ملامح البرنامج الحكومي المثالي للعراق 2025–2030… دولة توازن الشرق والغرب

ضياء ابو معارج الدراجي

في لحظة حسّاسة يمرّ بها العراق، ومع حاجته الملحّة إلى مشروع وطني يعيد بناء الدولة ويستثمر ثروات البلاد ويُحسن إدارة علاقاته الإقليمية والدولية، تبرز الحاجة إلى برنامج حكومي واقعي، عميق، قابل للتنفيذ، ويضع مصلحة العراق أولاً.

المرحلة المقبلة لا تحتمل حلولاً ترقيعية أو شعارات.

إنها تحتاج إلى رؤية سياسية وأمنية واقتصادية متكاملة تمسك بعصب الدولة وتعيد مكانة العراق الطبيعية لاعباً أساسياً في المنطقة.

وفي ما يلي أبرز ملامح البرنامج الحكومي المثالي للعراق 2025–2030:

1. الأمن وهيبة الدولة: الأساس الذي تبدأ منه كل نهضة

لا يمكن للاقتصاد أن يزدهر أو للزراعة أن تنمو أو للاستثمار أن يدخل بلدًا غير مستقر.

لذلك فإن أولويات الدولة يجب أن تكون:

-حصر السلاح بيد الدولة دون استثناء.

-اصدار قانون الحشد الشعبي ضمن إطار رسمي يخضع للقيادة العامة للقوات المسلحة.

-توحيد الأجهزة الأمنية والمخابراتية في غرفة عمليات واحدة.

-حماية الحدود مع إيران وتركيا وسوريا عبر رادارات ومسيرات متطورة.

-إطلاق “المدن الذكية الآمنة” بنظام كاميرات وذكاء اصطناعي.

-مكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات بقوة خاصة تابعة لمجلس الوزراء.

إن نجاح هذه الخطوة سيعيد للدولة هيبتها، ويمنح الاقتصاد فرصة للتنفس والنمو.

2. الجيش والقوة العسكرية: بناء توازن ردع لا توازن حرب

يعتمد البرنامج على تطوير الجيش وفق توازن بين الخبرات الشرقية والغربية:

-منظومات دفاع جوي صينية متقدمة.

-تدريب وحدات النخبة مع الولايات المتحدة وأوروبا.

-تعاون مع إيران في أمن الحدود ومكافحة الإرهاب الجبلي.

-شراكات تصنيعية مع تركيا والصين لتطوير الصناعات العسكرية.

بهذا يصبح الجيش قوياً، محترفاً، وقادراً على حماية الدولة دون تحويل العراق إلى ساحة مواجهة لأي محور.

3. سياسة خارجية متوازنة: العراق جسر بين الشرق والغرب

العراق يمتلك خصوصية فريدة:

-هو بلد ذو أغلبية شيعية ترتبط روحياً وثقافياً بالجمهورية الإسلامية في إيران،

وفي الوقت نفسه يمتلك مصالح كبرى مع الصين، تركيا، الخليج، أوروبا، والولايات المتحدة.

لذلك يقوم البرنامج على معادلة التوازن المذهبي:

-علاقة استراتيجية مع إيران تقوم على الروابط المذهبية والثقافية والاقتصادية، واحترام السيادة المتبادلة.

-شراكة اقتصادية كبرى مع الصين في البنى التحتية والطاقة والنقل.

-علاقة طبيعية متوازنة مع أمريكا تمنح العراق دعماً أمنياً وسياسياً دون تدخل.

-تعاون اقتصادي واستثماري واسع مع دول الخليج.

-تفاهمات استراتيجية مع تركيا حول المياه والتجارة وطريق التنمية.

-شراكات مع أوروبا في التعليم والصحة والطاقة المتجددة.

العراق وفق هذه الرؤية لا يتبع أحداً، ولا يعادي أحداً، بل يصبح مركز التقاء مصالح المنطقة.

4. العلاقة المذهبية–الثقافية الإقليمية: بعد طبيعي لهوية العراق

يؤكد البرنامج على البعد الثقافي للمكوّن الشيعي في المنطقة، بصياغة سياسية وقانونية محترمة:

“يعزّز العراق علاقاته الثقافية والدينية والإنسانية مع المكوّنات الشيعية في المنطقة باعتبارها امتداداً حضارياً وروحياً مشتركاً، مع الالتزام الكامل باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واعتماد التواصل الديني والفكري جسوراً للتعاون بين الشعوب.”

بهذه الصيغة يتم الاعتراف بالامتداد الطبيعي دون الإضرار بمصالح الدولة أو التزاماتها الدولية.

5. الاقتصاد والتنمية: تقليل الاعتماد على النفط

الاقتصاد العراقي لا يمكن أن يستمر قائماً على النفط وحده.

لذلك تتركز رؤية البرنامج على:

-تشغيل ميناء الفاو وربطه بطريق التنمية وصولاً إلى أوروبا.

-بناء المدن الصناعية بالشراكة مع الصين والخليج.

-دعم 200 ألف مشروع صغير بفائدة صفر.

-تفعيل صندوق السيادة العراقي لحماية الأجيال المقبلة.

-تحويل العراق مركز عبور تجاري عالمي بين آسيا وأوروبا.

6. الطاقة والكهرباء: حلول عملية لا وعود

تعتمد المعالجة على:

-الغاز الإيراني + الربط الخليجي + الطاقة الشمسية الصينية.

-محطات سيمنز الأوروبية الحديثة.

-إنهاء حرق الغاز خلال 3 سنوات.

-شبكة توزيع جديدة وعدادات ذكية.

بهذا تنتهي أزمة الكهرباء بنسبة 80% خلال 5 سنوات.

7. الزراعة والمياه: الأمن الغذائي خط أحمر

من خلال:

-استصلاح 3 ملايين دونم بالري الحديث.

-تعاون زراعي مع إيران وتركيا والصين.

-مشروع الحزام الأخضر لمكافحة العواصف.

-منع الاستيراد عند ذروة الإنتاج المحلي.

8. مكافحة الفساد والإصلاح الإداري

-قانون “من أين لك هذا؟” بلا استثناء.

-التحول الرقمي الكامل للخدمات الحكومية.

-نافذة موحدة للمعاملات.

-هيئة نزاهة تنفيذية بصلاحيات واسعة.

9. الشباب والسكن

-تشغيل 300 ألف شاب عبر المشاريع الصغيرة.

-توزيع 500 ألف قطعة أرض.

قروض إسكان بلا فوائد.

-دعم الرياضة والقطاع الثقافي والفني.

الخلاصة

العراق يمتلك فرصة تاريخية ليكون:

-دولة ذات سيادة قوية

-لاعباً إقليمياً مؤثراً

-محور توازن بين الشرق والغرب

-مركزاً اقتصادياً كبيراً

-دولة زراعية وصناعية لا ريعية فقط

-مجتمعاً شاباً قوياً

-نموذجاً سياسياً مستقراً في المنطقة

إن تطبيق هذا البرنامج يعني ببساطة:

انتقال العراق من مرحلة “إدارة الأزمات” إلى مرحلة “صناعة المستقبل”.

ضياء ابو معارج الدراجي