فبراير 5, 2025
462547253_1116246769894281_5687635995851870665_n

حسن العكيلي

لن انسى ما فعلته وشوشات النسمة المتعصبة لموجات النهر حينما خطفت بمنقارها وردتك الحمراء التي اهديتها الي ورمتها وسط النهر بلا وازع من ضمير..

عتبي على النسمة الاخاذة التي تدفع باوراق الشجر اليابس حيث السقوط فوق الدغل الناهد الصدر والتقلب بين السواقي كأسماك صغيرة تبحث بين جرفيها عن سر نقاء الماء وعشبة الحياة

عتبي على النهر الملتوي كأفعى لانه  لا يجذب الى قاعه سوى الاشياء الثقيلة اما ما خف وزنه فيتركه طافيا فوق مرايا سطحه الخارجي المزركش بالزمرد

لان الورود والاوراق والكلمات لاتحب جعجعة الانغماس والانزواء بين حيطان القاع المظلمة

ياسيدي النهر هل سأكتفي بحزني بدمعي المسكوب على الورق المعطر بالاريج المتناثر فوق الموج العاصف كرذاذ ملهوف للثم خدود القمر الاضحيان

كانت امنيتي ان احتفظ بوردتي كاملة بساقها وورقها وعطرها ولكن مصير كل وردة الذبول والزوال والفناء .. كم حاولت ان اركض خلفها اسابق الموج الذي راح يدفعها بعنف مثلما يدفع المد العارم بقايا خشب الزوارق المحطمة فوق جناح الموج كأشلاء متناثرة على جدار الساحل الملتحف بالعزلة والضياع

لا تتظاهري ايتها العصافير المحلقة وسط بهرج النور ودائرة الانبهار بالحزن العميق على وردتي التي تناثر ريشها ورقها شعرها الكستنائي اللون كدقيق فوق حقول الكرزم المرتدية ثوب الخضرة والشباب . لقد عدت وحيدا تاركا خلف ظهري جرف النهر النازف بالكمد والحزن المعتق مبتعدا عن الشطأن التي هجرها الناس والطيور والفنارات .. عن النسمات الزكية الفواحة التي كانت تعطر الاجواء والمسارات

هل تعودين كما كنت ياسمينة مكتنزة بالعطر تشعلين الاجواء بالضوء والسكون. ام ان الموج المتمرد على قوانين الطبيعة حصد جذورك بمنجل الخراب وكتب علينا ان لانرى بعضنا وسنعيش بقية حياتنا كالاغراب

عادت الطيور من غربتها . والسفن الى موانئها وكبرت اشجار الحور والحمرور التي زرعناها بايدينا. وصالت التجاعيد على الوجوه النقية النضرة وتركت مكانها الخطوط والخربشات. واستبدل الشعر الاسود لونه بالبياض الثلجي- وانت مشغولة منهمكة بالبحث عن اللاشي – هل تعلمين ان اللاشي يتناسل من لاشي اخر. عندها سوف لن ترين سوى اكتظاظ الأفكار المبهمة وهي تلاحق بعضها بعضاً. وستبحثين عن الوهم القابع في زوايا الفراغ المظلم كغيمة سوداء في ليلة مظلمة دامسة

حينها ستبكين على خيبتك البائسة وعلى الايام التي التقمها حوت الزمن الحاقد خلسة . وستندمين كثيرا لانك حصدت اجمل سني حياتك بمنجل التغييب والضياع

عجيب امرك يا امراة تحدَّقين إلى اللاشيء برغبة عارمة باحثة  عن معانيه المشفرة عن عبثيته السوريالية المبهمة.. التي ستاخذ الكثير من وقتك من عمرك المحروق بين اسوار المدن المزدحمة الملوثة الهواء وبين انحناءات الجبال الحادة الزوايا التي لاتعرف الرحمة في الحفاض على الارواح البريئة

عودي من اللاشي الى عالم الحقيقة الواضحة الملامح وهشمي زجاج البعد والانزواء خلف ستار فلسفة البحث والاستكشاف  المريبة ..وشدي الرحال إلى وطنك الى البيت الذي ولدت فيه. الى ايام الطفولة العذبة . كسرب طيور يدفعها الحب يدفعها الشوق للقاء احبتها… لكرنفال العيد

ما يسعدني يا سيدتي أن تاتي سريعا قبل العيد  قبل سقوط المطر الهاطل بقوة.. وترمي روحك كالعصفور الباحث عن عش عن بيت يسكن  فيه كل الاوقات – كنسمة عطر هادئة يسحرها النوم فوق سطور الوقت وأسماء السنوات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *