الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
جاء في كتاب موازين الهداية ومراتبها المؤلف للدكتور نور الدين أبو لحية: الشيعة: عن سليمان قال: ذكرت هذه الاهواء عند الإمام الصادق قال: (لا والله ما هم على شيء مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا استقبال الكعبة فقط). عن أبي كهمس قال: سمعت الإمام الصادق يقول: (أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم أهل بيت نبيكم فابشروا)، قيل: جعلت فداك أرجوا أن لا يجعلنا الله وإياهم سواء، فقال: (لا والله لا والله ثلاثا). عن أبي كهمس، عن الإمام الصادق قال: (عرفتمونا وأنكرنا الناس، وأجبتمونا وأبغضنا الناس، ووصلتمونا وقطعنا الناس رزقكم، الله مرافقة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسقاكم من حوضه). عن بشير الكناسي قال: سمعت الإمام الصادق يقول: (وصلتم وقطع الناس، وأحببتم وأبغض الناس، وعرفتم وأنكر الناس وهو الحق). عن بشير الدهان قال: قال الإمام الصادق: (عرفتم في منكرين كثيرا، وأحببتم في مبغضين كثير، وقد يكون حب في الله ورسوله وحب في الدنيا، فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله، وما كان في الدنيا فليس بشئ، ثم نقض يده). عن الإمام الصادق في قول الله “كُلُّ شيء هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ” (القصص 88) قال: من أتى الله بما أمر به من طاعته وطاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو الوجه الذي لا يهلك، ولذلك). عن عقبة بن خالد قال: دخلت أنا ومعلى بن خنيس، على الإمام الصادق وليس هو في مجلسه فخرج علينا من جانب البيت، فلما نظر إلينا رحب فقال: مرحبا بكما وأهلا، ثم جلس وقال: أنتم أولو الألباب في كتاب الله، قال الله تبارك وتعالى: “إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألباب” (الرعد 19) فأبشروا، أنتم على إحدى الحسنين من الله.. أما إنكم إن بقيتم حتى تروا ما تمدون إليه رقابكم، شفى الله صدوركم وأذهب غيظ قلوبكم، وأدالكم على عدوكم: وهو قول الله تبارك وتعالى: “وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ” (التوبة 14-15)، وإن مضيتم قببل أن تروا ذلك، مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وبعث عليه). سئل الإمام الصادق عن قول الله تعالى: “إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ” (الحجر 42)، فقال: (ليس على هذه العصابة خاصة سلطان)، قيل: وكيف وفيهم ما فيهم؟ فقال: (ليس حيث تذهب إنما هو ليس لك سلطان أن يحبب إليهم الكفر، ويبغض إليهم الإيمان).
وعن الروافض يقول الدكتور أبو لحية في كتابه: عن عتيبة بياع القصب، قال: خبرت الإمام الصادق أن رجلا قال لي: إياك أن تكون رافضيا، فقال: (والله لنعم الاسم الذي منحكم الله مادمتم تأخذون بقولنا، ولا تكذبون علينا). عن سليمان الاعمش قال: دخلت على الإمام الصادق، فقلت: جعلت فداك إن الناس يسمونا روافض، وما الروافض؟ فقال: (والله ما هم سمو كموه، ولكن الله سماكم به في التوراة الانجيل على لسان موسى ولسان عيسى عليهما السلام وذلك أن سبعين رجلا من قوم فرعون رفضوا فرعون ودخلوا في دين موسى فسماهم الله تعالى الرافضة، وأوحى إلى موسى أن أثبت لهم في التوراة حتى يملكوه على لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم ففرقهم الله فرقا كثيرة وتشعبوا شعبا كثيرة، فرفضوا الخير فرفضتم الشر واستقمتم مع أهل بيت نبيكم فذهبتم حيث ذهب نبيكم، واخترتم من اختار الله ورسوله، فأبشروا ثم أبشروا فأنتم المرحومون، المتقبل من محسنهم والمتجاوز عن مسيئهم، ومن لم يلق الله بمثل ما لقيتم لم تقبل حسناته ولم يتجاوز عن سيئاته، يا سليمان هل سررتك؟ فقلت: زدني جعلت فداك، فقال: إن لله عز وجل ملائكة يستغفرون لكم، حتى تتساقط ذنوبكم، كما تتساقط ورق الشجر في يوم ريح، هل سررتك؟ فقلت: جعلت فداك زدني قال: (ما على ملة إبراهيم عليه السلام إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها برئ). عن أبي ولاد قال: قلت للإمام الصادق: جعلت فداك إن رجلا من أصحابنا ورعا مسلما كثير الصلاة قد ابتلي بحب اللهو، وهو يسمع الغنا، فقال: أيمنعه ذلك من الصلاة لوقتها أم من صوم أو من عيادة مريض أو حضور جنازة أو زيارة أخ؟.. قلت: لا، ليس يمنعه ذلك من شيء من الخير والبر. قال: هذا من خطوات الشيطان، مغفور له ذلك إن شاء الله). عن سليمان الديلمي، قال: دخل سماعة بن مهران على الإمام الصادق فقال له: يا سماعة من شر الناس؟ قال: نحن يا ابن رسول الله، قال: فغضب حتى احمرت وجنتاه ثم استوى جالسا وكان متكئا فقال: يا سماعة من شر الناس عند الناس؟ فقلت: والله ما كذبتك يا ابن رسول الله نحن شر الناس عند الناس لانهم سمونا كفارا ورافضة، فنظر إلي ثم قال: كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة، وسيق بهم إلى النار؟ فينظرون إليكم ويقولون: “مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ” (ص 62).. يا سماعة بن مهران إنه من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال، والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا في الدرجات واكمدو عدوكم بالورع). الكمدة: تغير اللون وذهاب صفائه، والحزن الشديد، ومرض القلب منه.
