الكاتب : الدكتور ابو عبد الدليمي
—————————————
هل أستجدي الوطنية؟
بقلم: الدكتور أبو عبد الدليمي
في زمنٍ تكالبت فيه المحنُ على الوطن، وتاهت فيه البوصلة بين التبعية والتواطؤ، يصبح الحديث عن الوطنية ليس ترفًا فكريًا، بل صرخة وجود.
أمام طغيان الخيانة، وصمت الحائرين، لا يسع المحب لوطنه إلا أن يُنادي، أن يُوقظ، أن يُحرض الهمم النائمة في القلوب الصادقة.
وهنا، لا أستجدي، بل أُذكّر.
لا أطلب معروفًا، بل أوقظ واجبًا.
فالذي وُلد من تراب هذه الأرض، لا يحتاج إلى تذكرةٍ ليهبّ دفاعًا عنها، بل يحتاج فقط إلى صوتٍ يُنبّهه أن الوقت حرج، وأن الوطن ينادي.
من هذا الإحساس العميق، ولدت هذه القصيدة: “هل أستجدي الوطنية؟”،
صرخةُ عاشقٍ مجروح، ونداءُ مؤمنٍ أن في هذا الشعب بقيةٌ من نار… إن اشتعلت، أحرقت الظلم، وأزهرت حرية.
هل أستجدي الوطنية؟
أأستجدي من الأحرارِ وجدانَ الوطنيّه؟
أظنُّكمُ وُلدتُم على حبِّ الثّرى، بالفطرةِ الأبيّه،
فلماذا التردُّدُ في المسيرِ؟ وما الخفيّه؟
أهو استعجالي لخَلاصِ بلادي المنسيّه؟
أم أنَّ الوقتَ عندكمُ بطيءُ الخُطوةِ الهَنيّه؟
أما في العينِ دمعٌ من نداءِ الثاكلات؟
أما في القلبِ وجعٌ من صراخِ الراحلين؟
ألا تهزُّكمْ أشجانُ ماضٍ لا يلين؟
ألا توقظكمْ نارُ الأسى في الحائرين؟
أنا لا أستجدي، ولكنّي أُشعِلُ في القلوبِ فتيلَ حُريّه،
وأعلمُ أنَّ في الأرواحِ نارًا عربيّه،
فإن كنتمْ كأني، تهيمونَ عشقًا للأرضِ السخيّه،
فحيّ على المسيرِ، فإننا في ساعةٍ مصيريّه.
كفى صمتكمْ، فالعدوُّ طغى،
واستباحَ الربى والذرى والدّنا.
فهلّا وقفنا؟ وهلّا شجبنا؟
وهلّا كسرنا قُيودَ المُنى؟
أنا ماضٍ، حتى وإن وحدي ناديتُ بالنّدى،
فقد عاهدتُ أرضي،
ألا تُهانَ، وألا تُباعَ، وألا تُفقدا.