اسم الكاتب : سامي الزبيدي
قال رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور برزاني خلال منتدى السلام والأمن الذي عقد في دهوك عندما سأله المحاور هل أنت عراقي أم كردي فأجاب أنا كردي واضطررت للعيش في هذا البلد (والعراق كيان مصطنع ) عجيب أمور هؤلاء الساسة الأكراد الذين يعيشون في العراق ويتنعمون بخيراته ويتنكرون له بل ويناصبوه العداء(وكل إناء بالذي فيه ينضح ) وقبل الرد على مسرور نقول له ان العراق ليس كيانا مصطنعاً فمن في العالم كله لا يعرف العراق؟ عراق الحضارة والتاريخ عراق السومريون الذين علموا البشرية لكتابة والصناعة والزراعة عراق الاكديون الذين امتدت إمبراطوريتهم من إيران والأناضول وبلاد الرافدين الى شرق البحر الأبيض المتوسط ومصر, عراق الآشوريين سكان شمال العراق الأصليين الذين جئتم إليهم وافدين من بلاد الفرس فآووكم واحتضنوكم وأسكنوكم أرضهم ثم انقلبتم عليهم تقتلونهم وتغتصبون أراضيهم ومزارعهم وممتلكاتهم واستوطنتم المناطق الجبلية في شمال العراق وادعيتم أنها أرضكم كما اغتصب واستوطن حلفائكم الصهاينة ارض فلسطين ارض كنعان ويدعون أنها ارض أجدادهم فهل يعرف مسرور من أين جاء الأكراد الى شمال العراق ومتى جاءوا وما هو موطنهم الأصلي؟ ثم لماذا اضطر للعيش في العراق ولم يبق في بلده الأصلي بلد أجداده ؟ سأقول له وعلى لسان العديد من المؤرخين عن تاريخ الأكراد في شمالنا الحبيب لأنه وغيره من السياسيين الأكراد لم يقرؤوا التاريخ وبالذات تاريخ العراق جيداً , فلم ترد في تاريخ العراق القديم منذ أول الحضارات في بلاد الرافدين وإمبراطوريات سومر وأكاد وبابل وآشور كلمة كرد أو أية مجموعة عرقية تحمل اسم كرد فلا وجود لكم في ارض العرق ,يقول المؤرخ (ب.ليرخ) عن الكرد بأنهم هندوآرييه أي أحفاد الفرس أما مؤرخ التاريخ هيرودوتس فيقول إنهم من منطقة شرق بوطان من تركيا أما المؤرخ اليوناني (زنيفون) فيقول بان الآراميون هم الذين سموهم بهذا الاسم (كرد) نسبة الى جبل الجودي الذي كان يطلق عليه (طورو قردو) أي جبل القرود لوعورته ومنه انحدرت مجاميع سموهم الآراميون والآشوريين (قراديه) أي أكراد وهذه تسميتهم الى اليوم , ويقول مارك ساسك في كتابه أرمينيا ان الأكراد والفرس من أصل واحد وهناك من يرجع تسميتهم الى كلمة كيرتي وهم قوم كانوا يعيشون في المنطقة الجبلية غرب بحيرة وان كل هذه المصادر والدلائل التاريخية تشير الى ان الأكراد ليسوا عراقيين ولا صلة لهم في بلاد ما بين النهرين , وانتم يا مسرورلا تعرفون من تكونون ومن أين جئتم مرة تدعون إنكم آريين إيرانيين ومرة ميديون ومرة سومريون وهذه ادعاءات تريدون ان تلتصقوا من ورائها بأي حضارة وهي ادعاءات سخيفة لتزوير التاريخ وتزييف الحقائق بواسطة أقلام رخيصة وأدلة مزورة كتلك التي يذكرها احمد أمين, هذا في التاريخ القديم أما في التاريخ الحديث فاقرأ ما يقوله المؤرخ الكردي تيدو الكوراني في كتابه الأكراد ان كردستان لم تعرف إلا في القرن التاسع عشر الميلادي فقد كانت المنطقة الشمالية للعراق خاضعة لحكم الدولة العربية الإسلامية التي توزعت الى إمارات ودول صغيرة بعد انهيار الدولة العباسية فقد تكونت الإمارة الاتنباكية في الموصل والإمارة التركمانية في اربيل التي أنشاها زين الدين على كوجك من أمراء السلاجقة عام 1144م والإمارة التركمانية في كركوك والسليمانية ومن هذا يتضح عدم وجود كيان كردي في شما العراق فلم يحصل ان تأسست إمارة كردية إنما انتشرت الإمارات لتركمانية وحتى أربيل كانت ذات أغلبية تركمانية ولم يكن للأكراد أي موضع قدم أصلاً في شمال العراق, وفي عهد السلطان العثماني سليم الأول سنة 1515 تكونت بعض الإمارات الكردية والبعض يقول بعد عام 1600م للحد من المد الشيعي الصفوي القادم من إيران وكان الخلاف بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية هو بداية تأسيس الكيان الكردي في شمال العراق والدول المجاورة بعد ان كان الأكراد قبائل رحل تعتاش على السلب والنهب والقتل ,كما ذكرت الرحالة البريطانية المس بيشوب في كتابها الرحلات عام 1895 ان حياة القبائل الكردية تقوم على النهب والقتل والسرقة وذكر الدكتور جورج باسجر عندما قام برحلاته في شمال العراق عام 1828 ان القبائل الكردية قامت بهجمات دموية مروعة على السريان فقتلتهم وجرفت بيوتهم ,ويقول المؤرخ باسيل نيكس وهو متخصص بالقبائل الكردية ان الأكراد الذين يعيشون على حدود بلاد الرافدين يعتمدون القتل والسلب والنهب وهم متعطشون للدماء, وكتب القنصل البريطاني رسالة الى سفيره عام 1885 يقول فيها ان أكثر من 360 قرية ومدينة سريانية في شمال العراق قد دمرها الزحف الكردي القادم من إيران بالكامل ويقول الدكتور كراند الخبير في شؤون المنطقة وشعوبها في كتابه النساطرة يعمل الأكراد في شمال العراق على إخلاء سكانه الأصليين وبشتى الطرق ويستوطنوا محلهم , لقد كان تحالف الأكراد في شمال غرب إيران مع الدولة العثمانية لمحاربة الدولة الصفوية أول نزوح للأكراد الى شمال العراق وكانت معركة جالدران بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية عان 1514 التي قتل فيها (120) ألف شخص وهرب بسببها أعداد كبيرة من الأكراد من جبال زاكروس الإيرانية الى الوديان الواقعة شمال العراق وتم إسكانهم في المناطق الجبلية شمال العراق وبقي الحال هكذا الى انسحاب الدولة العثمانية من العراق بعد الحرب العالمية الأولى واحتلاله من قبل الانكليز ,فهذه حقائق واضحة عن أكراد العراق وأصولهم ومن أين جاءوا لشمال العراق الآشوري التركماني وصدق مسرور البرزاني عندما يقول انه كردي وأصبح عراقي بالقوة فهو ومن على شاكلته ليسوا عراقيين ,ثم هل يعلم مسرور ان أربيل مدينة آشورية واسمها الأصلي أريخا وتعني مدينة الآلهة الأربعة وهذا ما موجود في قلعتها لحد الآن, أما السليمانية فقد أسسها الوالي العثماني على بغداد عام 1871.
