نوفمبر 21, 2024
syria111-sm

اسم الكاتب : رياض سعد

كانت الاخبار تأتي كالصواعق , والشائعات تنتشر بين الاغلبية العراقية كسرعة البرق ؛  ابتداءً  بقصص قصر النهاية المرعبة وابو طبر ؛ وصولا  لحوادث السير الغامضة والجثث الملقاة في الاماكن المهجورة او على جانب طريقٍ ما , و انتهاءا  بالمقابر الجماعية وحفلات التعذيب وفرق الاعدامات  …  , حكايات وفاة المعتقلين تحت التعذيب وتعرضهم لصنوف العذاب الرهيبة والتي لا تقوى الجبال الرواسي على حملها  ؛ اصبحت حديث الناس ؛ ناهيك عن المشاهد اليومية لمئات المجانين الذين يجوبون مناطق الاغلبية العراقية والذين اصيبوا  ب لوثات عقلية وبأمراض عصابية مُزمِنة بسبب التعذيب وكان منهم اساتذة وشخصيات اجتماعية مرموقة … , وكانت تمر علينا يوميا احاديث و  استغاثات  أهالي المعتقلين واصدقائهم  وهم يحكون صدماتهم وذهولهم المُقبِض من آثار ما رأوه على ذويهم  واقربائهم في الزيارات الخاطفة المرتبكة، أو ممّا سرّبه لهم  رجل امن  ما ؛  ليظلّ السؤال القاسي يُعربد في العقول وقتذاك : ما الهدف من وراء ما يجري للمعتقلين السياسيين  والسجناء العراقيين في  العراق ؟!

وعلى الرغم من شدة العذاب والامه وتردي الاوضاع الصحية للمعتقلين ؛ لم يكن بالإمكان السماح لهم بالشكوى او الطلب من الجلاوزة بتخفيف دورات العذاب او تحسين نوعية الغذاء القليل , اذ كل من تسول له نفسه الشكوى من هذا الجحيم الصدامي يتعرض للعذاب المضاعف واحيانا للموت الزؤام . 

حكايات مؤلمة وقصص رهيبة تراكمت عبر العقود الثمانية العجاف  ؛  ابتداءً من الاحتلال الانكليزي وحكومات الفئة الهجينة الملكية,  و مرورًا  بالحكم  العارفي الطائفي المقيت , وانتهاءا بالحكم البعثي التكريتي الصدامي الاجرامي ، و إذا استدعينا بعض ملامحها  المنكوسة فيمكنك أن تمسك طرف إطار الصورة المُخيفة التي لا زالت تتوارى خلف حُجُب الاستبداد والقهر والفقر والاقصاء والتهميش والتجهيل … الخ ، وسيكون من حقّك – آنئذٍ- أن تتوقّع إمكانية معرفتنا بحقيقة بعضٍ ممّا جرى في تلك السنوات الرهيبة والعقود السوداء ... ؛ واليك رسالة عراقي اصيل كان قابعا في احدى معتقلات الفئة الهجينة والطغمة الصدامية توضح لنا جزءا يسيرا من الحقائق المغيبة  وقد كتبها على احدى جدران زنازين سجن ( ابو غريب )  قبل اعدامه : (( انا لا اخاف من الضرب والتعذيب , اذ طالما خدرت اعضائي من شدة الضرب والتعذيب , ولا اهاب الموت فاني ذاهب الى رب كريم حيث التحق بإخواني الاعزاء حسين وكرار ومحمد , لكني لا ارغب في ان اموت بين هؤلاء المجرمين , اريد بعد هذا العذاب ان اعود الى المعتقل في الرضوانية  واسلم الروح بين السجناء المظلومين والاحرار المعتقلين , فالموت بينهم سهل , ويخيل الي انه سيكون مريحا بعد رحلة العذاب الطويلة , اشارك الذين ينازعون الموت مثلي لشدة التعذيب , اريد ان اختلط بهم وان اموت معهم في احدى زوايا الرضوانية )) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *