اعداد : وكالات
على مدى السنوات التسع الماضية، لم يتوقف الجدل والسجال في المحافل والأوساط السياسية العراقية، وكذلك الخارجيةُ المعنية بالشأن العراقي، بخصوص طبيعة الوجود التركي في إقليم كردستان ومبرراتِهِ وحجمِهِ وأهدافِهِ، وما يمكن أن يترتّب عليه من آثارٍ وتبعات، في بلدٍ أرهقته الصراعات والحروب الداخلية والخارجية، وتجاذبته – وما زالت – الأجندات والمشاريع الدولية والإقليمية.
صنّاع القرار التركي وعرابو الإستراتيجيات هناك يقولون، إنّ تركيا لن تتمكّن من تسجيل حضورِها وفرضِ دورِها في الساحتين الإقليمية والدولية، دون تحقيق قدرٍ كبيرٍ من الهيمنة على الدول المجاورة، لا سيما تلك التي تعاني أوضاعاً وظروفاً سياسيةً وأمنيةً واقتصاديةً مضطربة.
ولا شكَّ في أنّ العراق يعدّ في مقدمة الدول التي تضع تركيا نصبَ عينيها هدفَ التمدُّد فيها؛ بعد أن أتاحت لها العوامل والظروف والدوافع التاريخية والجغرافية والسياسية الفرصة المناسبة التي من شأنها أن تفتح المجالَ أمامَها لإطلاق يدها وترسيخ وجودها هناك.
وجودٌ استتر وما زال خلف عباءة الاتفاقات التي تحاك بين ساسةٍ أتراك وعراقيين آثروا المصالح الشخصية على مصلحة العراقيين الذين ينظرون إليه على أنّه احتلالٌ صريحٌ لأراضيهم وانتهاكٌ صارخٌ لسيادة بلادهم بحججٍ وذرائعَ واهية، إذ دخل النظام التركي بادئ الأمر إلى إقليم كردستان زاعماً تدريب قوات البشمركة؛ ليمتدَّ ويتوسّع أكثر بهدف إحياء الإمبراطورية العثمانية بعد أكثر من مئة عامٍ من انهيارِها وزوالِها.
رئيس النظام التركي رجب أردوغان بحسب مراقبين كان حريصاً من جهة على إخفاء مطامعه التوسّعية في المنطقة من خلال الاتفاقات مع الجهات الحكومية العراقية، بينما تستمرّ آلته الحربية من جهةٍ أخرى بدك القرى الآمنة لا سيما في محافظتي أربيل ودهوك بإقليم كردستان، مخلفةً دماراً هائلاً في البنية التحتية، وحرائقَ أتت على غاباتِ المِنطقة ومزارعِها وبساتينِها.
وأثارتِ الاتفاقياتُ الجديدة بين الحكومة العراقية والنظام التركي، وما نتج عنها من إطلاق يد الأخير في العراق، موجةَ ردودِ فعلٍ غاضبةٍ، وانتقاداتٍ طالت ساسةَ البلاد بالدرجة الأولى، فيما تبقى القضية الجوهرية والمهمّة، هل يستطيع الشعبُ العراقي كبحَ جماحِ الاندفاع التركي تجاهه، وماذا عن تبعاتِهِ وآثارِهِ وتداعياتِهِ المستقبلية؟ يقول مراقبون.