اراء حرة / الرئيس ترامب والجيش الامريكي /القادم والمتوقع

عماد ياسين الزهيري

بناء على طلب مجموعة من المحللين ألاصدقاء والمتابعين لتسليط الضوء على اللقاء ألاخير للرئيس ترامب ووزير دفاعه مع قادة الجيش ألامريكي برؤية عسكرية وسياسية مبسطة بعيدا عن التنبؤات الحالمة والتي يراد لها التصعيد سياسيا وإشاعة أجواء الخوف والقلق وأمور أخرى  وفيما يلي تحليلي الخاص بناءً على المعطيات المتوفرة وكذلك استنتاجاتي عن الدوافع المحتملة والمخاطر.

١.السياق والمشهد.

قبل الدخول في التحليل، من المهم أن نرصد ما نعرفه من الحقائق حول هذا الاجتماع:

 أ.دُعي مئات من قادة الجيش (جنرالات وأدميرالات) إلى حضور اجتماع استثنائي في Quantico بولاية فيرجينيا، بإشعار قصير، من قبل وزير الدفاع بيْت هيغسِث (Pete Hegseth). 

 ب.في الخطاب هاجم وزير الدفاع (الثقافة الاستيقاظية) (woke culture) ومفاهيم التنوع والمساواة التي رآها فرّقت بين الانضباط المهني والفعالية العسكرية. 

 ج.أشار ترامب إلى فكرة استخدام المدن الأميركية “كميادين تدريب” للقوات، ووصف ما يجري داخليًا بأنه غزو من الداخل (invasion from within). 

 د.تم التهديد ضمناً بأن القادة الذين لا يوافقون على النهج الجديد قد يُطلب منهم الاستقالة أو أن مستقبلهم المهني سيكون مهددًا. 

 هـ.بعض النقاد وصفوا اللقاء بأنه محاولة لتحويل المؤسسة العسكرية إلى أداة ذات طابع أيديولوجي وسياسي،

((وخلاصة ألاجتماع أن خطابه  غاب عنه أي تفاصيل استراتيجية أو توضيح لتهديدات خارجية حقيقية. 

لذا هو الخط الفاصل بين الواقع والمناكفة السياسية)).

٢. تحليل الدوافع المحتملة.

 إ.مزج بين السياسة والعسكرية (تسييس المؤسسة العسكرية)من الواضح أن أحد الأهداف الأساسية لهذا الاجتماع هو ضمان الولاء الأيديولوجي للقادة العسكريين – أي التأكيد على أن القيادة العليا في الجيش لا تنحاز إلى استقلال مؤسسي بحت بل تُحاذي توجّهات الرئيس وهذا أمر مثير للقلق من الناحية الدستورية والعرف المؤسسي إذ إن الجيش الأميركي تقليدياً يُفترض أن يكون مؤسسة مهنية ونزيهة، لا تُستخدم كأداة للحسابات الحزبية.

و عندما يُرسل وزير الدفاع رسالة مفادها إن كلامي هذا قد يجعل قلوبكم تغرق، فاستقيلوا إذا لم تعجبكم فهذه دعوة ضمنية للتطويع أو التهديد. 

ب.تغيير الثقافة والهوية العسكرية

 جزء كبير من الخطاب يتعلق بـ “إصلاح ثقافي” داخل الجيش من خلال

 اولا. رفض سياسات التنوع والمساواة (DEI) التي رآها تهدّد التماسك والكفاءة. 

 ثانيا .إعادة تشديد معايير اللياقة، إلغاء ما يُعتبر (المظاهر غير المهنية)مثل إطلاق اللحى أو التساهل في المظهر. 

 ثالثا .التأكيد على أن المهم ليس حماية “مشاعر الناس” بل الدفاع عن الجمهورية، أي محاولة تأطير الأمور على أنها صراع أخلاقي أو حضاري. 

وخلاصة ذلك ((هذا النهج يعكس رغبة في استعادة “روح قتالية خامة” يراها البعض مفقودة تحت ضغط الاعتبارات الاجتماعية والثقافية المعاصرة)).

ج.إضفاء الشرعية الداخلية والدعم السياسي

مثل هذه الاجتماعات التي تجمع القادة العسكريين “وجهاً لوجه” تتيح للرئيس أن يظهر حضوره أمام المؤسسة العسكرية ويوظف الرمزية والحديث المباشر (الخطاب والقوّة الرمزية) وأن يعزز صورته كرئيس قوي، منفتح على المؤسسة العسكرية، مما قد تكون له مزايا انتخابية أو سياسية وأن يرسل رسالة إلى أنصاره بأن تحركاته ليست كلامًا انتخابيًا فقط، بل لها تأثير ملموس داخل المؤسسات العليا.

