العراق في يوم نصره العظيم

العراق في يوم نصره العظيم

كتب رياض الفرطوسي

حين يطلّ يوم النصر العظيم على العراق، لا ينبغي أن يكون مجرد عطلة يختبئ فيها الناس في بيوتهم بين أركان الروتين اليومي، أو بين مشاجرات تافهة، أو بين جولات التسوّق والحدائق المنزلية. العطلة الحقيقية هي تلك التي تتحول إلى مهرجان للذاكرة والوعي، حيث تتجسد وحدة المجتمع وحيوية الحياة المدنية، وتستيقظ فيها الروح الوطنية على إيقاع الاحتفاء والتقدير.

كان يمكن لعطلة كهذه أن تكون مناسبة لتزدهر فيها الفنون والموسيقى، أن تتجول الفرق المسرحية في الساحات لتعطي قصة الانتصار حياة جديدة، أن تُعرض الأفلام الوطنية التي تحكي شجاعة الجنود وتضحيات المدنيين، أن تنشط النقابات والاتحادات، أن يتحرك كل قطاع من المجتمع للاحتفاء بمناسبة لا تعكس الماضي فحسب، بل تعطي دروساً في الشجاعة والوفاء والانتماء.

معركة العراق ضد داعش لم تكن مجرد صراع عابر، بل كانت امتحاناً وجودياً لأمة بأسرها، معركة أُعيد فيها تعريف معنى البطولة والتضحية. كل العراقيين، بلا استثناء، أصبحوا جزءاً من قصة النصر؛ كل مكون وطائفة ساهموا، وكل قلب اتحد على حب الوطن والدفاع عن الأرض والمقدسات. لم تكن الطائفية أو الانقسامات العرقية لها مكان في هذه المعركة، رغم محاولات البعض تشويه الحقائق.

في هذا اليوم، يجب أن نحتفي ليس فقط بالنصر العسكري، بل بالنصر الأخلاقي والوطني، بالنصر الذي أعاد للعراق كرامته، وبنى صورة جديدة لشعبه في أعين العالم. يوم النصر العظيم هو دعوة للتأمل في ما صنعه العراقيون: وحدة رغم الاختلاف، قوة رغم المحن، وأمل رغم الخراب.

العطلة في هذا اليوم ليست مجرد راحة من العمل، بل فرصة لإحياء روح المجتمع، لنسرد القصص، لنعلم الأجيال الصغيرة معنى التضحية، ونؤكد أن الحرية والسيادة ليست مجرد كلمات على الورق، بل هي ثمرة جهد جماعي يخلد في الذاكرة والوجدان.

اليوم، في يوم النصر العظيم، العراق لا يحتفل فقط بانتصار على عدوه، بل يحتفل بروحه، بعزيمته، بوحدته التي لم تُكسر، وبحكاية أمة كتبت بفخر صفحتها الأجمل.