نوفمبر 23, 2024

الكاتب : عامر ممدوح

أقول دائماً، مهما ضعف دور الفكر ومكانة المثقف في المجتمع، وجرى التقليل من قيمة المعرفة لصالح الحياة المادية الاستهلاكية التي تكاد تفتك بالبشر، أقول مهما بلغت المستويات لذلك مبلغاً فهو لن يكون مدعاة لإنهاء دور الفكر في حياتنا، بل على العكس، هو سبيل للمزيد من تحمل تبعات هذا الصراع الشديد بين العقل ومجتمع التفاهة، وأن تتمسك النخب برؤاها ومواقفها ومشاريعها، وتصبر عليها حتى تحقيق مبتغاها.. فليس لها دون ذلك بديل!

لكن الواقع العراقي اليوم لا يبشر بخير، فهو ينبئ عن هزيمة ساحقة تعاني منها النخبة المثقفة، هزيمة لا تمثل اعلاناً لمواجهة انتهت بعد طول نضال، بل ذوبان شبه تام في طبقات المجتمع وعوام الناس، ومسايرة لفكرها وتصوراتها مهما كانت سطحية وغير منطقية، ووقوع تحت مطرقة الحياة المنهكة، وذلك إيذان بخطر كبير ينتظر مستقبلنا الذي لن يكون ناجحاً وكما نتطلع جميعنا إلا بمسارات ترسم على هدوء وروية وبصيرة!

ولنتصور طرح أي موضوع أو ملف على طاولة النقاش، كيف ننتظر أن يأخذ موقعه في مسار التنفيذ المطلوب، وانتظار نتائجه المرجوة، والمثقف يردد مقولات بعض الإعلاميين ممن يمتهنون الترويج لمشروع التفاهة والتسطيح والمساهمة بإبقاء حالة الفوضى تضرب بأطنابها أرض العراق بثمن أم بدونه.

لذا نظرت بأسى بالغ إلى طريقة تعاطي الغالبية مع موضوع التعداد السكاني الذي يجريه العراق بعد عقود من التوقف والانتظار، حالة من الانسياق وراء كل صوت نشاز، ومعلومة غير موثقة، او ترديد لنظريات لا تنتهي من المؤامرات، وصولاً إلى حالة من الرفض شبه الكلي للواقع الذي يكاد المرء يلمسه بيديه ويأبى الاعتراف به!!

وأعلم يقيناً ان بعضاً من ذلك مرتبط بالفجوة البالغة التي تزداد يوماً بعد آخر بين السلطة والجمهور بسبب الإخفاقات المريرة وتوسع حالة انعدام الثقة التي لم تستطع عشرات الجسور في ترميمها، ولكن من جانب آخر فالمواقف التي نراها ونسمعها عن هذا الموضوع وغيره يمثل انعدام القدرة على اعلاء شان العقل لصالح الرغبات والنزوات والتعميمات التي تظل تنقل بلا مبالاة باردة.. عن مجهول!!

قليلاً من الوعي أيها السادة الكرام.. فالوطن لن يتعافى بهذا المنهج من التسطيح أو الركض وراء كل قائل.. وناعق!

واخيراً.. هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه وليس ترويجاً لجهة أو دفاعاً عن شخص، بل هو تشبث بموقعه من معركة صناعة الوعي التي أراها ما تزال محتدمة، ولا تنازل عنها من أجل البقاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *