قوله تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد”ٍ كانت بنو عامر لا يأكلون في أيام حجهم من الطعام إلا قوتًا، ولا يأكلون دسمًا يعظمون بذلك حجمهم، فقال المسلمون: نحن أحق أن نفعل ذلك يا رسول الله؟ فأنزل الله عز وجل “وَكُلُوا” يعني اللحم والدسم “وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا” (الأعراف 31) بتحريم ما أحل الله لكم من اللحم والدسم “إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ” (الأعراف 31) الذين يفعلون ذلك “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ” (الأعراف 32) يعني لبس الثياب في الطواف “وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ” (الأعراف 32) يعني اللحم والدسم في أيام الحج، وعن ابن عباس وقتادة “وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ” ما حرم أهل الجاهلية من البحائر والسوائب “قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ” (الأعراف 32) فيه حذف تقديره هي للذين آمنوا وللمشركين في الحياة والدنيا، فإن أهل الشرك يشاركون المؤمنين في طيبات الدنيا، وهي في الآخرة خالصة للمؤمنين لاحظ للمشركين فيها، وقيل هي خالصة يوم القيامة من التنغيص والغم للمؤمنين، فإنها لهم في الدنيا مع التنغيص والغم “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ” (الأعراف 33) يعني الطواف عراة “مَا ظَهَرَ” (الأعراف 33) طواف الرجال بالنهار “وَمَا بَطَنَ” (الأعراف 33) طواف النساء بالليل وقيل هو الزنا سرا وعلانية قوله عز وجل “وَالإِثْمَ” (الأعراف 33) يعني الذنب والمعصية، وقال الضحاك الذنب الذي لا حد فيه، قال الحسن: “الإثم”: الخمر، قال الشاعر: شربت الإثم حتى ضل عقلي كذلك الإثم يذهب بالعقول والبغي الظلم والكبر.