فبراير 5, 2025
462547253_1116246769894281_5687635995851870665_n

حسن العكيلي

مقفرة صحراء روحي تخلو من الخضرة والينابيع – يلتف العطش المر حول اغصانها يخنق جذورها ويهشم الضلوع – مراسيها باتت محطمة النوافذ والممرات – ومطفئة الفنارات يغطي الظلام اجوائها المربكة المرتجفة كسعفة في ليل صرصر – يلفها بعباءته السوداء الداكنة – يغطيها بمعطف الضجر والجنون..  تبكي على حلم ضنته يتحقق. يثمر بالعناقيد المدلاة وبالسنابل الحبلى بالقمح والالق .

بات قلبي المرهف بائسا منكسرا يندب حضه العاثر –يرثي شغافه الذي هده العطش والغياب بدموع تحمل اوجاع السنين

كتبها وهو يخشى من انك سوف لن تاتين

مقفرة صحراء روحي لاحياة فيها .حاضرها البائس يبكي ماضيها

مهشمة اباريقها تندب صبحها المتوشح بالسبات. وسواقيها المضطربة في كل الاوقات.

عبثا اركض خلف الغيوم المصابة بالجنون. واسير تحت المطر المتساقط بغزارة فوق العيون.كم تمنيت ان يكون لي جناحين كالطيور. لأحلق في الافاق اللامتناهية. تدفعني الريح كغيمة لاتهتم بايقاع الوقت المضطرب والسنوات.. ابحث عن خل يسكن جسدي. حتى الممات..فاضت عند غيابه انهار الذكرى دموعا ونيرانا لن تهدا في كل الاوقات .

عبثا الملم بقايا الحروف المبعثرة بين ورق الشجر الذابل واحاديثا ضلت كالموسيقى ترن تصدح تحت عرائش حقول العنب والعشب المنتشر فوق خطوط الطول وخطوط العرض .

فالطرق غير سالكة والمسافات ملغومة بالاخطار الوبيلة والوصول الى الضفة الامل اشبه بالانتحار-

فعلام هذا الاصرار في الولوج حيث الاماكن التي لاتعرف الهدوء والاستقرار .تتكومين فوق الجمر المستعر تتدثرين ببقايا الاغصان المتوقدة بفعل البراكين التي لاتعرف الهدوء والسكينة ..

هل دققتي النظر في وجهك يوما بمراة حقيقية صادقة. لاشك ان الشيب قد غزا مفرقك.والتجاعيد قد غالت بمديتها فحفرت اخاديدها على وجهك المنهك الذابل .وانك تعيشين اياما مبهمة يسودها القلق والرتابة . وساعات من اليباس والفصام المعجون بالغرابة .

فلا مهرب من العزلة والارق والكابة. الا بالعودة الى وطنك الام واستعادة الزمن المستقطع والاوقات المهمشة والفصول التي عانت من وطأة التكلس والجفاف .

يعز علي سيدتي ان اراك تكبرين وسط غابات الياسمين وردة خابية الاضواء . تستجدي المطر والربيع ولذة الارتواء.  تجرحك الايادي المتعطشة للايذاء. ولسع سياط الشموس واتساع السماء

مالذي جرى لك هل صارت المنافي بيتك العامرالذي فيه تستريحين

والريح والغيم والبرق والرعد ارجوحة عليها تلعبين.والبرد والثلج والاخطار حائط عليه تتكئين عودي الى رشدك ساعة فما تفعلينه الجنون

هل تعلمين ملهمتي حين يمر الحمام بهدوء وهو يريد الهبوط فوق الاغصان المتوشحة بالورق الاخضر اتذكر وجهك ونسمات تدق شبابيك الدار تحمل اشذاءا من عطرك.

ولكن لا اثر لهديل الحمائم فوق غصون الشجر المزدحم بالاغصان. ولم اسمع شقشقة عصفور وقت الصباح المتعطش للاضواء والزينات والخفقان ….

انزلي سيدتي من برج غرورك .وشدي رحال العودة صوب فيافي صباك المخضوضرة الجنبات.. اسقيها بماء العودة وعطر اللقاء المتلهف للاحضان الاولى والاعياد

عودي اخشى ان تتوغلي في عمق اعماق الغربة وتدعين حبائل الضياع  تلتف حول ساقيك التفاف الاخطبوط على فريسته

فلا زال هناك امل يبعث الحياة في الازهار الذابلة.. ولا زال هناك امل بعودة الغيوم لتحيي الارض الجرداء .

فانا ارض قاحلة تشكو العطش قبل ملايين الأعوام .عودي كي لا يذبل ورد  محبتنا.. ويتوقف نبض القلب عن الخفقان..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *