الكاتب : غالب الحبكي
—————————————
عرس القاسم بن الحسن بين الوهم والحقيقة
بقلم: الأستاذ غالب الحبكي
يذكر السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه مقتل الحسين ضمن فصل “القاسم وأخوه” ما نصه:
«وخرج ابو بكر بن الحسن بن امير المؤمنين، وكانت امه ام ولد يقال لها رملة، فقاتل حتى قتل».
ثم قال: «وخرج من بعده اخوه لامه وابيه، القاسم، وكان غلاما لم يبلغ الحلم، فنظر اليه الحسين واعتنقه وبكى، ثم اذن له فبرز».
انتهى كلام المقرم.
نحن هنا بصدد معالجة ظاهرة تتكرر في كل عام من شهر محرم، وهي ما تعرف بـ”صينية عرس القاسم” او “ليلة عرس القاسم”.
وهنا يجدر بنا التوقف، اذ لا توجد مصادر تاريخية علمية تثبت وقوع عرس للقاسم في كربلاء، بل هي شعائر دخيلة على المذهب الامامي.
فكما نرى في ليلة السابع من محرم، تقوم المواكب الحسينية بوضع “صينية كبيرة” تحتوي على الحناء والياس والبخور والشوكولاتة، وكانها ليلة زفاف.
والامر ذاته يمارس في بيوت الشيعة الامامية الا من ندر، اذ يرفض البعض هذه التقاليد التي لا يعرف احد كيف تسللت الى المذهب الاثني عشري، ومن الذي اسسها لتنتقل عبر الاجيال، رغم عدم ثبوتها تاريخيا.
وقد اشار السيد عبد الرزاق المقرم في هامش كتابه مقتل الحسين صراحة قائلا:
«كل ما يذكر في عرس القاسم غير صحيح، لعدم بلوغه سن الزواج، ولم يرد نص صحيح من المؤرخين يثبت ذلك».
اما الشيخ فخر الدين الطريحي، فله مقام علمي رفيع وجلالة قدر، ولا يمكن تصور صدور مثل هذه الخرافة منه. وانما ثبوتها في كتابه المنتخب يرجح ان تكون مدسوسة، وسيحاسب واضعها لا الطريحي نفسه.
ولا يعلم من اين استند فضيلة السيد علي محمد اللكهنوي، الملقب بـ”تاج العلماء”، حين كتب رسالته الموسومة بـ”القاسمية”، كما ورد في الذريعة للطهراني.
انتهى كلام السيد المقرم صاحب كتاب مقتل الحسين.
وقد ورد كذلك في كتاب مقتل الخوارزمي:
«ان الحسين ابى ان ياذن له، فما زال الغلام يقبل يديه ورجليه حتى اذن له».
وعليه، فانه لا توجد اية قرينة تاريخية تثبت وقوع زفاف في كربلاء عام 61 هـ تحت اي مسمى. بل ان المصدر الوحيد الذي ذكر ذلك هو الشيخ الطريحي في كتابه المنتخب، وهو كتاب يضم مراثي واشعار واذكار، يلقى بعضها باسلوب الرزخون القديم المعروف.
وقد استغل البعض هذه المرويات الشعرية ليضع بصمته او ينفرد بمكانة شعبية، محققا مكاسب من ذلك، متاثرا بمحبة الناس العميقة لاهل بيت النبي وآله.
المصادر:
1. مقتل الحسين – السيد عبد الرزاق المقرم
2. المنتخب – الشيخ فخر الدين الطريحي