
صباح البغدادي
ان القمة العربية الطارئة التي دعت لها مصر، لبحث ملف الوضع في قطاع غزة ومواجهة المخططات الإسرائيلية والأميركية بشأن تهجير سكان قطاع غزة والتي سوف ستستضيفها القاهرة كقمة عربية طارئة يوم 27 فبراير/شباط الحالي، فعلا الحكم والرؤساء والملوك العرب ان يكونوا على قدر المسؤولية اليوم وان يثبتوا لشعوبهم بانهم لديهم ضمائر وكرامة ليست شخصية فقط والحفاظ على رجولتهم وانما كذلك للحفاظ على كرامة شعوبهم التي يحاول فرعون أمريكا الجديد بإهانتهم من خلال تهجير سكان غزة الى خارج ارضهم التاريخية وعلية أيها الحكام والرؤساء والملوك نقولها لكم فأن أحسنتم القيام بواجبكم أمام شعوبكم، واحسنتم وقفتم صامدين في وجه التحديات، دون تردد أو خوف من أي حاكم أجنبي أو طاغية جديد، فإن ذلك سيكون دفاعًا عن أنفسكم وكرامتكم قبل أن يكون خدمة لشعوبكم. فالشجاعة في مواجهة الظلم والاستبداد ليست مجرد واجب قومي أو أخلاقي، بل هي أيضًا حفاظ على هويتكم وكرامتكم وإنسانيتكم. أما إذا أسأتم للقضية الفلسطينية، وتخلّيتم عن مسؤولياتكم التاريخية والأخلاقية، ورضختم للضغوط الخارجية، فستكونون قد خنتم أنفسكم قبل أن تخونوا شعوبكم. وعندها، فليكن العار مصيركم، وليكن السحق جزاءكم، لأنكم بذلك تكونون قد تخلّيتم عن قضية ليست مجرد قضية شعب واحد، بل قضية أمة بأكملها، قضية العدل والحرية والكرامة الإنسانية.”
في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، خاصة ما يجري في قطاع غزة من تصعيد عسكري وحصار خانق، يبرز دور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى تسعى إلى فرض رؤيتها الأحادية على المنطقة. ومع وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السلطة، شهدت القضية الفلسطينية تحولات جذرية، كان أبرزها ما يُعرف بـ”صفقة القرن”، التي تجاهلت حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية وحاولت إفراغ القضية من مضمونها العادل.
ترامب، والذي نصفه اليوم بوُصف “فرعون أمريكا” لسياساته المتسلطة والاستعلائية وغطرسته ، نجح إلى حد كبير في استمالة بعض الأنظمة العربية، وجعلها تتنازل عن ثوابت كانت تُعتبر فيما مضى خطًا أحمر في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية لا يمكن تجاوزه حتى وانا كان دفع الثمن حياتهم كما حدث مع الرئيس الراحل صدام حسين عندما دفع ثمن مواقفه امام ايمانه بالقضية الفلسطينية وهذا ما قاله له في حقه الأعداء قبل الأصدقاء . فبدلًا من الوقوف صفًا واحدًا أمام السياسات الأمريكية التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ، وجدنا العديد من الحكام العرب عاجزين عن اتخاذ مواقف حاسمة، بل إن بعضهم سارع إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، متجاهلين معاناة الشعب الفلسطيني ومتناسين دماء الشهداء التي سالت على أرض غزة والضفة الغربية.
ففي قطاع غزة، الذي يعاني من حصار مستمر منذ أكثر من 15 عامًا ويعتبر اكبر سجن مفتوح بالعالم ، تتفاقم فيه الأزمات الإنسانية يومًا بعد يوم. من انقطاع الكهرباء، نقص الأدوية، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، والحالة المعيشية الصعبة كلها عوامل تجعل الحياة في القطاع جحيمًا لا يُطاق. ومع كل موجة تصعيد عسكري، تزداد المعاناة، بينما يقف العالم العربي، بقياداته الرسمية، عاجزًا عن تقديم أي حلول جذرية أو حتى تخفيف الألم عن أهل غزة.
الملوك والرؤساء العرب، الذين كان من المفترض أن يكونوا حماة للقضية الفلسطينية، تحولوا في عهد ترامب إلى مجرد أدوات في يد السياسة الأمريكية. فبدلًا من الضغط على واشنطن لوقف دعمها اللامحدود لإسرائيل، وجدنا بعض الأنظمة العربية تتبارى في تقديم التنازلات، وكأن القضية الفلسطينية لم تعد تمثل أولوية في أجنداتهم.
