اسم الكاتب : ابراهيم خليل العلاف
رحم الله الباحث التراثي العراقي الاستاذ زهير القيسي ، فكلنا يتذكر عنوان برنامجه الذي كان يقدمه من اذاعة بغداد ( اسمك عنوانك) ، فالاسماء لها مدلولات .. ولهذه المدلولات معانٍ ومضامين ..ان هي اسماء سميتموها انتم واباكم … ان من حق الولد على الاب ان يختار له اسما محببا وقد قيل في الاثر :” خير الاسماء ما حمد وعبد ..محمد –احمد –محمود –حامد –عبد الله –عبد الرحمن – عبد الكريم –عبد الستار –عبد القادر . وللاسماء معان لابد ان تتطابق مع الواقع وليس كما قال الشاعر معروف الرصافي عندما وصف الحكم في العهد الملكي بقوله :
علم ودستور ومجلس امة ***كل عن المعنى الصحيح محرف
اسماء ليست لنا سوى الفظها ***اما معانيها فليست تعرف
اذا عندما نسمي ، فلابد ان يتطابق الاسم مع الواقع نأتي الى شركة او بنك يسمي نفسه بنك النزاهة واذا هو بعيد عن النزاهة بعد السموات عن الارض .على كل فالاسماء لها كما قلنا معان ومدلولات ولدينا اسماء لدول واسماء لمدن واسماء لحرف ومهن واسماء لادوات واسماء لمواضع واسماء لمؤسسات واسماء لاشخاص ..وفي هذا المقال سنحاول الوقوف عند بعض مدلولات اسماء المدن والمواقع العراقية لنتبين معانيها واسباب تسميتها لما لذلك من اهمية في تأصيل الاسماء .. وهنا لابد ان نقول اننا خبراء في تغيير الاسماء وتبديلها مع كل عصر ومرحلة ؛ فالشارع الذي كنا نسميه “شارع غازي في بغداد ” ابدلناه بعد ثورة 14 تموز 1958 الى ( شارع الكفاح) وشارع الملك فيصل الاول في الموصل اسميناه ( شارع العدالة) ، وكلية الملكة عالية ببغداد اسميناها بعد الثورة ك ثورة 14 تموز 1958 ب ( كلية التحرير ) ثم عدنا فسميناها ( كلية البنات) ..وهكذا الجسور والشوارع والاحياء .قد تختفي اسماء / وتبقى اسماء وتبرز اسماء .حتى اسماء الوزارات فأننا سباقين الى تبديلها وبأسرع من البرق ..هذه ( وزارة المعارف) صارت بعد 1958 ( وزارة التربية والتعليم) ثم حذفت كلمة التعليم وظلت (وزارة التربية) وهذه وزارة العدلية صارت ( وزارة العدل) وهكذا …اسماء جميلة كان بودنا ان تبقى منها مثلا ( دار المعلمين العالية ) التي تأسست في بغداد سنة 1927 تحولت الى كلية التربية ثم انشطرت الى كلية التربية للانسانيات بأسم ” كلية التربية ابن رشد ” وكلية التربية للعلميات بأسم “كلية التربية ابن الهيثم “….هذه التغييرات في الاسماء تجعلنا نفقد الكثير من قيمة هذه الاسماء وارتباطها بحقبة معينة فما الضير في ان تظل دار المعلمين العالية هذه المؤسسة التربوية العظيمة التي تعود الى سنة 1923 وارتبطت بالحياة العلمية والثقافية والسياسية للعراق المعاصر ..هذه الدار التي خرجت نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد هذه الدار التي عرفت خيرة الاساتذة العراقيين امثال مصطفى جواد وعبد الرزاق محيي الدين وفيصل الوائلي واحمد عبد الستار الجواري وجواد علي ومحمد الهاشمي وحاتم الكعبي وعاتكة الخزرجي ..كان خريج دار المعلمين العالية يفخر بتخرجه من هذه الكلية وكان يطلق على من يتخرج فيها مصطلع ( درمعي ) أي خريج دار المعلمين العالية .اذا للاسماء اصول وجذور وهذه الاصول والجذور ترتبط بأحداث ووقائع ، وهنا لابد ان نشيد بكتاب الاستاذ المحامي جمال بابان الموسوم : ( اصول اسماء المدن والمواقع العراقية ) الذي طبع اكثر من مرة ابتداء بسنة 1976 حين ظهرت الطبعة الاولى .في هذا الكتاب المؤلف من ثلاثة أجزاء معلومات جميلة وطريفة ومفيدة عن اصول اسماء المدن والقرى والمواقع والجبال والانهر الكائنة في جميع انحاء العراق ..ولم يكتف المؤلف بذلك بل قدم لنا معلومات جغرافية واثارية وتاريخية عن تلك المواقع ..ومما اكده ان ارض العراق قد شهدت قيام حضارات عديدة منها الحضارات السومرية والاكدية والبابلية والاشورية والحضرية فضلا عن الحضارة الاسلامية في ادوارها المختلفة في عهد الخلفاء الراشدين والامويين والعباسيين ..كما شهدت ارض العراق تلاقحا مع حضارات مجاورة ومنها الحضارة اليونانية والرومانية والفارسية والعثمانية …لقد عرف العراق ايام خير وقوة ونهضة كما عرف ايام تخريب ودمار وضعف وامراض وفيضانات وحروب كل هذه طبعت بصماتها على اسماء كثير من المدن والمواقع العراقية باللغات التي كانت سائدة بحيث يمكن ملاحظتها عند تتبعنا لجذور واصول تلك الاسماء …مثلا القشلة ، والسرجخانة ، والاكمكخانة ، والسراي ، والشورجة ، والبارودخانة والقلغ ، والفرمانات ، والعبخانة ، وباش طابية ..الاسماء –احبتي الكرام – التي تطلق على المدن او الانهر او الجبال في اي بلد تعود الى لغات مختلفة في تاريخ ذلك البلد وتركيبته السكانية …فما ساد في مدن الشمال من اسماء غير ما ساد في الوسط والجنوب …نقول السليمانية واربيل ونقول بغداد والحلة ونقول البصرة والديوانية والنجف ..لكل هذه الاسماء معان ولهذه المعاني اصول فقد يطلق الاسم بسبب واقعة وقد يطلق على اسم شخص او عالم ديني او قوم معينين او نبات اوحيوان اوو غيرذلك ومعرفة هذه الاسماء والاماكن التي اطلقت عليها وتحليل الدافع الى اطلاقها والنتائج التي تترتب على ذلك مهمة وضرورية وهذا ما جعلنا نخصص هذا المقال للحديث عن الاسماء في العراق واصولها وجذورها ومعانيها ومعرفتنا الاسماء يقودنا الى معرفة تاريخ التحولات التاريخية ..قد تكون جذور تلك الاسماء اشورية ، وقد تكون بابلية ، وقد تكون سومرية ، وقد تكون كلدانية وقد تكون عربية او كردية او تركمانية او صابئية او شبكية .ان مما يجب ان نقف عنده ان ثمة اسماء عراقية تبدأ ببيت ، أوبيث ومعنى هذا ان الجذر كلداني ..بيث حزاني ، وبيث عقوبة ، وبيث داد ، وبيث عقوبة وكثيرا ما تصحف تلك الاسماء لتقلب البيث الى ابو فهذه ابو صيدا او تقلب الى باء وهذه باريما .. هناك اسماء عربية الاصل تبتدأ بتل او ابو او ام او عين او خربة وهناك اسماء كردية سر (سه ر ) بمعنى فوق او راس ونقول (كاني ) بمهنى عين ماء او شيخ وقد ينتهي الاسم بكلمة (أوا بمعنى معمورة ) وفي الاسماء ذات الجذر التركماني ترى كلمة تبة اي تل ومرتفع ومنها قرة تبة اي التل الاسود او نشاهد كلمة اسكي اي قديم ومنا اسكي كلك واسكي موصل وقد نجد اسماء في اللغات المختلفة دخلت عليها كلمات مثل قلا –قلعة –دير –قنطرة –خان =فجعلتها اسماء مركبة كما يقول الاستاذ جمال بابان .يقينا هذا موضوع شائك وفيه مشاكل ويحتاج الى معرفة باللغات المختلفة ..الان لدينا اسماء اجنبية دخلت حياتنا بل دخلت لغتنا فلغتنا العربية حية تأخذ وتعطي ولاضير في ذلك :الراديو والتلفزيون والموبايل والانترنت والفيسبوك والتويتر والسكاي بي ، واليوتيوب والبلوكرز ، والهكرز ، والكوكل درايف ، والبراوس والبروفايل واللايك وووهنا لابد ان انوه بأن لدينا اساتذة اهتموا بالوضوع فضلا عن من ذكرنا اقصد الاستاذ زهير القيسي واسمك عنوانك وجمال بابان في كتابه عن اصول اسماء المدن والمواقع العراقية .لقد اهتم الاستاذ طه باقر بأصول الاسماء القديمة وكذلك فعل الاستاذ فؤاد سفر في كتابيهما ( المرشد الى مواطن الاثار والحضارة ) في العراق ..كما اهتم بالموضوع الاب انستاس الكرملي والاستاذ كوركيس عواد والاستاذ توفيق وهبي …ولاشك في ان كتب المعاجم والموسوعات تساعدنا في ولوج هذا الميدان …هذا الميدان واسع وهذا الميدان مفتوح للاجتهادات وما نقوله بشأن التسميات ليس نهائيا وما قاله غيرنا ليس نهائيا كذلك .اقول ايضا ان بعض الاسماء العراقية وحتى تنطق بشكل صحيح لابد ان تقرأ بحروف معجمة فلدينا الكاف المعجمة ولدينا الباء وتحت الباء ثلاث نقاط ولدينا الفاء وفوق الفاء ثلاث نقاط ولدينا الجيم المعجمة وغيرها ومن المؤكد اننا لانمتلك مثيل هذه الحروف في لغتنا العربية .تبقى لدينا مسألة لابد من التحدث عنها وهي اننا اذا اردنا ان نضبط اصول الاسماء فعلينا ان نراعي التسلسل التاريخي للاحداث التي مر بها العراق ابتداء بالعصور القديمة والعصور الاسلامية والفترة المغولية والفترة المظلمة والفترة الصفوية الفارسية والعثمانية التركية وفترة الاحتلال البريطاني والانتداب البريطاني والعهد الملكي الهاشمي والعهد الجمهوري بحقبه المختلفة وفترة الاحتلال الاميركي ومابعد الاحتلال ..اتذكر اننا شهدنا في الموصل قيام أحد المحافظين ابان الاحتلال الاميركي بأطلاق اسم ( شارع الفرقة 101 على شارع مهم في الموصل هو اليوم (شارع الدكتور محمود الجليلي ) كما فعل من قبل اسلافه عندما اطلقوا على حديقة مهمة في الموصل اسم (حديقة ايمري) وميدان مهم في الموصل اسم ( ميدان فانشو) وايمري هو ليوبولد ايمري وزير المستعمرات البريطاني ، والجنرال فانشو هو القائد البريطاني الذي احتل الموصل ..ولنبدأ الان بأسم العراق والعروق من العروق وثمة اراء حول اصل كلمة عراق فثمة من يرى انها من كلمة اراك واراك واوروك وكلها تعني الحد الجنوبي . اكتفي بها القدر .