الكاتب : غالب الحبكي
—————————————
بقلم غالب الحبكي/العراق
الخطابية : هم أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي، الملقب بـ(الأجدع).
أقرّوا بوفاة إسماعيل بن جعفر في حياة أبيه، وخرجوا خلال حياة الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام)، فحاربوا “عيسى بن موسى”، قائد الجند في عهد المنصور، والذي كان والياً على الكوفة قبل أن يعزله المنصور ويُرضيه بالمال لقاء ولايته لها.
بلغ ” عيسى بن موسى” أن الخطابية استباحوا المنكرات وجاهروا بها، وأن زعيمهم أبي الخطاب ادّعى النبوة، وجمع أتباعه في المسجد الجامع بالكوفة. فأرسل إليهم جيشاً كبيراً ونادى بهم أن يخرجوا، لكنهم رفضوا الامتثال، واعتصموا داخل المسجد وكان عددهم سبعين رجلاً.
نشب القتال بينهم وبين جيش المنصور، فاستُخدم السيف حتى قُتلوا جميعاً، ولم ينجُ منهم سوى رجل واحد، هو “أبو خديجة” سالم بن مكرم الجمال، الذي أُصيب بجراح وتمكن من الفرار. وبعد نجاته، زعم أنه مات ثم بُعث من جديد.
وقد رُوي أن أبا الخطاب أمر جماعته بالقتال وهم بلا سلاح، وامرهم، بالتسلح بما حولهم من القصب، و السكاكين، والحجارة دون الرماح والسيوف، اذ قائلاً لهم:
“قاتلوهم بالحجارة والقصب، فإن قصبكم يعمل بهم عمل الرماح والسيوف، و اعلموا ان سلاحهم لا يضرّكم.”
لكن مع اشتداد المعركة أخذ عددهم بالتناقص ، عندها عادوا إليه وهم ثلاثون رجلاً يخبرونه بأن الأسلحة لم تعمل كما وعدهم، وأن سلاح العدو فتك بهم. فأجابهم أبو الخطاب قائلًا:
“إن كان الله بدأ بكم فما ذنبي؟”
ثم قال لهم ما رُوي عن الشيعة:
“يا قوم، لقد ابتُليتم وامتحنتم، وأُذن في قتلكم على دينكم وحسابكم، فلا تذلّوا، بل موتوا كِرامًا.”
فشتد القتال واستبسلوا جميعاً حتى قُتل آخر رجل منهم، وأُسر زعيمهم “أبو الخطاب” وجيء به الى “عيسى بن موسى” الذي أمر بقتله فوراً، وذلك في دار الرزق بساحة الكوفة، ثم صلبت جثث أصحابه، و أُحرقت بالنار بعد أن قطعت رؤوسهم، كما انها أُرسلت الى بغداد.
وعندما وصلت الرؤوس الى المنصور العباسي ، أمر بصلبها على باب بغداد لثلاثة أيام ، ثم بعدها أُحرقت بالنار .
ورغم ذلك، لم ينتهِ فكر أبي الخطاب المنحرف، إذ بقي بعض أتباعه يروجون لمقولاته بعد هلاكه، زاعمين أنه لم يُقتل، بل شُبّه عليهم، وأن القوم قاتلوا بعضهم بعضاً، ولم يصب أبو الخطاب أو يُقتل مع أصحابه في المسجد.
وأنما ذهب البعض من أتباعه الى الاعتقاد بغيبة أبي الخطاب، فانقسموا الى فرق منها شتى، ومنها.
“المباركية والقرامطة”
يُذكر أن حكومة بني العباس كانت تدّعي فتح أبواب الحرية والانفتاح وكان هذا الادعاء زوراً وبهتانا ، بهدف إنشاء مدارس تروج للأفكار المنحرفة لهدم الآسلام المجتمع وتجهيله، ومنع الناس من الالتفاف حول أئمة أهل البيت، لكن رغم ذلك، لم يفلح مخططهم في طمس الدور الريادي الفكري لمدرسة الاسلام المحمدي العلوي مدرسة الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام)، إذ بقيت تحصّن الأمة الإسلامية من التيارات الفاسدة، وتمسك على قلوب الضعفاء من الشيعة، حتى انكشفت حقيقتها وصارت كالورقة المحترقة في مهب الريح.