لكن في المقابل، تبقى الشعوب العربية هي الحامي الحقيقي للقضية الفلسطينية. فبالرغم من كل المحاولات لتهميش القضية، لا تزال فلسطين حية في قلوب وضمائر ووجدان الملايين من العرب، الذين يرفضون التطبيع ويصرون على أن الحقوق لا تُنسى. المظاهرات التي تشهدها المدن العربية تأتي كرسالة واضحة للحكام: إن الشعب لن يقبل بأن تكون فلسطين ثمناً للمصالح الشخصية أو الامتيازات السياسية والمعونات المادية .
في النهاية، القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية، بل هي قضية إنسانية ووجودية تمس كرامة الأمة العربية بأكملها. وإن كان “فرعون أمريكا” قد نجح في إضعاف الموقف الرسمي العربي، فإن إرادة الشعوب تبقى أقوى من أي سياسة استعلائية. فهل يعي الحكام العرب أن التاريخ لن يرحم من تخلّى عن فلسطين، وأن الشعب لن ينسى لمن وقف صامتًا أمام معاناتها؟
على الرغم من أن الرئيس الأمريكي قد اشتهر لدى الرأي العام العربي والعالمي بكونه شخصية لا تكترث بأي انتقادات تُوجّه إليها، خاصة فيما يتعلق بسياساتها الخارجية المثيرة للجدل وتصريحاتها الحادة والمستفزة، إلا أنه خلال فترة ولايته الأولى كان يتردد في طرح فكرة بيع قطاع غزة أو الترويج لتهجير سكانه والسيطرة عليه كجزء من مشروعه العقاري التوسعي. والسبب ببساطة يعود إلى خوفه من فقدان دعم الناخبين العرب الأمريكيين، الذين كانوا يمثلون جزءًا مهمًا من قاعدة تأييده الانتخابية.
لكن الوضع الآن اختلف تمامًا. فمع دخوله ولايته الثانية، والتي يراها الكثيرون حول العالم أربع سنوات عجاف مليئة بالتحديات والصراعات، يراها سكان غزة سنواتٍ ستكون فيها معاناتهم أكثر قسوة، حيث يترقبون ما إذا كانت هذه الفترة ستجلب لهم الغوث أم ستزيد من ضيقهم وعذابهم.ولأنه الان لديه اربع سنوات قادمة يراها الفلسطينيون اربع سنوات عجاف ويراها اكثر وضوحا سكان غزة حيث فيها اليوم يغاثون وفيها يعصرون , وفي هذا السياق، أصبح الرئيس أكثر تطرفًا وهمجيةً في خطابه وسياساته، بل تجاوز في عنصريته حتى الموقف الإسرائيلي نفسه. فقد فاجأ العالم بتصريحاته الأخيرة التي تدعو إلى تهجير سكان قطاع غزة وإعادة توطينهم في بلدان أخرى، وهو ما يُعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتجاهلًا تامًا للتاريخ والجذور العميقة للشعب الفلسطيني في أرضه.
هذه التصريحات لم تكن فقط صادمة للعالم العربي، بل حتى للإسرائيليين أنفسهم، الذين تفاجأوا من جرأة الرئيس الأمريكي وحدّة موقفه. فما كان يُعتبر في السابق خطًا أحمر في السياسة الدولية، أصبح الآن يُطرح علنًا دون أي اعتبار للقانون الدولي أو للأخلاقيات الإنسانية. هذا التحول في الخطاب والسياسة يعكس نهجًا أكثر عدوانيةً واستعلاءً، يجعل من الرئيس الأمريكي شخصيةً أكثر تطرفًا من أولئك الذين يدعمهم، وهو ما يضع مستقبل القضية الفلسطينية في خطر أكبر، ويزيد من معاناة شعبٍ يعاني بالفعل من ويلات الاحتلال والحصار.
اليوم لدى الحكام العرب امتحان عسير امام شعوبكم وان لا يقبون فقط مجرد ظاهرة صوتية وان لا يتم الحضور من قبل ممثلين عنكم التاريخ اليوم لا يرحم احد منكم وان يوم الخميس 27 شباط لناظره قريب