د.إعادة توجيه المهام والاعتماد على “الدور الداخلي”

 طبعا برأي الشخصي هذا أخطر ما في ألاجتماع وهو اقتراح استخدام المدن كـ “ميادين تدريب” يعني خلطًا بين المهمة التقليدية للجيش ومهام إنفاذ القانون داخليًا. هذا يمكن أن يكون له عدة دوافع:

 اولا.الرد على التوترات الداخلية (الجريمة، الاحتجاجات، الاضطرابات المدنية) بطريقة عسكرية.

 ثانيا .محاولة توسيع صلاحيات الجيش داخل البلاد لتقديم الدعم في الأزمات الداخلية.

 ثالثا .إرسال إشارة بأن الجيش جزء من معركة داخلية (الأمن الداخلي، مكافحة “الفوضى”) وليس علاقة بتهديد خارجي فقط.

وخلاصة تحليل الدوافع المحتملة انها (( تحمل  مخاطر دستورية كبيرة، لأنه قد يتعدى على مبدأ الفصل بين السلطات ويُخلّ بالتوازن بين المدني والعسكري)).

٣.الدوافع المحتملة

من خلال ما سبق أرى أن دوافع هذا التحرك قد تشمل.

 أ.تثبيت السلطة والرؤية الأيديولوجية.ضمان أن المؤسسة العسكرية لا تكون خصمًا بل شريكًا في المشروع السياسي للرئيس ترامب ونهجه المزاجي

 ب.الاستجابة للقاعدة الانتخابية.التماهي مع توجهات القاعدة التي تطالب بالقوة والصرامة وإصلاح المؤسسات (المنحرفة)باللجوء للقوة.

ج.مواجهة الاستياء الداخلي .داخليًا، يواجه ترامب معارضة في المدن الكبرى وفي دوائر سياسية، وهذا الكلام قد يعزز صورته كمدافع قوي عن النظام.

 د.إعادة هيكلة قيادة الجيش.تمهيد لإطاحة أو استبعاد القادة الذين لا يُعتبرون متوافقين أو الذين يمثلون تيارات معارضة أو معتدلة من وجهة نظره.

 هـ.توسيع دور الجيش داخليًا.إذا نجحت فكرة “المدن كميدان تدريب” فإن ذلك سيمنح الجيش دورًا أكبر في الشؤون الداخلية، قد تستخدمه السلطة في أوقات الأزمات لاسيما هنالك بعض الولايات لوحة بالتمرد وألاستقلال .

٤.المخاطر والتحديات

 أ.التهديد للمبادئ الدستورية. مزج الجيش مع مهام إنفاذ القانون قد يُعتبر خرقًا لنظام الضوابط والفصل بين المدني والعسكري.

     ب.فقدان الثقة المؤسسية.إذا شعر القادة بأن ولاءهم يُختبر أو يُشترط، قد ينخفض الروح المعنوية أو يُثار الانقسام داخل الصفوف العليا.

 ج.المقاومة المهنية.القادة العسكريون محترفون وقد يرون أن التغييرات المفاجئة دون استراتيجية واضحة تُضر بالجاهزية والكفاءة.

 د.التصادم مع القوانين القائمة.مثل قانون “Posse Comitatus” الذي يقيد دور الجيش الفيدرالي في إنفاذ القانون المدني في الولايات المتحدة. 

وخلاصته ان هناك شك في مضمونه  كما أشار بعض النقاد ان الخطاب احتوى على الكثير من الوعود الرمزية ولكن قليلاً من التفاصيل حول كيفية مواجهة التهديدات الداخلية المحتملة و التهديدات الخارجية

الحقيقية.

٥.السيناريوهات المحتملة لنتائج هذا النهج .

سنبني مجموعة سيناريوهات مستقبلية محتملة لاجتماع ترامب مع قادة الجيش الأميركي، استنادًا إلى المعطيات الحالية والدوافع التي ذكرتها لك سابقًا. هذه ليست نبوءات حتمية، بل احتمالات منطقية بناءً على اتجاهات واضحة.

أ.السيناريو الأول.نجاح مشروع (إعادة هيكلة الجيش)

سينجح ترامب ووزير دفاعه في فرض نهجهم، فيتم استبدال أو إبعاد بعض القادة غير الموالين، وتُعاد صياغة الثقافة العسكرية وفق معايير “الانضباط الصارم” وإلغاء سياسات التنوع والنتائج المحتملة.

 اولا.تعزيز صورة ترامب لدى قاعدته الشعبية باعتباره “الرجل القوي”.

 ثانيا .الجيش يصبح أكثر توجهاً نحو الداخل (الأمن الداخلي، مكافحة الاضطرابات).

