فبراير 5, 2025
b7d7999a-85c5-4203-9415-3767cc5cb91d

انوار داود الخفاجي

يعد الدستور العراقي لعام 2005 من أبرز الوثائق القانونية التي تسلط الضوء على حماية الأقليات وضمان حقوقهم. جاء الدستور في مرحلة حساسة من تاريخ العراق، حيث كانت البلاد تواجه تحديات سياسية واجتماعية كبيرة. لذا، كان من الضروري وضع أسس قانونية تضمن المساواة بين جميع المكونات العراقية، بما في ذلك الأقليات.

ينص الدستور العراقي في المادة (14) على أن “العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي”. هذا النص يمثل الأساس القانوني الذي يضمن عدم التمييز ضد أي فرد أو مجموعة داخل العراق، بما في ذلك الأقليات.

يؤكد الدستور في ديباجته على أهمية التنوع الثقافي والديني في العراق باعتباره عاملًا للثراء الوطني. كما تعترف المادة (2) بأن “الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع”، لكنها تضيف بأن الدستور يضمن “الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، مع كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين”.

يشير الدستور في المادة (4) إلى أن اللغة العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان للدولة. ومع ذلك، فإنه يسمح باستخدام لغات أخرى مثل السريانية والتركمانية والأرمنية في المؤسسات الرسمية في المناطق التي تشكل فيها هذه الأقليات نسبة كبيرة من السكان. هذه الخطوة تهدف إلى ضمان التعبير الثقافي واللغوي .

يولي الدستور اهتمامًا خاصًا بتمثيل الأقليات في المؤسسات السياسية. فقد ضمن الدستور تخصيص كوتا للأقليات في مجلس النواب العراقي، مثل الديانة المسيحية  والصابئة المندائيين والشبك والازيدين، وذلك لضمان سماع أصواتهم وتمثيل مصالحهم في عملية صنع القرار السياسي.

في المادة (41)، يكفل الدستور حرية الأفراد في الالتزام بشؤونهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم، مما يمنح الأقليات الدينية حقًا في تنظيم شؤونهم الخاصة بما يتناسب مع عقائدهم. كما أن المادة (44) تضمن لكل عراقي الحق في حرية التنقل والإقامة والعمل، بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الديني.

يعد القضاء العراقي، وفقًا للدستور، جهة محايدة تهدف إلى ضمان حماية الحقوق والحريات، بما فيها حقوق الأقليات. كما تُعطى المحكمة الاتحادية العليا صلاحيات للفصل في النزاعات المتعلقة بالتشريعات التي قد تتعارض مع الحقوق الدستورية للأقليات.

برغم الضمانات الدستورية، تواجه الأقليات في العراق تحديات تتعلق بالتطبيق الفعلي لهذه النصوص. من أبرزها تكرار حالات التهجير القسري والاستهداف الطائفي، خاصة في ظل النزاعات المسلحة. ومع ذلك، تبذل الدولة جهودًا لإعادة بناء الثقة بين المكونات المختلفة وضمان تطبيق النصوص الدستورية على أرض الواقع.

وفي الختام أثبت الدستور العراقي لعام 2005 التزامه بحماية حقوق الأقليات وتعزيز التنوع. ورغم العقبات التي تواجه تطبيق هذه الضمانات، تبقى النصوص الدستورية إطارًا مهمًا لبناء عراق موحد يحترم حقوق الجميع. يعد تعزيز ثقافة التسامح واحترام التنوع من الأولويات لضمان مستقبل مستقر لجميع مكونات الشعب العراقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *