اسم الكاتب : رياض سعد
لا زلت مؤمنا بأن الجريمة وليدة المجتمع , وكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته , والجريمة مسؤوليتها تقع على عاتق الجميع وبلا استثناء وكلا حسب موقعه في المجتمع , فليس من المعقول ولا المقبول ان يضحي الشهداء بأنفسهم دفاعا عنا وعن الوطن والقيم السامية , وبعد كل هذه التضحيات والدماء الزكية تهمل عوائلهم ولا يعبأ احد بذويهم , وتذوق ارملة الشهيد الامرين وتعاني ما تعاني من هموم الحياة وضغوط الواقع ومشاكل المجتمع , والضحية الكبرى لهذا الواقع هم الايتام وابناء الشهداء الذين يهربون من الامهم وضياعهم الى الشوارع , اذ تنبذهم البيوت وتطردهم المدارس , ويأويهم الشارع فحسب , وبعدها ستكون النتيجة بلا شك انحراف هؤلاء الاطفال وضياع أولئك الايتام , وعندما يسرق شيئا بسيطا كالطفل الذي سرق ( كلينكس ) في احدى محافظات الجنوب وحكمه القاضي بالسجن ؛ يعاقب بأشد العقوبات ولا يأخذ القضاء بعين الاعتبار تلك التضحيات التي قدمها اباءهم الشهداء او مراعاة صعوبة الظروف المعاشية الضاغطة عليهم , وليت السوء والضيم في العراق توقف عند حد البطالة والفقر والعوز والامية والتخلف والحرمان وانعدام المؤسسات التربوية والتعليمية والتنموية الرصينة وكذلك اختفاء معالم البنى التحتية والخدمات الراقية التي تتوفر في دول العالم بل وبعض الدول المجاورة … الخ ؛ اذ زاد الدهر في الطنبور نغمة عندما دخلت الممنوعات والمخدرات الى العراق وانتشرت العصابات التي تتستر بالدين والوطنية والقومية والطائفية والحزبية … الخ ؛ مما زاد الطين بلة , والشيء بالشيء يذكر , اتصل بي احد الاصدقاء قبل الايام , واخبرني بإعدام الشاب فلان , وسرد لي قصة اعدامه وسببها , اذ كان ذلك الشاب مهذبا غيورا خلوقا طيبا شجاعا , وابن احدى العوائل المحترمة , و والده كاتب وصحفي مرقوق , وفي احدى الايام اقتنع ذلك الشاب بفتوى الحشد والتحق بجبهات القتال ودافع عن العراق ضد الارهاب , وذهب الى سوريا للدفاع عن مرقد السيدة زينب , وهنالك تعرف على بعض الاشخاص الذين ينتمون الى نفس الحركة , وبعد فترة من الزمن انشقت مجموعة كبيرة من الحركة , واسسوا حركة جديدة وفصيل اخر ينتمي الى الحشد الا ان بعض عناصر هذا الفصيل الجديد , كانوا يتاجرون بالممنوعات عن طريق التهريب بين سوريا والعراق , اذ يهربون الى سوريا السكائر والاسلحة وبعض البضائع , ويشتروا من سوريا المخدرات والممنوعات ويهربوها الى داخل العراق , والعجيب ان هذه المخدرات تأتي من الارجنتين وبعض دول القارة الامريكية الجنوبية ليستقر بها المطاف في سوريا , وقد صرح بهذا الامر احد رؤساء الوزراء السابقين مما اثار سخرية البعض الا ان الواقع يطابق ما قاله , اذ اصبحت سوريا مقرا لتوزيع المخدرات التي تأتي من الارجنتين وغيرها الى دول الجوار وغيرها , وفي بداية الامر لم يكن الشاب يعلم بحقيقة افعال هؤلاء , فكانت وظيفته الذهاب مع الشاحنات الى العراق ثم الرجوع الى سوريا وهكذا , وبعد ان علم بالأمر فيما بعد ؛ قدم استقالته واراد الخروج من هذا الفصيل , الا انهم رفضوا طلبه وهددوه بقتل اطفاله وافراد اسرته جميعا , فرضخ للأمر الواقع , وشاركهم الغنائم والاموال الحرام , وتغير حاله , اذ اشترى احدث السيارات وظهرت اثار الثراء عليه , وبعد ان تحسنت احواله , طلب منهم الاستقالة مرة اخرى الا انهم رفضوا ذلك , وقالوا له هذه اخر شاحنة , وبعدها لك ما طلبت , و وافق , وعندما دخلت الشاحنة من سوريا الى العراق وهي محملة ب 2 طن من المخدرات , وصل الخبر الى الاجهزة الامنية في بغداد قبل دخولها , وقد نصبت القوات الامنية كمينا , وعندما دخلت الشاحنة القوا القبض على الشاب , بينما تم اخلاء سبيل الاخرين لانهم ينتمون للفصيل الفلاني , اذ جاءتهم اوامر من عدة جهات بإخلاء سبيل الكبار , والقاء القبض على هذا الشاب فقط , وجيء به الى بغداد , وحاول عناصر هذا الفصيل اغتياله داخل السجن الا انهم فشلوا , وقد اعترف الشاب على الفصيل ورجاله الا ان ضباط التحقيق لم يهتموا للأمر , واصدر القاضي بحقه حكمين بالإعدام مرتين والسجن المؤبد مرتين , واحيانا يتعرض للتعذيب حتى بعد انتهاء التحقيق معه وصدور الحكم بحقه , وقد اعدم بهذا الشهر الجاري مع مجموعة كبيرة من الاشخاص المتهمين بالجرائم الجنائية , وعندما ذهب صديقي معهم الى سجن الحوت في الناصرية , وشاهد قائمة المحكومين بالإعدام وكان عددهم كبيرا واغلبهم بل كلهم باستثناء شخص واحد سني , من ابناء الاغلبية واهالي الجنوب والوسط , وكل دعاواهم جنائية , والذي راعني ان الاعدامات تتم في يومين من كل اسبوع , وهنا تذكرت ايام المجرم صدام الذي كان يعذب السجناء والمعتقلين بمختلف صنوف العذاب ويعدم الشباب افرادا و زرافات وبمعدل ثابت ( يومين من كل اسبوع ) ؛ فالظاهر ان حزب البعث زال الا ان البعثية قائمة وصدام مات الا ان الصدامية والمنهج الصدامي في التعذيب والتخريب والفساد والافساد لا زال موجودا …!!
والعجيب في الامر ان هؤلاء الشباب الضحايا والمساكين والمغرر بهم , والذين عاشوا في اسوء الظروف , يساقون الى الموت , بينما يعلف الارهابيون كالدواب في السجون , ويسرح ويمرح القتلة المجرمون والارهابيون الذباحون في السجون ولا تنفذ بحقهم احكام الاعدام , بحجة حقوق الانسان ؛ ولا عجب في ذلك , اذ تقف خلف الارهابي دول حاقدة واحزاب طائفية وحركات ارهابية ومخابرات خارجية بينما لا يقف مع الضحية العراقي المسكين احد …؟!
وللتذكير انا ضد الاعدام في القضايا الجنائية ومع تنفيذ الاعدام في قضايا الارهاب والتجسس وخيانة الوطن , وشتان بين الامرين , ففي الامر الاول حياة وصلاح وكذلك في الثاني .