عالم قديم
بعد الأدلة التاريخية علينا ان نسال مسرور بارزاني إذا كان العراق بتاريخه وحضارته التي يشهد بها كل العالم القديم والحديث كيان مختلق فماذا يكون إقليمكم الذي خلقه الأمريكان والصهاينة بعد عام 2003 بعد الغزو البربري للعراق الذي كانت أهم أهدافه تقسيم العراق الى دويلات طائفية وعرقية ؟ ولنعود مع مسرور الى التاريخ القريب عندما تأسست الدولة العراقية الحديثة عام 1921 كان أول ما فعله أجدادك هو الخروج عن هذه الدولة الفتية وحمل السلاح ضد حكومتها التي حاربتكم وطردكتم من العراق الى أراضي أجدادكم وموطنكم الأصلي في إيران حيث لازالت قرى برزان موجودة الى يومنا هذا في إيران وقامت الحكومة الملكية في العراق بعد ذلك بنفي جدك الملا مصطفى ومن معه من الذين حملوا السلاح بوجه الدولة الى الاتحاد السوفيتي حيث لم تقبلهم إيران وتركيا وبعد ثورة 14 تموز عام 1958 قام الزعيم عبد الكريم قاسم قائد الثورة ومؤسس الجمهورية بالعفو عن جدك ومن معه واستقدمهم من الاتحاد السوفيتي ثم قام بتعيين جدك البرزاني في وظيفة مرموقة وكذلك عين باقي المسلحين الأكراد الذين كانوا معه في وزارات الدولة وأراد بذلك توحيد كلمة العراقيين وصفوفهم تحت راية الدولة العراقية وكان جدك يقول للزعيم أنا خادم الزعيم فنهاه الزعيم عن ذلك وقال له قل أنا خادم الشعب لكنه ضل يقول أنا خادم للزعيم فماذا فعل جدك مع الزعيم لقد تنكر جدك لفضله ورد الفضل إليه بحمل السلاح ضد الجمهورية الفتية بدفع من الدوائر الأمريكية والصهيونية والإيرانية وحدثت معارك كبيرة بين الجيش العراقي وعناصر البارزاني تكبد فيها الجانبين خسائر بشرية كبيرة ما كادت تكون لولا خيانة الخائنين , ثم تحالف البرزاني الجد مع البعثيين لإسقاط حكومة عبد الكريم قاسم وعندما سقطت عاد البرزاني الجد ليتنصل عن حلفائه البعثيين ويحمل السلاح ضدهم وبتحريض أمريكي صهيوني شاهنشاهي وبتدخل عسكري إسرائيلي إيراني سافر في المعارك الدائرة في شمال لعراق حيث كان يشرف عليها الخبراء الإسرائيليون كما قام الإسرائيليون بتدريب العناصر المسلحة الكردية في إسرائيل وفي شمال العراق ومنهم والدك والصور والوثائق موجودة لدى العراق وإسرائيل ونزف العراقيون آلاف الشهداء والجرحى من جديد ثم اتفق البرزاني لإيقاف القتال مع حكومة الرئيس عبد الرحمن عارف لكن المؤامرات الأمريكية الصهيونية لم تسمح بذلك فتجدد القتال والغي الاتفاق واستمرت الأعمال العسكرية في شمال العراق الى ما بعد انقلاب تموز 1968 حيث حاولت حكومة البعث بكل الوسائل إيقاف نزيف الدم في شمال العراق الذي اتخذ هذه المرة أساليب جديدة عندما تدخلت قوات شاه إيران بشكل واضح وكبير لدعم التمرد كما زادت إسرائيل من دعمها للبرزاني بالمال والسلاح والخبرات وأصبح الوضع في شمال العراق في غاية لخطورة مما دفع الحكومة العراقية الى التوصل لاتفاق 11 آذار 1970 للحكم الذاتي الذي بموجبه تم منحت المحافظات الكردية حكما ذاتيا يتضمن الإدارة المحلية للأكراد وتطبيق اللغة الكردية في المدارس والمؤسسات وغيرها من الحقوق التي لم يتمتع بها أكراد أية دولة مجاورة كإيران وتركيا لكن الاتفاق الذي كان من المقرر ان ينفذ عام 1975 خرقه الملا مصطفى البرزاني عندما طالب بنفط كركوك مما تسبب في تأزم الموقف وعودة الاقتتال بين الطرفين عام 1974 الذي نفذت فيه الحكومة الحكم الذاتي من طرف واحد وبدفع أمريكي إيراني صهيوني رفض البرزاني الاتفاق وعلى اثر ذلك تجدد القتال وبعد موافقة الحكومة العراقية على مبادرة الرئيس الجزائري بومدين التي تمخضت عن اتفاقية الجزائر عام 1975 بين العراق وإيران وبعد إعلان الاتفاقية سحب شاه إيران قواته من شمال العراق وأوقف دعمه للبرزاني كما غادر الخبراء الإسرائيليون شمال العراق ونزل المسلحون الأكراد من الجبال آلاف مؤلفة وهم يلقون أسلحتنهم ويسلمون أنفسهم للقوات الحكومية التي اعلننت العفو عنهم وعاد الهدوء لشمال العراق, وفي عام 1975 تم تنفيذ الحكم الذاتي لمحافظات شمال العراق التي شهدت استقرار كبيرا بعد ذلك الى عام 1991 عندما اندلعت حرب الخليج حيث فرضت الأمم المتحدة حضرا جويا في شمال العراق وجنوبه ومن ثم تم تحديد الخط الأزرق للمناطق الكردية في شمال العراق وبقيت هذه المناطق على حالها حتى عام 2003 عندما غزا الأمريكان العراق فتمدد الأكراد خارج الخط الأزرق الذي حددته الأمم المتحدة واستولوا على مناطق عديدة في محافظات نينوى وديالى وكركوك ولم يكتفوا بذلك بل هم يطالبون اليوم بضم مناطق أخرى خارج خرائط الأمم المتحدة للخط الأزرق التي أخفاها هوشيار زيباري عندما كان وزيراً للخارجية منها مناطق مسيحية وايزيدية وعربية في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى ويطالبون بكركوك أيضاً بعد ان تم إدخال المادة 140 في الدستور بعد الاستفتاء عليه كحل لمشكلة ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها ولم تكن هذه المادة ضمن الدستور المستفتى عليه أي إنكم تريدون ثلث مساحة العراق وتقولون إنكم لستم عراقيين , يعني غير عراقيين ينازعون العراقيين عن مدنهم وأراضيهم وتتنازعون مع الدولة العراقية وتريدون تأسيس دولة كردية في ارض ليست كردية إنما عراقية تاريخاً وجغرافية وحضارة وسكاناً فلماذا لم تؤسسوا دولتكم في وطنكم الأصلي الذي جئتم منه ؟ وهل تسمح تركيا وإيران بقيام كيان كردي على حدودهما ؟ ومن يسمح بتطبيق المادة 140 التي انتهى العمل بها منذ عام 2007 ولم تطبق لأنها سرقة لأراضي ومدن عراقية أصيلة من قبل غير العراقيين باعترافهم والذي يسمح بتطبيق المادة 140 سيئة الصيت فهو ليس عراقي كمسرور بل هو عميل وخائن ومتآمر وأمريكي وصهيوني يريد تقسيم العراق وإعطاء ثلثه للأكراد الذين يعترف قادتهم أنهم ليسوا عراقيين وكل أفعالهم خصوصاً امتناعهم عن تسليم عائدات النفط والكمارك والضرائب للحكومة الاتحادية وكل مشاريعهم تقول كذلك , وأخيراً نقول لمسروران العراق بكل قومياته الأصلية وحتى الوافدة وبكل أديانه وبكل طوائفه سيبقى موحد رغم مؤامرات الأمريكان والصهاينة وعملائهم في العراق الذين يريدون ليس فقط تقسيم العراق بل تدميره أرضاً وشعباً لأنه الخطر الكبير عليهم وعلى مصالحهم . ملاحظة:تنفيذاً لمبدأ حرية الرأي أرجو نشر هذا الموضوع كاملاً مع جزيل الشكر.