 ثالثا.تآكل تدريجي في استقلالية المؤسسة العسكرية وحيادها السياسي.

ب.السيناريو الثاني: مقاومة داخلية و”صراع ناعم” داخل المؤسسة

 اولا.الوصف .يعتمد على قيام بعض القادة العسكريين التظاهر بالامتثال، لكنهم فعليًا يعرقلون التوجهات الجديدة أو يبطئون تنفيذها.

 ثانيا .النتائج المحتملة.بروز صراع مكتوم بين البيت الأبيض والقيادة العسكرية.

 ثالثا.احتمال تسريبات من داخل البنتاغون لوسائل الإعلام لكشف الضغوط السياسية.

 رابعا .خطر اهتزاز الثقة بين الرئيس والجيش، مما يخلق فجوة مؤسسية قد تؤثر في القرارات الكبرى (مثل استخدام القوة خارجياً).

ج.السيناريو الثالث.استخدام الجيش بمهام داخلية واسعة

 اولا.الوصف.يتم فعليًا إدخال الجيش بشكل أكبر في الشؤون الداخلية (تدريبات في المدن، دعم الشرطة في مكافحة الجريمة أو الاضطرابات).

 ثانيا .النتائج المحتملة:

 (١)تحسين الانضباط والأمن في بعض المناطق على المدى القصير.

 (٢)تصاعد المخاوف الدستورية (خرق مبدأ الفصل بين الجيش والشرطة).

   (٣)احتمال مواجهات مباشرة بين القوات الفيدرالية وسلطات الولايات المعارضة لترامب.

د.السيناريو الرابع.تراجع تحت ضغط سياسي أو قانوني

 اولا.الوصف: يواجه ترامب ضغوطاً من الكونغرس، المحاكم، وحتى الرأي العام الدولي، ما يحدّ من قدرته على تسييس الجيش.

 ثانيا.النتائج المحتملة:

  (١)عودة المؤسسة العسكرية إلى استقلاليتها النسبية.

 (٢)بقاء التغييرات سطحية (خطاب سياسي أكثر من كونه واقعاً عملياً).

 (٣)ترامب يستخدم الملف فقط كـ “شعارات انتخابية” لكسب جمهور معيّن دون تنفيذ واسع.

هـ.السيناريو الخامس.أزمة دستورية أو تصعيد غير متوقع

 اولا.الوصف.إذا حاول ترامب إجبار الجيش على تنفيذ سياسات مرفوضة بشدة داخليًا، قد يرفض بعض القادة، مما يفتح باب أزمة دستورية علنية.

 ثانيا.النتائج المحتملة:

 (١)استقالات جماعية أو إقالات لقادة بارزين.

 (٢)شلل في القرارات العسكرية الحساسة (خصوصًا في حال وجود أزمة خارجية كبرى).

 (٣)ارتفاع التوتر السياسي الداخلي، واحتمال احتجاجات أو اضطرابات.

٦.الخلاصة . يمكن تطبيق معايير التنبوء العلمي والاستشراف بخصوص السيناريو الاكثر أحتمالا وترجيحا ومستوى (قصير المدى)مزيج من السيناريو الأول والثاني مع بعض التغييرات الشكلية والرمزية، مع مقاومة داخلية ناعمة والأكثر خطورة (متوسط المدى)هو السيناريو الثالث (توسيع دور الجيش داخليًا) لأنه قد يغيّر طبيعة المؤسسة العسكرية الأميركية جذريًا  والاخطر أستراتيجيا هو السيناريو الخامس والمعني بالتوازن الإقليمي كما إذا اعتمد ترامب سياسة أكثر تشدداً تجاه إيران أو سوريا، فالعراق سيكون ساحة توازن رئيسية بين النفوذ الأميركي والإيراني، مما يزيد الضغط على حكومته.

وسيكون التأثير الأساسي للقاءات كهذه على العراق يتمثل في ملف الوجود الأميركي والضغوط المتبادله بين امريكا وأيران والدعم الأمني والاقتصادي، ما يجعل العراق عرضة للتجاذب بين القوى الكبرى أقليميا ودوليا .

لذا أوجه عناية صناع القرار ومتخذيه وأصحاب ألاقلام الوطنية عدم صناعة الخوف والقلق والرعب لكل صغيرة وكبيرة في الداخل ألامريكي وعلينا أن نتيقن ان العراق رقم مهم في الساحة الاقليمية والدولية وهو في حالة نمو سياسي واقتصادي وديمقراطي وهنالك حاجة لان يعود قويا ومؤثرا عربيا وأسلاميا

وحفظ الله العراق وشعبته ووحدته

الفريق ق خ الركن الدكتور

عماد ياسين الزهيري