نوفمبر 22, 2024
333

اسم الكاتب : قاسم الفرطوسي

في بداية عام 2008 فاجأتنا دار المرتضى للطباعة والنشر باصدار كتاب ” عرب الهور ” لمؤلفه ولفريد ثيسيغر وترجمة الدكتور سلمان عبد الواحد كيوش . هذا الكتاب نفسه سبق لدار الشؤون الثقافية ان اصدرته عام 2005 لمترجم أخر هو الاستاذ حسن ناصر، وتعد ترجمة ابن كيوش هذه هي الادق لانه من أبويين عاشا الشطر الاول في حياتهما فلاحين على ضفاف الهور وقد ذهب الدكتور بنفسه الى اهوار المجر الكبير ودقق بمفردات ترجمته.

ولد ولفريد ثيسغر في الحبشة وهو اكبر اولاد المندوب السامي البريطاني فيها , ودرس الدراسة الثانوية في ” ايتون ” والدراسة الجامعية في جامعة اكسفورد في لندن ودرس اللغة العربية في دمشق , قطع الربع الخالي وعاش مع البدو فألف كتابه الذي يتناول هذه الرحلة ( رمال عربية ) دخل الاهوار عام 1950 وتجول في مجاهلها لسبع سنوات , وكان مضيف ( صحين أبن كاظم الفريجي ) في أهوار العمارة مقراَ له , وكان الفريجات أخوتاً له , كما يصرح ثيسيغر بذلك , وكان مضيف الشيخ جاسم الفارس الفرطوسي في الاهوار المحاذية للناصرية مقراً أخر له , قال ثيسيغر عن الفرطوس ما نصه ( عندما أدخل بيتاً من بيوت الفرطوس أشعر وكأنه بيتي ) أما في البصرة فكان مضيف صديقه الحاج حميد الحجاج , وهو صاحب أكبر معمل نجارة بدائي لصناعة المشاحيف , مأوى له , وتنتهي عنده رحلاته حين ما يتجه جنوباً , وكانت ( طرادة ) ثيسيغر من صنع هذا الرجل , عاش ثيسيغر مع شيوخ الاهوار فالح أبن مجبد الخليفة , ومزيد أبن حمدان , ومع صديقه الجليل ( السيد سروط ) , أنتهت هذه الرحلات والمغامرات في الاهوار بكتاب جميل سماه ( The Marsh Arabs ) أو عرب الهور الذي صدر عام 1964 في لندن , وقد أثرى هذا الكتاب المعرفة العالمية وترجمت إلى معظم لغات العالم .

وبعد أكثر من خمسين سنة مرت سريعة على مغادرة ثيسيغر لأهوار الجنوب العراقي مازلت أجد صدى نبرات صوته في أذني , وصورته بقامته الفارعة الطول وأنفه الطويل المدبب في مخيلتي حيث كان كثير المرور بقريتنا ” الصحين ” وكنا نتجمع حوله نحن اطفال المعدان , كان صديقاً لنا بحق وأجرى للأطفال عمليات الختان , وكنا نلقبه ( صاحب ) وكان يعتز بهذه التسمية .

أما الدكتور سلمان عبد الواحد كيوش الفريجي فهو من مواليد عام 1958 في بغداد , وينتمي إلى عشيرة الفريجات التي مازال رجالها متمسكين بجذور قصب أهوارهم وبدفء مضايفهم الشامخة على ضفاف مايسمى بنهر العز بعد التجفيف عام 1992 , لذلك واستكمالا لترجمته الرائعة , ذهب إلى ” أهوار الوادية . الكباب , ابو مغرفات ” ( ص و ) والكتاب بنسخته الانكليزية في حقيبته , ولغرض الوصول إلى ترجمة دقيقة متأنية عمد المترجم إلى سؤال الشيوخ والرجال الذين ما زالوا على قيد الحياة من الذين عاش ثيسيغر معهم ورجال مشحوفه ( دوافيع ) , وتقصى التسميات سواء أكانت أسماء أماكن أو اشياء أو شخوص من التي تركها المؤلف مبهمه , واستعان أيضا بالكثير من الشخصيات التي خبرت الاهوار وعرفتها منذ الصغر, لذلك طاف عليهم في مدينة الصدر وغيرها ( ص م ) .

كما أن أبن كيوش يمتلك خزيناً ثقافياً وتراثياً كبيراً ساعده على اتمام مهمته , وسهلت عليه الترجمة والشرح , فأصبح المتلقي يستأنس بالشروحات والهوامش أكثر من استئناسه بمتن الكتاب أحيانا , وكانت الشروحات من طول الاسهاب بحيث يشعر القارئ أحيانا أنها تغطي على الكتاب وتفوقه ,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *