نوفمبر 21, 2024
26

اسم الكاتب : رياض سعد

ان الحدث التاريخي غير منقطع عما قبله وما بعده بل يتسم بالاتصال والتواصل والاستمرارية فهو اشبه بعلاقات النتائج بالأسباب ؛ فما نعيشه الان من تشرذم وتخندق طائفي وعرقي يعتبر محصلة طبيعية لمقدمات تاريخية معروفة .
ومن الواضح ان اختلاف التركيبة العرقية بل والثقافية كبير جدا بين بعض مناطق بغداد وشمالها صعودا للشمال العراقي مع بعض المناطق السنية الغربية كالأنبار ؛ ناهيك عن الجنوب و الوسط العراقي , اذ كانت للسياسات الاستعمارية التي ادخلتها الادارة البريطانية ومن قبلها العثمانية للسيطرة التامة على مقدرات بلاد الرافدين ؛ اثارا سلبية على الوحدة الوطنية الحقيقية والانصهار في بوتقة المواطنة العراقية , اذ عمل المحتل العثماني والمستعمر الإنكليزي الخبيث على تمكين الغرباء والمرتزقة والمماليك والطارئين والوافدين قريبا الى العراق من الحكم والسلطة والنفوذ , بذريعة انهم من السنة او لانهم من الموالين للخلافة الاسلامية العثمانية وقتذاك ومن بعدها الاحتلال الانكليزي , واستعباد السكان العراقيين الأصليين واقصاءهم ؛علما ان سنة العراق لا يشكلون اغلبية على مر التاريخ العراقي – بواقعها العقدي الحالي – , وهم خليط غير متجانس عرقيا وثقافيا ولا يجمعهم شيء سوى طاعة الحكام و العدو المشترك الوهمي الذي رسخه المحتل المنكوس والمستعمر الخبيث في العقول العفنة الطائفية لهؤلاء الدخلاء والغرباء ( اللملوم ) , وقد انعكس هذا الفكر السياسي المنكوس على الواقع العراقي فيما بعد , اذ تم عزل الجنوب والوسط عن باقي العراق بل وصل الامر فيما بعد الى عزل المناطق التي يتواجد فيها الكرد – في العهد الصدامي – ؛ اذ لم تحظى هذه المناطق المعزولة بالعزل الطائفي والقومي والعرقي والثقافي باي اهتمام ذي بال من لدن الحكومات الطائفية المتعاقبة على حكم العراق منذ عام 1920 ولحين سقوط الصنم الطائفي عام 2003 , نعم هنالك اختلافات واستثناءات طفيفة بين حكومة واخرى ؛ الا انها كلها حكومات منكوسة عميلة بلا استثناء .
وهكذا اصبح الوضع العراقي القائم الموروث وضعا يصعب اصلاحه وتقوميه , فقد تعمقت المشاعر الطائفية والعنصرية , والشكول العدائية بين العراقيين ولاسيما بين الاصلاء والدخلاء , وكان يزيدها اشتعالا وضراوة الفرق البين في المستوى المعاشي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين الطرفين , اذ استأثرت بالثروات الوطنية والمناصب الحكومية العليا طائفة معينة وشريحة محددة احتكرت المقدرات الاقتصادية والاعلامية والثقافية والسياسية والادارية للبلاد ؛ وتركزت في بضع محافظات ومناطق يغلب عليها التسنن الذي طالما عملت السلطات الحكومية منذ القدم على توسيع نطاقه في العراق بالإغراء تارة والاكراه تارة اخرى الا انها لم تفلح في جعله مذهب الدولة الغالب .
ورغم أهمية العوامل الموضوعية في التعددية العراقية بل وضرورتها الحضارية ؛ الا ان الخلل في البنى الاقتصادية والسياسية والقانونية واهمال العدالة الاجتماعية وسرقات الفئة الهجينة المتكررة والمستمرة لثروات الجنوب والوسط وباقي مناطق العراق بشتى الحجج والذرائع ؛ أدى الى ما نحن عليه من صراعات مستمرة وازمات متكررة و ويلات متجددة وانتكاسات متعددة وفقر وحرمان …الخ ؛ فالحركات السياسية والاجتماعية والثقافية المعارضة تنشأ في المناطق المهشمة والمحرومة والمبعدة عن سدة ادارة الدولة .
ومن هنا كان لزاما على احرار العراق وابناء الامة العراقية الغيارى القيام بدورهم الرسالي التاريخي المرتقب من اجل تخليص العراق والاجيال العراقية القادمة من هذه العفن الفكري والعنصري والقذارة الطائفية التي يجملها هؤلاء المنكوسون باعين الحمقى والاغبياء والسذج من ابناء الامة العراقية- لكي يرجعوا عقارب الساعة الى الوراء و يبقى الحال على ما هو عليه سابقا – .
فلابد لأحرار الامة العراقية من تصحيح الاوضاع القائمة بما يحقق العدل والسلام والازدهار والتنمية ويجمع شتات الامة العراقية تحت راية العراق العظيم , وقطع ايدي الاستعمار وقوى الاستكبار والخونة والعملاء والمنكوسين , وطرد ابالسة ومجرمي الفئة الهجينة , واسترجاع كافة حقوق الشعب المسلوبة والمهدورة وباثر رجعي منذ تأسيس الحكومة العراقية المنكوسة عام 1920 والى يومنا الحاضر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *