اسم الكاتب : رياض سعد
الأعداء على كثرتهم وقوتهم وكثرة كيدهم وشدة عداوتهم واختلاف توجهاتهم السياسية واعراقهم القومية وعقائدهم الدينية ورؤاهم وآرائهم الثقافية ؛ مجمعون على هدف واحد لا غير الا وهو القضاء على الاغلبية العراقية الاصيلة وبشتى الوسائل والطرق , وعدم التسامح معهم او الرأفة والرحمة بهم ؛ ومن فاتهم في العهد الملكي اعتقلوه في العهد الجمهوري ومن هرب منهم في العهد الجمهوري , قتلوه في العهد البعثي , ومن نجا منهم بقدرة قادر , طاردوه حتى بعد سقوط الصنم الطائفي والاجرامي عام 2003 , ولا زالت حملات الابادة والاغتيالات والتفجيرات والعمليات الارهابية والتخريبية والاجرامية تستهدف مناطق الاغلبية العراقية ورجالاتها الاصلاء .
تجاوز الاعداء كل الخطوط , وقد اسرفوا في ازهاق النفوس وقطع الرؤوس , وسفكوا الدماء العراقية الاصيلة في كل مكان وقتلوا الشيعي تحت كل حجر ومدر , وبالغوا بالانتقام من الضعفاء والابرياء والشرفاء وساموهم سوء العذاب واذاقوهم حر الحديد والنار .
ومن الابطال المجاهدين والاحرار العراقيين الجنوبيين الذين نذروا حياتهم من اجل العقيدة والوطن والمواطن والانسانية ؛ وقارعوا النظام البعثي الصدامي الغاشم , الشهيد السيد الماجدي والذي بلغني خبر اغتياله قبل يومين من هذا الشهر الجاري ( حزيران 2024) في قضاء المسيب في محافظة بابل , وقبل الدخول في تفاصيل اغتياله , لابد لنا من التوطئة السريعة وتسليط الاضواء على سيرة السيد المجاهد الماجدي , فقد ولد السيد عبد الغني راشد عويش الماجدي في محافظة الاباء والكبرياء , والاصالة وعنفوان التاريخ , ذي قار , ونشأ وترعرع في عائلة مجاهدة عانت الامرين بسبب التزامها الاخلاقي والعقائدي ومخالفتها للنهج البعثي الصدامي المنكوس ؛ مما دفع النظام البعثي الحاقد لاعتقال البعض من عائلة واقرباء السيد عبد الغني الماجدي بالتهمة الجاهرة الا وهي الانتماء لحزب الدعوة ؛ علما انهم لا تربطهم بالحزب علاقة لا من قريب ولا من بعيد ؛ وقد اقدم النظام الاجرامي الطائفي على اعدام احد اخوة السيد عبد الغني الماجدي فيما بعد , وقاموا بهدم بيتهم على رؤوسهم وتشريدهم في عقد التسعينيات من القرن المنصرم , وكل هذه البلايا والماسي والمطاردات لم تثني السيد المجاهد عبد الغني الماجدي عن تأدية واجبه الوطني المقدس والديني الانساني في العمل ضد النظام البعثي الصدامي الدموي الارهابي , اذ التحق السيد الماجدي بمجاهدي الاهوار ومارس دوره الجهادي من هناك , وقارع ازلام النظام الاجرامي , فكان رجلا مجاهدا مرابطا لا يكل ولا يمل من مراقبة تحركات الاجهزة القمعية الصدامية ورصد عمليات البعثية المجرمين , والتصدي لها عندما تسنح الفرصة , واستمر على هذه السيرة الجهادية الى حين سقوط الصنم عام 2003 , وبعدها التحق بالدراسة الحوزوية في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة , بالإضافة الى اكمال دراسته الاكاديمية , وقد بلغ مرحلة البحث الخارج في الدراسات الدينية , وحصل على شهادة الماجستير في الدراسات الاكاديمية … الخ .
