أيها المساء احملني بعيدا **

جمال الناصري

يا صديقي تعال لندخل على عجل الى بيوتنا كنمل سليمان ، فالليل قادم الينا وهو سادي هنا في تلك البلاد الغريبة ، سيخرج من قوقعته كل مساء ، يبحث عن ضحايا في زوايا المدينة الموحشة ، سوف يختفي الناس من الشوارع والأزقة ، أنهم يهربون مسرعين الى مساكنهم ، الطيور هي الأخرى تولي هاربة تبحث عن ملاذ ، تصمت الكائنات كلها ، فتتوقف حناجرها عن اطلاق عقيرتها وتخمد أصواتها، فلن تسمع غثاء أو زعيق أو نهيق او نباح كلاب ، الديكة تلوذ خلف الدجاج بلا صياح يوقظ النائمين ، فالليل متوحش يدخل مثل عسكر غاز يحطم الأشياء الجميلة التي تقف أمامه باخماص بنادقه ، متهور مثل زعيم عصابة، لا يرى الأشياء من حوله سوى أعداء وخصوم ، نقبع في زوايا غرفنا الكئيبة ، نصف مظلمة ونصف مضيئة بضوء خافت ، ينبعث الضوء منها خجلا ، يرتعش خوفا من جحافل الليل ، ننام تحت اغطيتنا نرتجف خشية أن ينقض علينا ، فنقع فريسة بين أنيابه ، فنظل معلقين كالجثث المصلوبة، عيوننا شابحة في أنتظار خيوط الصباح ، كي تفكنا من بين أنياب الليل ..

أيها المساء أحملني على ظهرك بعيدا حيثما تشاء ، فهاهو الليل يقترب نحونا ليهدم أسوارنا في بوهيمية متوحشة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *