ديسمبر 26, 2024

الكاتب : صباح البغدادي

يبدو أننا مقبلين حقآ على وضع اللبنات الأولى لبناء أساسات الشرق الاوسط الجديد الذي بشر به “نتنياهو” في العديد من خطاباته وتتناغم كذلك مع المشروع الأمريكي في تغير قواعد اللعبة في الشرق الاوسط لصالح اسرائيل وخدمة لأهداف امريكية مستقبلية ,ومع الشروع بتطبيع العلاقات الاسرائيلية السعودية كما بشر بها في خطابه الاخير الرئيس الأمريكي بايدن بمناسبة وقف إطلاق النار بين “اسرائيل/حزب الله” والتغيير القادم مع الرئيس الجديد “ترامب” وصولا إلى تغيير مفاهيم واخلاقيات الحالة البيئية والاجتماعية تحت غطاء الانفتاح على التقدم والحداثة الاوروبية والغربية وكما نشاهد بعض من فصولها تحدث الآن في المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي .
ما هي إلا بضع ساعات مرت على خطاب “نتنياهو” الموجه وإعلانه صراحة بأن :”بشار الأسد يلعب بالنار” حتى أعلنت ما تسمى بـ “هيئة تحرير الشام” ومعها جميع فصائل واحزاب المعارضة السورية الى النفير العام لتشن هجمات استباقية ومفاجأة على مناطق واسعة من سيطرة النظام السوري المدعوم من روسيا وكذلك الحرس الثوري الإيراني وميليشيات والاحزاب الولائية العراقية في محافظة حلب ومدنها ومناطقها بالاضافة الى ريف ادلب وصولا إلى الحدود المشتركة الوسطى والشمالية اللبنانية .
حيث تسارعت وتيرة نشر فديوهات عملية “رد العدوان” على جميع مواقع التواصل الاجتماعي والتي تمثل فصلًا جديدًا في الصراع الطائفي والمذهبي المعقد في سوريا وتداخل الجانب الجغرافي والعسكري مع أوضاع التطورات المتسارعة من الناحية السياسية واعادة توزيع النفوذ الإقليمي , حيث انعكست شدة المعركة التي نشاهد فصولها الآن ليس فقط حول السيطرة الجغرافية والمناطقية , بل أيضًا أنعكست على على النفوذ الإقليمي للدول المتواجدة في الداخل السوري , واعادة صياغة هذا النفوذ وحتى توسيعه على حساب الاخر بين كل من الجيش العربي السوري وروسيا وايران من جهة وتركيا واسرائيل وأمريكا من جهة أخرى ,وبالأخص في ظل الدور الكبير الذي كان يلعبه الحرس الثوري الايراني وحزب الله في سوريا من تثبيت وجودهم العسكري ومفاهيم ثقافية واجتماعية طارئة وجديدة في وسط مجتمع سني مناهض دائمآ للدور الحكم العلوي , ولكن الامور تغيرت خلال الأشهر الماضية وبعد أن تم تصفية المجلس الجهادي لحزب الله وبروز قيادات جديدة للحزب ليست بالمستوى المطلوب ولا بتأثيرها وحضورها السياسي على الحاضنة الشعبية .

 اسرائيل من جهتها تريد بعد وقف إطلاق النار أن تغير الواقع والمفاهيم الجديدة وقواعد اللعبة بعد أن أنهت المعركة في شمال حدودها لغرض التفرغ إلى قطع إمدادات السلاح التي قد تأتي الى حزب الله وانهاء وجود الأخير عسكريا في مدن وقرى ومناطق الجنوب السوري  لتغيير موازين القوى لصالحها , وتأتي عملية رد العدوان كذلك على ما يحدث في الشمال السوري بما فيها تلك الفصائل المعارضة  التي تعمل تحت لواء “الجيش الوطني السوري الحر” المدعوم عسكريا وماديا من تركيا لانها اعتبرت هذه التطورات تهديدًا مباشرًا لأمنهم و وجودها والأهداف الاستراتيجية في الشمال السوري وخوفا من ان يقوم الحرس الثوري الإيراني والجيش العربي من الاستيلاء على مناطق نفوذها ويتوسع على حسابها.


البعد الاخر لقراءة بدأ معركة “رد العدوان” يتمثل بالدرجة الاساس على الاقل في الوقت الحاضر بانهاء اي وجود لمقاتلين حزب الله والحرس الثوري الايراني والفصائل والاحزاب الولائية العراقية في مناطق ومدن الجنوب السوري وإعادة انتشار وسيطرة فصائل المعارضة وبالاخص بعد ان فقد حزب الله في معركته الاخيرة مع اسرائيل معظم قواته المتدربة ونخبة قوة الرضوان ومعظم معداته العسكرية وقوته النارية ,وقد استغلت فصائل المعارضة السورية هذا الأمر بشن هجماتها الاستباقية لغرض تثبيت وجودها على أرض الواقع وهذا الطرح قد يتانغم بصورة أو بأخرى من تغير قواعد اللعبة وميزان القوى في الداخل السوري ,وحتى مع تواجد عسكري دولي ودعم كل طرف فصائله وأحزابه المسلحة لغرض إعادة رسم خارطة جديدة وواقع جغرافي وسياسي واجتماعي بما يتناسب كلا وحسب نفوذه وسيطرته وكسب اراضي جديدة على حساب الطرف الاخر وقد مما يعزز هذا من قطع أي امدادات لوجستية او عسكرية قد تصل الى وسط او الجنوب اللبناني أو من خلال ممرات حدودية سرية وحتى انفاق قد يتم إنشاؤها مستقبلا .

ما يحدث حاليأ من معارك حامية الوطيس في مناطق جبل الزاوية في إدلب ومناطق ريف حلب الشمالي وصولآ الى المناطق الحدودية مع لبنان وحتى قد تقترب من العاصمة دمشق وضواحيها والتي يتواجد فيها مقاتلين حزب الله والجماعات والفصائل الايرانية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني , وإنطلاق معركة “رد العدوان” ما هو إلا بداية النهاية للنفوذ الايراني في سوريا و لبنان وحتى العراق , أذا جرت رياح المعارك الضارية حسب ما هو مخطط لها مسبقا للشرق الاوسط الجديد , وبداية عهد التطبيع الإسرائيلي العربي الشامل ,وصولا للدول الإسلامية الأخرى , والذي سيكون بداية دخول بوابته هذا من خلال المملكة العربية السعودية وتوقيع الاتفاق الاستراتيجي المرتقب بينها وبين أمريكا !


sabahalbaghdadi@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *