ديسمبر 3, 2024

اسم الكاتب : ادهم الشبيب

وجدتُ شكاوى وفيدوات ومقاطع تمثيلية على صفحات التواصل تطرح انتقادا في غير محله فاحببت ان اتوقف عنده ، الترويج -من قبل العراقيين انفسهم – يقول : ان العراقيين يغيرون لهجتهم دائما عندما يتكلمون مع ضيف او صديق عربي من قطر آخر فيتحدثون بلهجته ، ويعزون ذلك “اقصد المنتقدين” الى عدم التمسك بالهوية الوطنية او ضعف الشخصية او انعدام الثقة باللهجة او ما الى ذلك من دوافع “سلبية” ويكثر اللوم على من يفعل ذلك ، 

والحقيقة على العكس من ذلك وهذا الترويج خاطئ فالعراقي يدري ان لهجته الآن رائجة بين العرب ويتغنى بها الكثيرون بل وساعدت -بجمالها وعمقها- على انتشار الكثير من المطريين والشعراء العاميين ، ولكنه -أي العراقي- يغير لهجته مع الغريب لأنه كريم وذكي ويحب ان يتودد ، كما وتنم القدرة على التكيف اللغوي والانتقال الى لهجة المخاطب بسهولة عن إمكانية ذهنية عالية ، فالانتقال العقلي عبر اللغات واللهجات ليس بالامر الهين ، وهذه الأسباب جيدة وايجابية ، 

كثير من الشعوب والجماعات تعاني ومنها يعجز عن الانتقال الى اللغات و اللهجات الأخرى للإفهام والتواصل وتستسهل التمسك بلهجتها المحلية او لغتها القومية ، وشعوب تتشدد ربما في عدم التحاور الودود بأي لغة او لهجة ثانية مع ضيف او زائر او صديق لعرقية بها او عنصرية او قصور في كرم الضيافة والمحادثة وهذا أمر لا يُحمد دون شك ، 

وهناك جماعات وشعوب اخرى يكون لديها -وهذا أكبر الاحتمالات- ضعف بالقدرة التعبيرية واللغوية التي تتمثل -كما اسلفنا- بالعجز على الانتقال اللغوي السلس وهذا ليس مدعاة للفخر كما يظن المتشددون في ذلك ، كما ان التودد للناس بلهجاتهم ولغات يفهمونها ليس منقصة ولا ضعف كما يظن اللائمون ، سايكولوجياً الأمران متباينان والدرجة الأفضل تكون للمتوددين المرنين في التعامل واللغة ، بل انه ربما يدخلهم ضمن فئة “الموطّؤون أكنافا” التي امتدحها النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف الذي يعيّن اقرب الناس اليه مجالساً يوم القيامة ، فلا تلم نفسك او احدا أن يحاول محاورة شخص ما بلغته او لهجته ، ويُستثنى من ذلك بعض المتنطعين الذين يظهرون الانسلاخ في كل جانب من لغة او لهجة او دين او عادات و قيم ، فهؤلاء يغيرون لهجاتهم ولغاتهم وعاداتهم للتباهي او للتبعية او لضعف في نفوسهم ، وهم موجودون في كل شعب وكل مجتمع وتعرفهم من تعمّدهم للتلوّن وتقمصهم دورا غير حقيقتهم ولغة غير لغتهم من دون الحاجة لذلك ، وشتان بين الفريقين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *