الفصائِلُ المُسلَّحة تمرَّدت على فتوى المرجعِ الأَعلى وعلى الدُّستور وعلى قانُون [هيئة الحشد الشَّعبي] وبعدَ جِهادٍ باعَت ولاءَها الوطني!

نزار حيدر

نــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر لمنصَّة [INDEPENDENT عربيَّة]؛

الفصائِلُ المُسلَّحة تمرَّدت على فتوى المرجعِ الأَعلى وعلى الدُّستور وعلى قانُون [هيئة الحشد الشَّعبي] وبعدَ جِهادٍ باعَت ولاءَها الوطني!

   ١/ عندما اجتاحَ الإِرهابيُّون العراق عام ٢٠١٤ واحتلُّوا نِصفَ الأَراضي العراقيَّة وباتَ خطرهُم يُهدِّد البلاد والعِباد أَصدر المرجعُ الأَعلى فتواهُ الشَّهيرة بدعوةِ العراقيِّينَ للجهادِ الكِفائي، وهي كانت فتوى [وطنيَّة] وجَّهت خِطابها لكُلِّ مُواطنٍ عراقيٍّ قادرٍ على حملِ السِّلاحِ، كما أَنَّها سمَّت المُواطن الذي ينخرِط في القتالِ ضد الإِرهابِ بالمتطوِّع وإِلى يَومِكَ هذا لم تُعطهِم الفتوى أَيَّ إِسمٍ أَو صفةٍ أُخرى.

   كما أَنَّ الفتوى دعَت المُتطوِّعين للإِنخراطِ بالأَجهزةِ الأَمنيَّةِ الرَّسميَّةِ حصراً ورفضَت تشكيلَ أَيَّة ميليشيات خارج سُلطة الدَّولة.

   ٢/ تلبيةً لنداءِ الفتوى إِنخرطَ المتطوِّعونَ في القتالِ ضدَّ الإِرهاب فيما أَعادت عدد من الفصائلِ المُسلَّحة التي كانت قد جمَّدت عملها وانخرطت في العمليَّةِ السياسيَّةِ التي رعاها الحاكِم المدني الأَميركي [بول بريمر] أَعادت نشاطها وانخرطَت في سوحِ الجهادِ، ولم يكُن أَحدٌ يعترضُ على أَيِّ مُسمىًّ من المُسمَّياتِ التي تحشَّدت في الحربِ ضدَّ الإِرهابِ فالأَولويَّةُ كانت لحمايةِ البلادِ وعدمِ الإِنشغالِ بالأُمورِ الثَّانويَّةِ.

   ٣/ ولتنظيمِ صفوفِ المتطوِّعينَ بفتوى المرجعِ الأَعلى، أَفراداً وفصائلَ، ولحمايةِ حقوقهِم الماديَّةِ والمعنويَّةِ ومن أَجلِ حصرِ السِّلاحِ بيدِ الدَّولةِ، شرَّعَ مجلس النوَّاب قانون [هيئة الحشدِ الشَّعبي] الذي نصَّ من بينِ موادِّهِ على أَنَّها جزءٌ من المُؤَسَّسة الأَمنيَّة والعسكريَّة وهي تتَّبع القائد العام للقوَّاتِ المُسلَّحةِ.

   كما حظرَ القانون على المُنتسبينَ لها أَيَّةَ إِرتباطاتٍ سياسيَّةٍ وحزبيَّةٍ وغيرِها.

   ٤/ هُنا تحديداً إِفترقَت الفصائِل المُسلَّحة إِلى قسمَينِ؛

   الأَوَّل هو الذي انخرطَ بالهيئةِ والتزمَ بقانونِها فتحوَّل إِلى جزءٍ دستوريٍّ وقانونيٍّ من المؤَسَّسة الأَمنيَّة والعسكريَّة للدَّولة.

   أَمَّا القسم الثَّاني فهُم الذينَ رفضُوا ذلكَ وتمرَّدُوا على قانونِ البرلمان قائلينَ بأَنَّهم لا علاقةَ لهُم بالدَّولة والدُّستور والقانون وحتَّى فتوى المرجعِ الأَعلى لأَنَّ [ولاءنا وسلاحَنا للمُرشدِ الإِيراني الأَعلى] على حدِّ قولهِم وتصريحاتهِم وخطابهِم الإِعلامي المعرُوف والعلني.

   ٥/ ومنذُ أَن تمرَّدت هذهِ الفصائل على الدَّولة بدأَت المشاكل التي حاولَت الحكُومات المُتعاقبة حلَّها بالتي هيَ أَحسن كان آخرها حكومة السُّوداني الحاليَّة التي نصَّت في برنامجِها الحكومي الذي توافقت عليهِ القُوى السياسيَّة وصوَّت عليهِ مجلس الوُزراء والنوَّاب على أَنَّها ستبذِل جُهدها لحصرِ السِّلاح بيدِ الدَّولة إِلَّا أَنَّها فشلت فشلاً ذريعاً في إِنجازِ هذهِ المهمَّةِ الحكوميَّةِ الدستوريَّةِ والقانونيَّةِ كأَخواتِها من الحكوماتِ التي سبقَتها، وذلكَ لـ [٣] أَسباب رئيسيَّة؛

   أ/ حماية طهران لها كونَها تشكِّل اليد الضَّاربة لها في العراق تلجأ إِليها كلَّما أَرادت أَن تحمي نفوذَها في العمليَّة السياسيَّة.

   ب/ حماية الدَّولة العميقة لهذهِ الفصائل بسببِ التَّخادُم الواسع والعميق بين الطَّرفَينِ.

   ج/ الفصائل ذاتها التي ترفُض حلَّ نفسِها وتفكيكِ تشكيلاتِها وتسليمِ سلاحِها للدَّولة والإِنخراط في المُؤَسَّسة الأَمنيَّة والعسكريَّة الدستوريَّة والقانونيَّة، لأَنَّ الإِحتفاظ بسلاحِها خارج سُلطة الدَّولة يُمكِّنها من نفوذٍ إِقتصاديٍّ وسياسيٍّ وأَمنيٍّ واسعٍ ليسَ من السُّهولةِ التَّنازلَ عنهُ وتركهِ.

   ٦/ بالنِّسبةِ لقانونِ الحشدِ المُزمعِ تشريعهِ في مجلسِ النوَّابِ، فهوَ الثَّاني من نوعهِ وهوَ يعتمِدُ على القانُونِ الأَوَّلِ الذي شرَّعهُ البرلمان عام ٢٠١٦ والغرضُ منهُ هو تفصيل الحقُوق والواجبات لحمايةِ جهادهِ وتضحياتهِ، وأَنَّ نُقطة الخلِاف الأَساسيَّة تكمُنُ في تحديدِ سنِّ التَّقاعدِ للمُنتسبينَ، فبينما لا تريدُ زعاماتهُ المُخضرمة تحديد السِّنِّ لتستمرَّ على رأسِ الهيئةِ ترى زعامات سياسيَّة وفصائليَّة أُخرى ضَرورة تحديدِ ذلكَ حتَّى لا يشذَّ المُنتسب للهيئةِ عن بقيَّةِ المُوظَّفينَ في الدَّولةِ، والغرضُ من إِصرارهم هو إِزاحة الزَّعامات المُخضرَمة والحلولِ محلِّها وبالتَّالي للسَّيطرةِ على الحشدِ.

   إِنَّهُ صراع النُّفوذ والمصالح الشخصيَّة ليس إِلَّا!.

ولا أَظنُّ أَنَّ القانون الجديد سيُوازي بين الجيشِ والحشدِ لأَنَّ مرجعيَّتهما واحدةٌ أَلا وهي القائد العام للقوَّات المُسلَّحة والدُّستور والقانون.

   ٧/ يلزَم أَن نُميِّزَ بينَ أَمرَينِ؛

   أ/ الحشدُ الذي شرَّعَ قانونهُ مجلس النوَّاب، فإِذا أَرادت الدَّولة أَن تُلغي الحشد أَو تُعيد تنظيمهُ أَو دمجهُ أَو ما أَشبه فلابدَّ لها بالعَودةِ إِلى البرلمان ليُغيِّر أَو يُبدِّل أَو يُلغي أَو يُعدِّل القانون.

   ب/ أَمَّا الفصائل المُسلَّحة فهي بالأَساس غَير شرعيَّة لا تحمِيها شرعيَّة دينيَّة [الفتوى] أَو قانونيَّة [الدُّستور وقانُون هيئة الحَشد] ولذلكَ نعتَ القائِد العام نشاطها المُسلَّح في أَكثر من مرَّةٍ بالإِرهاب لأَنَّها تتجاوز على صلاحيَّاتهِ الدستوريَّة وعلى صلاحيَّات البرلمان والحكُومة عندما تُعلن الحرب مَثلاً على هذهِ الدَّولة أَو تلكَ!.

   ولذلكَ يجب حلَّها وحصر السِّلاح بيدِ الدَّولة.

   ٨/ عمليّاً وعلى أَرضِ الواقع فإِنَّ الفصائل باتت الآن بحُكمِ منزوعةِ السِّلاح فمنذُ أَكثر من [٥] أَشهر لم تنشَط عسكريّاً ولأَسباب عدَّة لعلَّ من أَبرزِها القناعة التي توصَّلت إِليها كَون سلاحها لم يعُد ذا جدوى بعدَ تحطُّمِ وانهيارِ نظريَّة [وِحدة السَّاحات] ليقينِها بأَنَّ الحرب الجديدة هي ليسَت حرب سِلاح وإِنَّما حرب الذَّكاء الإِصطناعي والتجسُّس والنُّفوذ والإِختراقات الأَمنيَّة وهي الحربُ التي غيَّرت المُعادلات رأساً على عقبٍ في أَكثر من ساحةٍ.

   كما أَنَّ السِّياسات الجديدة التي ينتهجَها الرَّئيس ترامب بشأنِ ما أَسماُه بفوضى السِّلاح في الشَّرق الأَوسط دفعَها كذلكَ لإِعادةِ سلاحِها إِلى غمدهِ وتجميدِ أَيِّ نوعٍ من أَنواعِ النَّشاطِ المُسلَّحِ، وهو أَمرٌ محمودٌ نتمنَّى أَن يُفضي لنزعِ سلاحِها بالكاملِ ودمجِها بمُؤَسَّساتِ الدَّولة، وهو الأَمرُ الذي تعملُ عليهِ الحكومة بالتَّعاون معَ قادةِ هذهِ الفصائل والزَّعامات السياسيَّة بالإِضافةِ إِلى الدَّور الإِيراني المِحوري في هذا الملفِّ، والذي يُساعد الآن على تحقيقِ الهدفِ بشَكلٍ كبيرٍ خاصَّةً معَ انطلاقِ الحوارِ الأَميركي الإِيراني الذي تُفكِّر فيهِ الأَخيرةِ لتقديمِ [تنازُلاتٍ مُؤلمةٍ] [إِن أَمكن] لحفظِ النِّظامِ وانتزاعِ فُرصِ الحربِ التي تبحثُ عنها [تل أَبيب] .

   ٢٠٢٥/٤/١٤

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *