نوفمبر 22, 2024
download (1)

اسم الكاتب : كريم الحميداوي

اعداد: كريم الحميداوي
الجزء الاول
مملكة ميسان … سبب التسميه وتاريخ الانشاء

ان كلمة ميسان تعني الارض التي تكثر فيها الاعشاب والحشائش والتي تتمايل مع الريح حيث قيل ( تميس) او تتمايل ، وقال البعض ان ميسان كوكب بين المعره والمجره ، واخرون قالوا ميسانا وتعني التبختر.
وقد اطلق الصابئه المندائيون اسم ( ميس يانه) على ميسان أي معناه الماء الممزوج بمخلفات بقايا نباتات الاهوار ، كما عرفت ميسان في التاريخ باسم (ميسان) كما ورد ذلك في الاثار السومريه، وقد اطلق عليها كلمة ( الفرات)، وفي العبريه(ميسان) وبالفارسيه( ميسون) والاراميه(ميسن) وهي اقرب الى كلمة ( ميسانه)، وهناك روايات تاريخيه تشير الى ان النبي ادم(ع) هبط وزوجته حواء في موضع تقع فيه حاليا شجرة تسمى باسمه على نهر دجله في داخل مدينة القرنه ، وقد اشار بعض المؤرخين الى ان عمارة الطيب شيدت في زمن النبي ( شيت بن ادم) (ع) وبما ان القرنه كانت كانت ضمن ميسان التاريخيه وكذلك ارض الطيب فهذا يعني هناك ترابط في كون( ادم )سكن القرنه وولده( شيت) سكن الطيب.
وقد اكدت المصادر قيام دولة في ميسان كانت تحكمها اسرة تسمى اسرة (ملوك البحر) وقد امتد حكمها من القرن الثاني قبل الميلاد الى القرن الثاني بعد الميلاد وتولى فيها الحكم (23) ملكا وكانت ميسان تابعه ( للدوله السلوقيه) التي اسسها (سلوقي) سنة (223-187) ق. م. وبعد ذلك انفصلت منها لتشكل دوله مستقله، وكان اغلب سكان ميسان من( الاراميين) اما حدود هذه الدوله فتمتد مابين واسط شمالا حتى جنوب البصره جنوبا ومن ارض عيلام شرقا حتى بابل غربا .
وقد اكد المؤرخ الميساني الاستاذ ( عقيل عبد الحسين المالكي)ان دولة ( ميسان) التي حكمها ملوك البحر كانت في صراع مستمر مع دولة بابل ويقال ان ( مردوخ) لجا اليها في سنة (721) قبل الميلاد محتميا باهوارها بعد ان هزمه ( سنحاريب) وميسان عريقه بالقدم وهناك الكثير من الاثار التي تشهد على قدمها منها مناطق( التلول) في قضاء الكحلاء والميمونه وغيرها ، وهناك مدن باكملهالازالت تحت الارض ولم ينقب عنها حتى الان، بالاضافه الى وجود اكثر من 3600 موقع اثري لم يكتشف في محافظة ميسان.
لماذا سميت العمارة( عمارة)
اختلفت المصادر في تسمية (العماره) وهناك ثلاثة اراء حول التسميه:-
الراي الاول: ان التسميه ترجع الى عام (665) للهجره أي بعد استيلاء العثمانيين على العراق بثلاث سنين ( وهي ان خليطا من العشائر اجتمع وسكن بهذا المحل ومثل هذا الخليط يطلق عليه في اللغه الدارجه حينذاك اسم (عماره)
الراي الثاني:
ويرجع بالتسميه الى الى اوائل العهد العباسي نسبة الى ( عماره بن الوليد) عامل ابي جعفر المنصور
الراي الثالث:
ان هذا الاسم يطلق على نهر دجله اعتبارا من صدر نهر الغراف حتى ملتقاه في نهر الفرات وسبب هذه التسميه ان الحكومه العثمانيه انشات عماره في المحل الذي بني فيه مركز لواء الكوت الحالي لتكون هذه العماره مرجعا رسميا للعشائر الساكنه بهذا الطرف لبعدها عن مركزي ولايتي بغداد والبصره ولهذا سمي الكوت بكوت العماره.
تاريخ تاسيس مركز لواء العماره
على اعتاب العقد السادس من القرن الثالث عشرالهجري يقوم الشيخ( فيصل بن خليفه) من قبيلة (البومحمد) بمواجهة قبيلة (بني لام) ويحرر عشيرته من سيطرتها ونقبل الى العقد السابع من نفس القرن لنجد ( منشد بن خليفه) الاخ الثاني لفيصل يتمرد على الحكومه العثمانيه، فنتيجة لذلك نرى مشيخة( النتفق) لم يبقى لديها سوى ( قلعة صالح ) حتى امر الوزير(توفيق باشا) والي بغداد بالتخلي عن ( قلعة صالح) التي كانت تسمى(شطرة العماره) من نفوذ مشيخة ( المنتفق) وذلك بتاريخ (1266) للهجره وفي اوائل سنة 1267 للهجره تمرد الشيخ ( منشد بن خليفه) على الحكومه العثمانيه واستيلائه على منصب اخيه ( فيصل) ونتيجه لذلك التحق ( شياع) بولاية بغداد طالبا من الولايه تزويده بجيش نظامي للقضاء على هذا التمرد فزودته الولايه بفرقه من الجند النظامي واناطت قيادتها بالفريق ( الشبلي باشا) فاستعان هذا الفريق بالمقدم ( حسين بك) القائمقام العسكري انذاك. فسلك هذا الجيش نهر دجله بواسطة السفن الشراعيه وعند وصوله (العماره) اتخذ من منطقة ( الدفاس) حاليا الواقع في شمالي غربي مركز لواء العماره الحالي ، وبعد ان قام هذا الجيش بمناورات حربيه واسعة النطاق فاستسلم الجميع الا ( منشد) بن خليفه فانه اعتصم بالاهوار قرب مقام ( العزير) وفي هذا الاثناء صدر الامر من ولاية بغداد بنقل الفريق( الشبلي) الى سوريا وانابت عنه الفريق ( محمد باشا) فامر هذا القائد بتاسيس مركز لواء العماره حاليا.
المنشات العمرانيه والمدنيه في العماره قديما
اول النشات العمرانيه التي انشات في العماره هي ( سوق الباشا) الذي انشاه ( محمد باشا) وقد اندرست اثاره واقيمت عليه عمارات جديده وهي العمارات المقامه الان مابين شارع بغداد والسوق الكبير وذلك في اوائل سنة ( 1275) للهجره ( حيث يؤكد المؤرخ الكبير (عبد الكريم الندواني) بان التاريخين المشهورين الذين نظم بهما الشاعر المعروف( الاخرس البغدادي) يدلنا اولهما بكل وضوح على بناء بلدة العماره ويدلنا ثانيهما على بناء المناره التي شيدها ( عبد القادر الكولبندي) في المسجد الكبير بعد بناء محلة ( القادريه) بسنة واحده ، ومحلة ( القادريه) هي اول محله انشات في هذه البلده بعد( سوق الباشا) حيث تبين قصائده بان محلة ( القادريه ) قد عملرت ايام عبد القادر 1278 للهجره ، وان المناره التي انشات في نفس المنطقه في زمن والي بغداد نامق 1279 للهجره.
الحكام اللذين حكموا العماره خلال الحكم العثماني
وكان اولهم عبد القادر الكوبلندي الذي انتهت ولايته سنة 1276 للهجره وعين مكانه ( مراد افندي) والذي في وقته اصبح قضاء العماره لواءا يديره متصرفا وذلك في سنة 1276 للهجره، اما المتصرف الثاني فهو ( (سري باشا) والذي عين سنة ( 1286) للهجره والذي انشا محله سميت باسمه وهي ( السريه) واستمرت متصرفيته الى عام 1291 للهجره ثم نقل وخلفه متصرفا اخر وهو (بهجت افندي ) ثم عزل هذا المتصرف حال جلوس السلطان ( عبد الحميد خان ) على عرش ( المملكه العثمانيه) ، بعد عزل المتصرف ( بهجت افندي) لاسباب سياسيه وذلك في اوائل شهر ذي القعده (1293) للهجره فاعقبه اشرف باشا وهذا المتصرف من خاصة السلطان( عبد الحميد) واستدامت متصرفيته الى نهاية سنة 1296 للهجره . اما بقية الحكام الذين حكموا العماره خلال الحكم العثماني فهم على التوالي :
صالح بك ووهبي باشا وطليع باشا وصالح بك واحمد رافع باشا ومصطفى باشا ومحمد علي بك ثم حمدي باشا ثم رشيد باشا ثم عبد الحميد الشاوي ثم سعاد بك ثم رامي افندي سنة 1926 ثم عبد الوهاب بك ثم عبد السلام بك ثم عاصم بك وبقي هذا المتصرف الى يوم ( 19) من شهر رجب (1333) للهجره ذلك اليوم الذي دخلت فيه طلائع الحمله البريطانيه مركز اللواء فاحتلته .
موقف اهالي العماره من الحكم العثماني
كان موقف اهالي العماره مشرفا اثناء الحكم العثماني وخاصه من قبل العشائر حيث شهدت صراعا متواصلا ومتسلسل الحلقات من المقاومه وبكل الوسائل المتاحه انذاك وقد عملت تلك العشائر على قطع المواصلات النهريه في نهر دجله، وجراء الحملات القمعيه للسلطات العثمانيه دفع الاهالي اللجوء الى الاهوار البعيده حتى يكونوا في مناطق منيعه مما يصعب على القوات العثمانيه الوصول الى مناطقها وقد استمرت المقاومه ( 60) عاما وبلا هواده وخاصه في عام( 1855) م ومابعده مستغلين فترة القلاقل في زمن السلطان ( عبد الحميد الاول) وان السبب الرئيسي في انتفاضة الاهالي وكما يؤكد المؤرخ الاستاذ (عقيل عبد الحسين المالكي) يرجع الى فداحة الضرائب الملقاة عليها ورغبتها في نيل نوع من الحريه لاسيما وان المحتلين يتميزون باسائتهم للسكان المحليين سواء لمشاعرهم او رغباتهم وقد تمكن اهالي العماره وفي مقدمتهم العشائر من ايقاف وسائل النقل النهريه في نهر دجله لمدة ستة اشهر ولكن الوالي ( محمد نامق باشا) والذي امر بتاسيس معسكر الفيلق في اراضي العماره عام ( 1861) قد تمكن فيما بعد من ضرب المقاومه وتشتيت قواتها وخاصه في السنوات من ( 1863- 1868) م واستقر الوضع العام للاتراك بعد ذلك التاريخ ولكن الحاله لم تهدا اذ سرعان ما ترك الشيخ ( صيهود المنشد) في عام ( 1878) م مقر اقامته والتجا للاهوار بعدها اخذ بالتعرض والاغاره على التجاره النهريه والتي كانت الورقه المهمه في ذلك الوقت لعدم وجود وسائل اخرى غيرها ذات اهميه للتجاره ،
وفي عام 1881 م قام الشيخ صيهود المنشد بانتفاضه اخرى ضد الاتراك حيث عمل على بناء قلعه حصينه في الاهوار تبعد عن مدينة ( قلعة صالح بحدود (4) اميال في اراضي ( العمشه) جاعلا منها قاعده اساسيه للتعرض للسفن النهريه التي كانت تجوب نهر دجله صعودا ونزولا ، ونتيجة للخلافات العشائريه التي حدثت في ذلك الوقت ادى الى قمع الانتفاضه واضعاف المقاومه وانهائها ومن ثم القبض على الشيخ ( فالح الصيهود) وكذلك ابن اخيه الشيخ ( عريبي الوادي) بصفة رهائن وتم ارسالهم مخفورين الى مدينة اسطنبول ( الاستانه) في ذلك الوقت. .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *