الديمقراطية : لا يمكن أن تنمو في بيئة الخوف ؟ ( و ) العدالة لا تتحقق في ظل الإفلات من العقاب ؟

خالد القرة غولي

منذ عام ( 2003 ) والعراق يمر بواحدة من أكثر فترات تاريخه المعاصر قسوةً وتعقيدًا ؟ حيث لم يسلم أي قطاع من تبعات الانهيار الأمني والسياسي ، بما في ذلك قطاع الرياضة ، الذي كان من المفترض أن يبقى بعيدًا عن الصراعات والانقسامات ؟ الرياضة كانت دومًا متنفسًا شعبيًا ، ورسالة وحدة ، لكن ما جرى ويجري في العراق بعد الاحتلال الأمريكي ، كشف عن حجم الخلل الذي طال كل المفاصل ، حتى الرموز الرياضية الكبيرة لم تسلم من التصفية والاغتيال ؟
في هذا السياق : لا يمكن نسيان حوادث اغتيال الشخصيات الرياضية حيث تم اختطافهم وتصفيتهم بطريقة بشعة ، ثم سُحلت جثتهم وألقيت في الشوارع ، في مشهد لا يمتّ للإنسانية ولا لأخلاق العراقيين بصلة ؟ لم تكن هذه الحادثة الوحيدة، فقد طالت سلسلة من الاغتيالات عددًا من الرياضيين ، والأساتذة ، والفنانين ، والصحفيين ، في دلالة على أن العنف بات أداة لتصفية كل صوت وطني حر ؟ ما يزيد المشهد تعقيدًا هو غياب المحاسبة ، بل إن البعض من المتورطين في الفساد والعنف باتوا يظهرون على الشاشات ، ويتنقلون بحرية ، في ظل واقع أمني هش ، وعدالة انتقائية ، وإعلام منحاز , في المقابل ، تمّت محاصرة الأصوات المعتدلة ، وممارسة العنف الإلكتروني ضد كل من يعبّر عن رأيه بحرية، ولو في أبسط التفاصيل , لقد جاءت مع الاحتلال فصائل وأحزاب مرتبطة بمشاريع خارجية ، استغلت حالة الانهيار الأمني لتشكيل جماعات مسلحة مارست العنف والفساد ، وأنتجت مشهدًا لا يمكن وصفه سوى بالفوضى المنظمة , لكنّ ذلك لا يمنح أحدًا مبررًا للانتقام الجماعي أو الانزلاق نحو خطاب طائفي أو عنيف ، فالعراق أكبر من الطوائف والمصالح الضيقة ، وأقدس من أن يُحكم بعقلية الانتقام ؟
نحن اليوم بحاجة إلى وقفة وطنية شجاعة ، لإعادة الاعتبار للرياضة وللمؤسسات المدنية ، وتطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين ، وبناء إعلام موضوعي يحترم الحقيقة ويبتعد عن خطاب التحريض ؟ فالديمقراطية لا يمكن أن تنمو في بيئة الخوف ، والعدالة لا تتحقق في ظل الإفلات من العقاب ؟
إن إنقاذ ما تبقى من صورة العراق مرهون بإرادة صادقة لتصحيح المسار ، وإعادة الاعتبار لكل ضحية سقطت بصمت في معركة ليست معركته ؟ الرياضة ليست طرفًا في الصراع ، بل هي أداة للبناء والسلام ، ولذا فإن استهداف الرياضي العراقي هو استهداف لصورة العراق ذاته ..
ولله – الأمر