اسم الكاتب : رياض سعد
مما لاشك فيه , ان الحكومة هي التي تمسك بزمام الامور وتسير شؤون الوطن والمواطن , في كل اصقاع المعمورة , والحكومات هي المسؤولة في نهاية المطاف عن الشؤون الوطنية الداخلية والقضايا الخارجية ؛ فالحكومات الديمقراطية والدكتاتورية ، في البلدان الفقيرة والغنية على حد سواء، هي التي تتحمل مسؤولية القرارات والخطط الاستراتيجية وكيفية تنفيذها … ؛ وقد جاء في التراث الاسلامي ما يؤكد على اهمية وجود الحكومة في حياة الناس و ضرورة الالتزام بقرارتها او عدم الاصطدام معها ؛ اذ قال الامام علي : (( لا بدَّ للناس مِن إمارة بَرةً كانت أو فاجرة، قيل له: هذه البرَّة قد عرفناها، فما بالُ الفاجرة ؟! قال : يُؤمَّن بها السبيل، ويُقام به الحدود، ويُجاهد به العدو، ويُقسم بها الفَيء )) .
كلامنا هذا يشمل كل الانظمة والحكومات بكافة اشكالها ؛ فما بالك بالحكومة التي تأتي عن طريق صناديق الاقتراع وتصويت الشعب ؟ .
ويرتكز النظام الديمقراطي الذي صوت عليه الشعب العراقي بعد عقود طويلة من الحكم الدكتاتوري الرهيب ؛ على العملية الانتخابية , وهي بدورها تكشف عن ارادة الجماهير , ومن هنا جاءت اهمية المشاركة الانتخابية , والتي تكمن في قوة اصوات الناخبين والتي قد تقلب الموازين السياسية من خلال صناديق الاقتراع كما هو الحال في الدول الديمقراطية والمتحضرة , فالتغيير السياسي يحصل بسبب الحراك الجماهيري والمشاركة الشعبية في الانتخابات ؛ لا من خلال تنوّع الأطروحات السامة والزعامات المتمردة , وتكرّار المحاولات العنفية والاجرامية والارهابية والتي تهدف لهتك سيادة الحكومة وتعريض امن الدولة للخطر وارباك الاوضاع العامة ونشر الفوضى والجريمة في المجتمع بأعذار شتى غير مقبولة , فالبعض يريد ان يسير الامة وفقا لمزاجه , ويدفع بالأغلبية نحو الهاوية ؛ طبقا لحسابات خاطئة وخطط ارتجالية، وأداء هزيل لنخب نرجسية وانتهازية تستبيح كل شيء ؛ في صراع وجودي لاحتكار السلطة والنفوذ والمال بلا ضوابط ولا محرّمات ولا احترام لمخرجات العملية الانتخابية والتحالفات السياسية , ومن الواضح ان هؤلاء لا علاقة لهم بمجريات العملية السياسية والنتائج الديمقراطية وارادة الجماهير واغلبية الامة ؛ فهم يرتهنون للخارج ويريدون جر البلاد للخضوع لإملاءات الدول والمخابرات الخارجية وتحت حجج مختلفة وشعارات مستهلكة , والنتيجة الواقعية التي تتمخض عن تلك التحركات والارهاصات والاضطرابات ؛ هيمنة تلك المجاميع او الشخصيات على الواقع العراقي , واقصاء الاخرين واسكات الاغلبية بقوة السلاح والنفوذ والدعم الخارجي ، مما يفتح الثغرات الامنية ويستدعي الأطماع والمؤامرات الاستعمارية والاستكبارية والدولية ، و عندها تُدار البلاد بالترقيع والمسكنّات والشعارات و وتتدحرج نحو الاستبداد والتبعية والفساد والعنف والصراعات , كي يحل امراء الحروب العملاء , وزعماء المجاميع محل الحكومة الديمقراطية والمنتخبة من قبل الشعب .
وهذا الامر قد حذر منه رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني ؛ في حديث له ؛ خلال زيارته مقر قيادة الشرطة الاتحادية , بمناسبة ذكرى يوم النصر العظيم , ومما جاء في كلمته : (( … علينا ان نعتز بهذا النصر ونسعى الى عدم تشويه هذا النصر او محاولة استغلاله , علينا ان نحافظ على الدولة ومؤسساتها وعلى الدستور والقانون والممتلكات العامة والخاصة … , وبصراحة نحن في محطة مهمة من تاريخ العراق لان التحديات مستمرة , ولا تخلو هذه المحطة من الخطورة … , لكن نجد ان هنالك افراد ومجاميع وجهات تحاول ان تنصب نفسها وصيا على العراق , وان تصادر قرار الدولة ومؤسسات الدولة الدستورية والقانونية , وتكون بهذه الصيغة بديل عن الشعب , بديل عن السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , وهي من تعطي لنفسها هذا القرار في الحرب والسلم , وايضا نشاهد انها تخون هذا الطرف وتستنقص منه وتعطي الوطنية والشرف لهذا الطرف الاخر … وبالتالي سنقف امام هذا التحدي , المتمثل بوجود افراد او مجاميع او جهات تريد ان تتقمص وتريد ان تأخذ دور الدولة , بل تريد ان تصادر هذا الدور الوطني والقانوني والشرعي والدستوري …؛ والمحافظة على الدولة جزء من المحافظة على هذا النصر … ))
فالبعض يحاول جر البلاد للفوضى من خلال تعطيل الانتخابات بالقوة والاكراه , والبعض الاخر يسعى لإحداث معارك عسكرية غير متكافئة مع جهات دولية من دون الرجوع للحكومة والاغلبية والامة العراقية , والبعض الثالث شعاره : خالف حتى تعرف فهو ضد كل حكومة عراقية منتخبة وبغض النظر عن برنامجها الحكومي او انجازاتها كالانفصاليين الاكراد والطائفيين والمنكوسين من بقايا البعث والصداميين , والذين يعملون على الاصطياد في الماء العكر , واستغلال الازمات لصالح اجنداتهم المشبوهة , بالإضافة الى سعي بعض الشخصيات الهجينة من المحسوبين على الاغلبية العراقية لإسقاط حكومة السوداني واحراجها لا لشيء سوى كونه عراقيا نبيلا وجنوبيا اصيلا ؛ فهؤلاء المرضى من ذوي الاصول الاجنبية والجذور غير العراقية والجنوبية , يكنون العداء والضغينة لكل ما هو عراقي اصيل , فوجود الساسة الاصلاء يسبب الحرج والقلق للفاشلين والفاسدين والعملاء والدخلاء والغرباء .