جاء في كتاب موازين الهداية ومراتبها المؤلف للدكتور نور الدين أبو لحية: عن عبد الله بن الوليد قال: دخلنا على الإمام الصادق في زمن بني مروان فقال: ممن أنتم؟ قلنا: من أهل الكوفة، قال: ما من أهل البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لامر جهله الناس فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وتابعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأما تكم مماتنا، فأشهد علي أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقربه عينيه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه ههنا وأهوى بيده إلى حلقه وقد قال الله عز وجل في كتابه “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً” (الرعد 38)، فنحن ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. عن أبي حمزة قال: قلت للإمام الصادق: جعلت فداك قد كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي وقد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت، قال: فقال لي: يا أبا حمزة أو ما ترى الشهيد إلا أن قتل؟ قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: يا أبا حمزة من آمن بنا وصدق حديثنا، وانتظر أمرنا، كان كمن قتل تحت راية القائم، بل والله تحت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. عن أبى بصير قال: قال لي الإمام الصادق: يا أبا محمد إن الميت على هذا الأمر شهيد، قال: قلت: جعلت فداك وإن مات على فراشه؟ قال: وإن مات على فراشه، فانه حي يرزق.
من وصايا الإمام الصادق يقول الدكتور أبو لحية في كتابه: كتب الإمام الصادق رسالة إلى أصحابه، وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها وكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم، فاذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها. ولتيسير نشر الوصية قسمناها إلى المقاطع التالية: قال الإمام الصادق في وصيته لأصحابه: (اسألوا الله ربكم العافية، وعليكم بالدعة والوقار والسكينة، والوقار والسكينة، وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم، وعليكم بمجاملة أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم، وإياكم ومماظتهم، دينوا فيما بينكم وبينهم إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام، فإنه لا بد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم، فإذا ابتليتم بذلك منهم، فإنهم سيؤذونكم وتعرفون في وجوههم المنكر، ولولا أن الله تعالى يدفعهم عنكم لسطوا بكم، وما في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم.. مجالسكم ومجالسهم واحدة، وأرواحكم وأرواحهم مختلفة لاتأتلف، لاتحبونهم أبدا ولا يحبونكم، غير أن الله تعالى أكرمكم بالحق وبصركموه، ولم يجعلهم من أهله، فتجاملونهم وتصبرون عليهم وهم لامجاملة لهم، ولا صبر لهم على شيء، وحيلهم وسواس بعضهم إلى بعض، فإن أعداء الله إن استطاعوا صدوكم عن الحق، يعصمكم الله من ذلك، فاتقوا الله، وكفوا ألسنتكم إلا من خير). قال الإمام الصادق في وصيته لأصحابه: (إياكم أن تذلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان، والإثم والعدوان، فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكرهه الله مما نهاكم عنه، كان خيرا لكم عند ربكم من أن تذلقوا ألسنتكم به، فإن ذلق اللسان فيما يكره الله وما نهى عنه مرداة للعبد عند الله، ومقت من الله، وصمم وعمى وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة، فتصيروا كما قال الله: “صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ” (البقرة 18) يعني لاينطقون “وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ” (المرسلات 36)). قال الإمام الصادق في وصيته لأصحابه: (إياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه، وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمر آخرتكم، ويأجركم عليه، وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء على الله والتضرع إليه والرغبة فيما عنده من الخير الذي لايقدر قدره، ولا يبلغ كنهه أحد، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهى الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلودا في النار من مات عليها ولم يتب إلى الله ولم ينزع عنها). قال الإمام الصادق في وصيته لأصحابه: (عليكم بالدعاء، فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه والتضرع إلى الله والمسألة له، فارغبوا فيما رغبكم الله فيه، وأجيبوا الله إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله).