الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
جاء في موقع الزيدي عن معنى الإيمان بالقدر خيره وشره: معنى القدر في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره). قدر الخير: مثل الصحة والعافية في النفس والأهل والولد وطول العمر وسعة الرزق والأمطار والخصب وصلاح الثمار والأمن والراحة وسكون النفس إلى غير ذلك مما شاكلها. وقدر الشر: نحو الموت والمرض والخوف والفقر ونقص الثمرات وقلة الأمطار وقلة الخصب وفساد الثمار وقلة ذات اليد والقلق والنكد وما جانس ذلك. وليس معنى القدر خيره وشره من الله: أن الظلم والزنا واللواط والغش والكذب وخلف الوعد ونكث العهد والكفر والشرك وجميع المعاصي كلها من الله، فهذا ليس من القدر الذي يجب الإيمان به، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. فلا يجوز أن نرتكب الفواحش ثم نقول: إنها من الله وبقدره، بل نحن الذي عصينا باختيارنا، وفعلنا وأتينا من قبل أنفسنا، نحن المسؤلون عن العصيان، والله تعالى منزه عن فعلنا، لا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد، “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغي” الآية. “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ” (النساء 58). وبعد، فإنه ليس في كتاب الله تعالى أن فعل المعاصي بقدر من الله تعالى، بل فيه قوله تعالى: “قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا” (التوبة 51)، وليس فيه: لن تصيبوا إلا ما كتب الله عليكم، ولله در من قال: ما استغفرت الله منه فهو منك، وما حمدت الله عليه فهو منه، وفرق واضح بين يصيبنا وتصيبوا، وفي حديث رواه الإمام أبو طالب عليه السلام، ورواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله، وفي آخر الحديث (فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلاَّ نفسه). فعلى هذا المسؤول عن فعل المعاصي هو الإنسان، وليس لقدر الله وقضاؤه دخل في ذلك، وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وآله: (والشر ليس إليك) رواه مسلم، فلا يجوز إضافة الشر إلى الباري تعالى. فنعوذ بالله من قوم استحوذ عليهم الشيطان فصاروا من جنده يدعون بدعوة الشيطان، ويزينون عصيان الرحمن، ويسهلون لهم طاعة الشيطان الرجيم، فتراهم تارة يقولون: إن الشفاعة لأهل الكبائر الموبقة ينسبون ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وحاشاه، وتارة أخرى تراهم يحدثون عن النبي بأن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن سرق وإن زنى، وإن أهل هذه الكلمة لا يخلدون في النار، وتراهم ينزهون أنفسهم والشيطان من معاصيهم ثم يقولون: إنها من فعل ربهم خلقها وشاءها وقضاها وقدَّرَهَا.
جاء في كتاب تثبيت الإمامة – الهادي يحيى ابن الحسين: قال الله تعالى: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغصب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما” (النساء 18) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرك في دم مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله. ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: من راع مسلما برئت منه، وخلع ربقة الإسلام. وعمر إذ ذاك غير ملتفت إلى شئ من ذلك، ويقتل خير من على وجه الأرض، بزعمه. فيا للعجب من هذه الأحكام المختلفة، والأقاويل التي هي غير مؤتلفة، والتلاعب بالدين، حتى كأنهم أنسوا. فبأي حجة أو بأي معنى أو خطيئة أراد عمر قتل هؤلاء الستة؟ وما كانت حجته عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله، لو وقع القتل؟ وكيف كان يكون حال الأمة التي تبقى بعدهم؟ (ومن كان يريد أن يجعل لهم إماما إذ كان المعمول عليه يومئذ الإمامة بزعمه عليهم؟)
عن شبكة الثقلين الثقافية: الإمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام: مولده عليه السلام: ولد عليه السلام سنة (75)هـ وحين قرعت البشرى سمع زين العابدين بولادته قام فصلى ركعتين شكراً لله، ثم أخذ المصحف مستفتحاً لاختيار اسم مولوده، فخرج في أول السطر قول اللّه تعالى: “وَفَضَّلَ اللّه المُجَاهِدِيْنَ عَلَى القَاعِدِيْنَ أَجْراً عَظِيْماً” (النساء 95)، فأطبق المصحف، ثم قام وصلى ركعات، ثم فتح المصحف، فخرج في أول السطر: “وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ قُتِلُوْا فِيْ سَبِيْلِ اللّه أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُوْنَ” (آل عمران 169)، ثم قام وركع، ثم أخذ المصحف وفتحه فخرج في أول سطر: “إِنَّ اللّه اشْتَرَى مِنْ المُؤْمِنِيْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُوْنَ فِيْ سَبِيْلِ اللّه فَيَقْتُلُوْنَ وَيُقْتَلُوْنَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِيْ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّه فَاسْتَبْشِرُوْا بِبَيْعِكُمُ الَّذِيْ بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيْمُ” (التوبة 111)، وبعد ذلك أطبق زين العابدين المصحف وضرب بإحدى يديه على الأخرى، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، عُزِّيت في هذا المولود، إنه زيد..أما واللـه ما أجد من ولد الحسين في يوم القيامة أعظم منه وسيلة، ولا أصحاباً آثر عند اللّه من أصحابه، وقامَ عليه السلام بالتأذين في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى، وعوَّذه بالله من الشيطان الرجيم.
قال الإمام أحمد بن يحيى المرتضى عليه السلام في كتابه (القلائد في تصحيح العقائد)، والذي تضمنّته مقدّمة كتابه العظيم (البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الأمصار)، قال عليه السلام: (“مسألة” مُستحقّ العقاب دائماً كالذمّ. الجهمية: بل يَنقطع في الفاسق. مُقاتل وأصحابُه: لا يستحقّ عقاباً. لنا: حُسن ذمّه دائماً، والإجماع في الكفّار، وقوله تعالى: “وما هُم عنها بغائبين” (الإنفطار 16). “مسألَة” والمدح والذّم يدومان ويدلاّن على الثواب والعقاب.، “مسألة” والتكفير والإحباط على ما بيّنا يصحّ، خلافاً للمرجئة. قُلنا: العقابُ دائم، الثوابُ دائم، فاستحال اجتماعَهُما فتساقَطا.، “مسألة” ولايَسقُط العقاب بالشفاعَة خلاف المرجئة. لنَا: “ولا شَفيع يطاع”، “مسألة” والمُسلمون العاصون داخلون في الوعيد لعمومه. الأصم: لا، لِعلمِنا أنّها ليسَت على عمومها بدليل خروج التّائب ونحوه، فهي مُجملَة مع التخصيص. مقاتل: لا وعيدَ لمُسلم. قُلنا: فيلزَمُ الإغراء. أبو شمر: يجوز إن تمّ استثناءٌ لم نَعلَمه فيُتوَقَّف (ج): في الوعد والوعيد تعارُض فلا نعلَم أيّهما المخصّص للآخَر فيُتوقَّف. قلتُ: دليلُه قوي، لولا قوله تعالى، رادّا على مَن أرجى من المسلمين واليهود: “لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ” (النساء 123)، ولا يُحتمل التخفيض بآيات الوعد إذ فيه نقضُ ما سيقَت له من الرّد. زُبرقان وأكثر المرجئة: يُقطع بخروج ذوي الكبائر من النّار إلى الجنّة لاحتمال الوعد والوعيد فيهم. الخالدي: الطّاعة توجبُ قطعَ العقاب. لنا: إذا قطَعنا باستحقاقِهم، وأنّ البيان لا يتأخّر، بطلَ ما زَعموا”.