اسم الكاتب : صادق السامرائي
أمضينا أكثر من قرن ونصف في مستنقع النظريات المعتقة في ظلمات الرفوف , والبعيدة عن الواقع والمستعبدة للرؤوس.
فهل وجدتم نظرية تمكنت من الحياة في واقعنا المنهوك؟
هل إستطاع مفكر أو حركة أو حزب تطبيق نظريته؟
نظرياتنا أقوال فارغة , ومن معطيات خيال وهْمي مألوس.
فكيف تفسرون فشل النظريات في بناء القوة والحياة؟
يتضح وجود خلل صارخ في آليات تفكيرنا , فالعلاقة بين التفكير والعمل تناقضية بحتة , فالسائد أن الأقوال تناهض الأفعال , وتمكنا من التعبير عن ذلك بتواصل فظيع , فالأحزاب أنجزت ما يتقاطع وشعاراتها ورسالاتها , والمعتقدات تنكر جوهرها , والمشكلة أن فينا عاهة مدمرة خلاصتها , أقوالنا أفعالنا , وتنعدم في وعينا مفردات ومهارات الربط بين الكلمة والفعل , فالفكرة قول وحسب , أما تمثلها وتحويلها إلى منجز فاعل في الحياة , فلا يخطر على بالنا.
المجتمعات تقدمت بقدرتها على تصنيع أفكارها , وتدهورنا لعجزنا عن ذلك , والذين أسهموا في بناء الحضارة عند مبتدئها , كانوا يجيدون مهارات تصنيع الأفكار , ونحن الذين خسرناها أو تجاهلناها , وأصبحنا من القانطين.
فالأمة فيها العديد من المفكرين والمهتمين بنهضتها ومعاصرتها , وما قدموه نظريات ومشاريع مطمورة في صفحات الكتب , وما وجدناآلية لترجمة المشروع إلى فعل يومي مفيد , بل أن معظمهم يدّعون التفكير , وهم يؤازرون قوائم الكراسي الآثمة , ويزيدون من غفلتها وإمعانها بالجهل والعماء السياسي.
نظريات وما أدراك ما هي , ما أمّنت من خوف ولا أطعمت من جوع , بل إستهلكت وقتا وورقا وحبرا , وخمدت أنفاسها فوق السطور , فلا تيار معرفي يهدف للتغيير , ولا قوة ثقافية ذات قيمة تنويرية , بل نظريات , ترضعنا حليب سراب.
فكيف لا نخور , وصراطنا أعوج وملبد بالغيوم؟!!