وقد جمع السيد الماجدي بين التحصيل الديني والدراسي والالتزام الديني والاخلاق الحميدة ومكارم الاخلاق منذ نعومة اضفاره , وكان أشد الناس تواضعاً، وألينهم جانباً ، واطيبهم نفسا وأرقهم قلبا واكثرهم عبادة وزهدا , ولم يحمل ضغينة في قلبه على احد , و طالما سعى في قضاء حوائج الناس لاسيما الايتام والعوائل المتعففة في الناصرية , فقد عرفه الناس بنشاطاته الخيرية واعماله الانسانية , وتوسموا فيه الخير والخلق والصلاح والايمان , وقام قبل 18 عام بتأسيس روضة ومدرسة للأيتام في كربلاء , ثم نجح المشروع وتوسع واسس بعده مجموعة مدارس أمير المؤمنين (ع) للأيتام والفقراء والتي تضم روضة ومدارس ابتدائية ومتوسطة واعدادية , ثم أسس مؤسسة السلطان الرؤوف الخيرية للأيتام ومؤسسة الامام امير المؤمنين للأيتام وابناء الشهداء في كربلاء ايضا .
وقد كان السيد الماجدي غيورا على ابناء جلدته وشعبه , يركض صباحا ومساءا لخدمتهم , وتلبية احتياجاتهم قدر المستطاع , لاسيما الفقراء والايتام وذوي الشهداء منهم , وحدثني الشيخ احمد الفكيكي قائلا : انه قبل اغتياله وبأيام كان يسعى جاهدا وبعلاقاته لإيصال الكهرباء بالتعاون مع الدوائر الحكومية لإحدى المناطق الزراعية المهملة والتي تعيش فيها عوائل فقيرة و شخصيات ومجاهدين من ابناء الحشد الشعبي , فقد كان لا يهنئ له بال الا بالسعي الدؤوب لقضاء حوائج المحتاجين وادخال السرور على الارامل والايتام .
وكعادته في الدفاع عن الوطن والمقدسات , هب للدفاع عن الوطن اولا بالتصدي لقوات الاحتلال الامريكي التي عاثت فسادا في العراق ونكثت بعهودها للعراقيين , وثانيا بالوقوف ضد غربان التنظيمات الارهابية وضباع الحركات والمجاميع التكفيرية التي اجتاحت ارض بلاد الرافدين عام 2014 , وابلى بلاءا حسنا في الدفاع عن العراق والعراقيين , وانقاذ المواطنين من براثن الدواعش والاجانب المجرمين والغرباء المعتدين والدخلاء الارهابيين .
ومن ثم انتمى لإحدى فصائل المقاومة الاسلامية والمنضوية تحت لواء الحشد الشعبي التابعة للحكومة العراقية , وبينما هو في بغداد بين اخوته , ودعهم كالمعتاد وذهب بسيارته الشخصية الى بيته في كربلاء , وفي هذه الاثناء اتصلوا به الا انهم فقدوا الاتصال به وضاع اثره , وبعد بحث استمر لمدة يومين , وجدوه في قضاء المسيب , مذبوحا في سيارته كما تذبح الاضاحي والشياه , وقد قلعوا عيناه , وعذبوه عذابا شديدا بدت اثارها على كل انحاء جسده , وحفروا احدى قدميه , والقوا عليه ( التيزاب) وفعلوا به الافاعيل , ثم القوه في سيارته على قارة احدى الطرق ؛ علما ان هذه المنطقة معروفة بحركاتها التكفيرية وتنظيماتها الارهابية , وهذه الجريمة النكراء تحمل معها الكثير من الدلالات الخطيرة , فالأعداء لم ولن يتغيروا , ولا يعرفوا غير منطق العنف والقتل والذبح والتعذيب والتمثيل بالجثث … الخ .
أبى الله الا ان يختم له بحسن العاقبة كأجداده السابقين الذين قتلوا على ايدي شر خلق الله , رحل ودعوات الارامل ودموع الايتام تودعه الى مثواه الاخير , فالسلام عليه وعلى كل عراقي اصيل عمل ولا زال يعمل من اجل احقاق الحق وانصاف الاغلبية العراقية , والموت والعار والخزي والشنار للعملاء والجبناء والخونة والدونية الذين فرطوا بحقوق الاغلبية واهملوها وعرضوها لسهام الاعداء ومخططات الاجانب والغرباء .