قبل صناديق الاقتراع الشعب يريد البنزين بـ450 دينار لا بـ900

بقلم / الكاتب والصحفي يحيى هركي – ألمانيا

المقدمة:

مع اقتراب موعد الانتخابات في العراق وإقليم كردستان يترقب المواطن الكردي هذه اللحظة لا كحدث سياسي عابر بل كفرصة أخيرة لاستعادة الثقة بين الشعب والقيادة فقد سئم الناس الوعود الفارغة والتصريحات المكررة التي لا تمس جوهر حياتهم اليومية المواطن اليوم لا يطلب المستحيل إنه يريد فقط أن يعيش بكرامة وأن يرى العدالة تتحقق على أرضه لا على صفحات البيانات.

لذا يتوجب على القيادة الكردستانية ابتداء من اليوم قبل الغد بخطوة حقيقية تثبت نيتها الصادقة في خدمة الناس بخفض أسعار المحروقات وخاصة البنزين والنفط والغاز وجعلها متوازية مع الأسعار في الحكومة الاتحادية في بغداد فالسعر في بغداد للتر البنزين 450 دينار بينما في كردستان وصل إلى 900 دينار وهذه الفجوة ليست عدالة بل جرح في ضمير الوطن إنها الخطوة الأولى والأهم ليست مطلبا تعجيزيا بل واجبا إنسانيا وسياسيا وأخلاقيا فالمواطن في أربيل والسليمانية ودهوك ليس أقل شأنا من المواطن في بغداد بل هو يستحق حياة كريمة وعدلا في الأسعار والخدمات.

إن خفض الأسعار وتثبيت الرواتب ليست شعارات انتخابية ولا هبات سياسية بل هي أساس الكرامة الإنسانية وعماد الثقة بين الحاكم والمحكوم فمن لا يؤمن بحق الناس في عيش كريم لا يستحق أن يتحدث باسمهم ولا أن يطلب أصواتهم.

والادهى من ذلك أرى كل يوم جماعات صغيرة من العشائر والقبائل تُستقبل في مصيف صلاح الدين أو في فروع الأحزاب الكردية داخل الإقليم وخارجه لطلب الأصوات أو الضغط للحصول على الدعم ولكن القيادة لا تحتاج إلى هذه الجماعات ولا إلى مجاملات انتخابية فكل ما عليها فعله هو تخفيض أسعار المحروقات وإعطاء الرواتب في أوقاتها المواطن الكردي مخلص ليس للأحزاب فقط وإنما لكردستان كلها يحب أن يعيش معززا مكرما لا محروما أو جائعا ولا يريد أن يكون تحت هيمنة النظام المركزي كما عانى في الماضي طمئنوا شعبكم بهذه الخدمات فهي ليست معجزة أو كرما منكم بل حق من حقوق الشعب الكردي الذي قدم الآلاف من الشهداء لأجل هذا اليوم ولو علم الشهداء أن أبناءهم سيعيشون مهمشين وأن الأسعار ستكون أعلى من بغداد لما قبلوا أن تذهب تضحياتهم هباء.

إن الشعب الكردي في المناطق المتنازع عليها وخصوصا في منطقة شنكال من الإخوة الإيزيديين يشكلون جزءا مهما من النسيج الكردي وهؤلاء أيضا يجب إنصافهم وإعمار مناطقهم وتقديم الدعم للمهجرين والناجيات الإيزيديات فإذا لم تُنصفهم حكومة إقليم كردستان ولم تساعدهم فإن الحكومة المركزية ستستغل هذا التقصير وتأخذ أصواتهم لصالح مرشحيها وكذلك الحال في سهل نينوى وكركوك فهؤلاء أيضا سيرون بأعينهم ما يحدث لإخوانهم في أربيل وسليمانية ودهوك وإن لم يجدوا العدالة في الإقليم فسيمنحوها لمن يظنون أنه أكثر قدرة على حمايتهم وتأمين معيشتهم فإلى متى تفقد القيادة ثقة الناس بسبب تجاهل أبسط المطالب كالأسعار العادلة والرواتب المنتظمة.

وإذا لم تبادر القيادة بهذه الخطوة الرمزية والعملية فكيف ستقنع الناخب بأن يعطي صوته بثقة وفخر وإن استمرت اللامبالاة فإن المواطن قد يذهب إلى صناديق الاقتراع خوفا من الضغط الاجتماعي لكنه قد يختار إلغاء صوته احتجاجا صامتا وهذه ستكون رسالة قاسية ولكنها صادقة.

الخلاصة:

يا أبناء كردستان صوتكم هو سلاحكم فلا تبيعوه بثمن بخس ولا تهدروه بالصمت اختاروا من ترون فيه النزاهة والقدرة لا من يملك النفوذ والشعار لتكن هذه الانتخابات بداية عهد جديد تكتب فيه صفحة مشرقة من تاريخ كردستان صفحة يكتبها الشعب الواعي والقيادة الصادقة معا أنتم أصحاب الأرض والتاريخ وأنتم من يصنع الغد بقراركم وصوتكم الانتخابات القادمة ليست معركة بين أحزاب بل اختبار بين من يريد خدمة الشعب ومن يريد خدمته بالكلمات فقط.

إن أمام حكومة إقليم كردستان اليوم فرصة نادرة لتصحيح المسار بخطوات بسيطة لكنها عميقة في معناها خفض أسعار المحروقات وتثبيت الرواتب فهذه الأفعال قادرة على إشعال شرارة الأمل من جديد في قلوب الناس فإما أن تكون الانتخابات القادمة بوابة أمل جديد أو تكون شهادة على زمن ضاعت فيه الثقة وضاعت فيه أصوات الصامتين والخيار بأيدينا جميعا.

فلتكن هذه الانتخابات ولادة جديدة لكردستان لا جنازة لثقة غابت بين الناس والقيادة ولتكن رسالة بأن الشعب لا يزال يؤمن بالعدل وبأن القيادة لا تزال قادرة على الإصلاح إذا أرادت ذلك حقا.