اسم الكاتب : سليم مطر
هاكم بعض الامثلة:
1 ـ ان نظام الكونفدرالية السويسرية قائم على اساس(المحافظات، أي المقاطعات) وليس على اساس(القوميات). ففي (جنيف) التي اسكن فيها التي هي عمليا العاصمة الثقافية للمحافظات الخمسة الناطقة بالفرنسية، لا ترتبط بها باية علاقة ادارية قومية او لغوية، بل هي مرتبطة مباشرة بالدولة المركزية في (العاصمة بيرن) الناطقة بالالمانية التي يجتمع فيها ممثلي جميع المحافظات، في البرلمان والحكومة المركزية.
وهذا عكس حال الاقليم، الذي تكون على اساس(قومي عرقي عنصري) يتناقض مع الوحدة الوطنية.
2 ـ كل محافظة سويسرية لها قيادتها المنتخبة مع بعض الامتيازات مثل(التربية والثقافة) و(البوليس)، ولكن (الجيش) و(العلاقات الخارجية) تبقى محصورة بـ(الدولة المركزية). يعني ان (المحافظة) لا يحق لها ان تمتلك جيشا خاصا بها.
وهذا ايضا عكس حال الاقليم الذي عمليا يمتلك جيشا خاص به اسمه( ميليشيات البيشمركة).
3 ـ اذا انتقل أي سويسري الى محافظة اخرى، مهما كان اختلاف اللغة، فأنه بعد اقامة خمسة سنوات يحق له الحصول على هوية المحافظة، ويعتبر مواطنا فيها. ويحق له المشاركة في برلمان وحكومة المحافظة. لهذا تجد في (جنيف) الناطقة بالفرنسية، حوالي نصف اعضاء البرلمان والحكومة هم من اصول محافظات ناطقة بالالمانية.
وهذا ايضا عكس حال الاقليم، الذي لو اقام فيه أي عراقي غير كردي، الف عام، فانه يبقى(اجنبيا) وليس له أي امتياز وطني ولا حتى انساني!
4 ـ ان جميع الاحزاب السويسرية الكبرى(الليبرالي والاشتراكي والديمقراطي المسيحي والديمقراطي الاجتماعي) كلها جميعها لها فروع في جميع المحافظات الناطقة بالالمانية والفرنسية والايطالية. وهي التي تقود هذه المحافظات.
وهذا ايضا عكس حال الاقليم، الذي عمليا يمنع فيه انشاء أي فرع لاي حزب عراقي من خارج الاقليم. وان أي كردي في الاقليم ينتمي لاي حزب عراقي، سوف يتعرض لجميع المضايقات لحد الاتهام بالخيانة واحتمالات الاغتيال. فهم حتى الحزب الشيوعي العراقي الذي كان غالبية قيادته من الاكراد، قد تمكنوا من تقسيمه الى (حزب شيوعي كردي) و(حزب شيوعي عراقي)، والانكى من هذا انهم تمكنوا من جعل الحزبين الكردي والبغدادي، تابعين ماليا وسياسيا واعلاميا الى قيادة الاقليم ولمشروعها القومي العنصري الانعزالي.
5 ـ هنالك ايضا في سويسرى(محكمة فدرالية) لها الكلمة الحاسمة التي تلغي قرارات محاكم المحافظات. نفس الحال في (الولايات المتحدة الامريكية).
* * *
اخيرا تبقى هذه المعلومة المهمة التي يجهلها الكثيرون:
ان العرف السائد في العالم، ان الجماعة التي تطالب بالفدرالية او الكونفدرالية، يجب عمليا وتاريخيا ان تمتلك الشرط التالي:
ان هذه(الجماعة القومية) كانت سابقا (دولة مستقلة) وقد شاءت الظروف انها اصبحت جزءا من دولة اكبر. هاكم هذه الامثلة:
ـ ان اسكتلندا كانت مملكة مستقلة قبل ان تصبح جزءا من مملكة بريطانيا.
ـ ان ايرلندا نفس الحال.
ـ ان جميع (مقاطعات الحكم الذاتي) في اسبانيا كانت (ممالك مستقلة) حتى قبل بضعة قرون.
ـ ان جميع المناطق القومية في فرنسا التي لها لغاتها الخاصة:( بروتون، الزاس، اوكسيتان، باسك، كورس) كانت ممالك مستقلة، وقد فرضت عليها الفرنسية بالقوة بعد غزوها من جيوش باريس، حيث منعت بصورة مطلقة ان تتعامل بلغاتها الاصلية الى حد عام 1980 عندما سمحت الحكومة ببعض الحرية بتعلمها.
ـ ان المانيا تتبع النظام الفدرالي لانها كانت منقسمة تاريخيا الى ممالك مستقلة حتى اوساط 1800، عندما قامت الوحدة من خلال غزو جيوش بسمارك.
ـ نفس الحال بالنسبة لجمهوريات ومناطق الحكم الذاتي في روسيا، لانها ايضا كانت دول مستقلة وضمتها روسيا القيصرية بالقوة.
لو طبقنا هذا الامر على(الاقليم الكردي) فانه طيلة التاريخ، ونؤكد طيلة طيلة التاريخ، لم نعرف ابدا بوجود دولة كردية مستقلة، بل فقط امارات مرتبطة بدولة(بلاد النهرين: العراق). وهذا ليس ضعفا من الاكراد، بل بسبب الارتباط الجغرافي الطبيعي والحياتي والاقتصادي والاجتماعي بسهول النهرين: (الجبال ورائكم وسهول نينوى وعموم النهرين امامكم). ليس صدفة انه في الفترة العثمانية، كانت امارات: ( بابان السليمانية) و(سوران راوندوز) و(بهدنان دهوك) تابعة للحكم العثماني في العراق الذي يقوده (والي بغداد).
في كل الاحوال، ان الاكراد حاليا اصبحوا بما يكفي من الوعي، كي يدركوا بأن (مهاترات ومزاودات) قادة الاقليم هي ليست حرصا على (الاكراد) بل حرصا على (نفط عائلة البرزاني) وملياراتها في الخارج. وخصوصا بعد قرار المحكمة اﻻتحادية بمنع اﻻقليم من استثمار النفط.
أي هكذا استمرت (حليمة على عادتها القديمة) بالمتاجرة بمصالح اكراد العراق بالسلام والاستقرار، وجعلهم اكثر واكثر مثل غالبية اخوتهم العراقيين، تنهشهم مخالب الفساد والارهاب والفقر والخوف، لحد انهم يضحون حتى بحيواتهم من اجل الهروب واللجوء الى اوربا.