الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
العراق بلد مرت على شعبه محن وابتلاءات نتيجة بطش حكامه والتمييز العنصري والطائفي والمناطقي والعشائري، قليل من دول العالم مر بها. جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قال الله تعالى عن البلاد “وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ” ﴿ق 36﴾ نقبوا في البلاد طافوا فيها، والمحيص المهرب، والمعنى كان في الزمان الغابر أمم أكثر حضارة وأقوى عدة وعددا من الذين كذبوك يا محمد، وكانت لهم صلات مع كثير من البلاد، كل ذلك وما إليه لم يغن عنهم حين نزل بهم العذاب، ولم يجدوا من أمر اللَّه مهربا ألا يخشى قومك أن يصيبهم مثل ما أصاب الماضين؟ وتكرر هذا التذكير في آيات كثيرة، منها الآية 9 من سورة الروم ج 6 ص 132.
جاء في الموسوعة الحرة عن انقلاب 14 تموز أو ثورة 14 تموز: كشف التنظيم: في البداية، تمّت محاولات محدودة من قبل تنظيم الضباط الوطنيين للقيام بحركة تهدف إلى قلب نظام الحكم الملكي، إلا أن الفرصة المناسبة لم تكن متوفرة. وبعد سلسلة من الاجتماعات المستمرة لقادة التنظيم التي استمرت لمدة عامين، اتفق على اغتنام أي فرصة قد تتيحها إحدى القطعات العسكرية التي يُسمح لها بالمرور في بغداد لتنفيذ الحركة. كما تقرر دعم القطعات غير المشاركة في حال سماعها بنية القيام بالحركة، وذلك في حال تعذر تبليغ جميع القطعات بسبب الأسباب الأمنية. في صيف عام 1956، تنبهت الحكومة إلى وجود هذا التنظيم بعد تسرب معلومات عن تحركات الجيش إلى مديرية الاستخبارات العسكرية الملكية. وقد أسفرت التحقيقات عن كشف اجتماع شارك فيه العقيد رفعت الحاج سري، والعقيد الركن عبد الوهاب أمين، والمقدم إسماعيل العارف، والمقدم صالح عبد المجيد السامرائي. وعلى إثر ذلك، اتخذت إجراءات لتفريق هؤلاء الضباط وإبعادهم عن الوحدات المؤثرة، حيث بدأت الحكومة في اتخاذ خطوات لإجهاض التنظيم من خلال نقل قادته إلى أماكن أخرى وتعيين بعضهم كملحقين عسكريين في السفارات خارج العراق. نتيجة لذلك، انتقلت قيادة التنظيم من رفعت الحاج سري إلى الفريق نجيب الربيعي، الذي انتخب رئيسًا للتنظيم خلفًا لسري. وبعد نقله أيضًا، انتقلت القيادة إلى عبد الكريم قاسم، وقُسم التنظيم إلى عدة خلايا لتسهيل تنفيذ الأوامر والعمليات. وتشير بعض التحليلات السياسية إلى أن تسريب المعلومات قد يكون قد من أحد الضباط المشاركين في التنظيم، ويُعتقد أن عبد الكريم قاسم كان أحد المشتبه بهم في هذا الشأن.
قادة الحركة واللمسات الأخيرة للخطة: بدأ عبد الكريم قاسم حياته العسكرية برتبة ملازم ثاني عام 1938، ثم تخرج من كلية الأركان العسكرية عام 1941 وشارك في حرب فلسطين عام 1948. ترقى إلى رتبة مقدم ركن عام 1955، وأصبح عقيدًا في الجيش العراقي. كان ينتمي إلى طبقة فقيرة وتوفي والده وهو صغير، مما أثر على شخصيته وعلاقاته الاجتماعية. رغم ذلك، كان معروفًا بمهنته العسكرية العالية ووطنيته، وكان على علاقة طيبة مع عبد السلام عارف وبعض الشيوعيين الذين تعرف عليهم.
أما عبد السلام عارف، فقد التحق بالكلية العسكرية عام 1938 وتخرج منها عام 1941 برتبة ملازم ثاني. شارك في ثورة أيار/مايس 1941، ثم في حرب فلسطين 1948، وتولى عدة مناصب في الجيش العراقي. انضم إلى “تنظيم الضباط الوطنيين” عام 1957 وكان من الأعضاء الفاعلين في التحضير لحركة 14 تموز 1958. عُرف بقوة إرادته وشجاعته وحبه للقضايا العربية. التقت علاقة الصداقة بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف في الكلية العسكرية عام 1938 واستمرت حتى عام 1957. خلال مسيرتهما العسكرية، تبادلوا الآراء حول الأوضاع السياسية في العراق وتأثير السياسة البريطانية على البلاد. في عام 1957، دعى عارف قاسم للانضمام إلى “تنظيم الضباط الوطنيين” حيث قُبل بعد بعض التردد، وكان له دور كبير في التنسيق بين قادة التنظيم لتحقيق النجاح في الثورة. أتاح ترؤس عبد الكريم قاسم للجنة العليا للتنظيم لعبد السلام عارف الفرصة للعمل المشترك مع قاسم لتحقيق أهدافهما في إحداث تغيير في البلد. بعد ورود معلومات للقصر الملكي ودار السراي عن تشكيل تنظيم سري يهدف إلى التغيير، سارعت الحكومة العراقية بإصدار تعليمات للجيش بتنفيذ حركة تنقلات شملت العميد عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف، حيث نقلا إلى المنصورية في محافظة ديالى. عُين عبد الكريم قاسم آمراً للواء التاسع عشر، بينما عُين عبد السلام عارف آمراً للواء العشرين، وكانا تحت إمرة اللواء غازي الداغستاني قائد الفرقة الثالثة. في خطوة سياسية لامتصاص نقمة الضباط، قام الوصي على العرش الأمير عبد الإله مع الملك فيصل الثاني والفريق نوري السعيد باشا بزيارة عدد من القطعات العسكرية، بما في ذلك معسكر المنصورية. عرض نوري باشا منصب نائب القائد العام للجيش على عبد الكريم قاسم، ووزير الدفاع على عبد السلام عارف، لكن كليهما اعتذر. في وقت لاحق، نقلت الحكومة عبد السلام عارف وعدداً من الضباط المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى الأردن، مستغلة الاتحاد الفدرالي بين العراق والأردن وتوتر الحدود الأردنية الإسرائيلية. في بداية تموز 1958، وعند صدور أوامر بتحرك القطعات إلى المفرق بالأردن، دعا عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف لعقد اجتماع عاجل للتنظيم. أخبرا التنظيم أنه في حال ترددوا في اتخاذ خطوة فعلية، فإنهما سيقودان ضباط التنظيم للإطاحة بالنظام الملكي. اتفقا على إعطاء التنظيم فرصة أخيرة للتحرك، ضامنين دعم الفرق العسكرية الأخرى في العراق. وتضمنت الخطوات الأولى لقيادة قاسم وعارف استقطاب أو تحييد أعضاء القيادة التقليدية والتأكد من عدم تسرب الخطط للاستخبارات العسكرية أو الحكومة.
وردت كلمة بلد ومشتقاتها في القرآن الكريم “فسقناه الى بلد ميت”، “رب اجعل هذا بلدا آمنا”، “تقلب الذين كفروا في البلاد”، “سقناه لبلد ميت”، “لا اقسم بهذا البلد”، “وأنت حل بهذا البلد” (البلد 2)، “وتحمل أثقالكم الى بلد”، “والبلد الطيب يخرج نباته”، “لنحيي به بلدة ميتا”، “أن أعبد رب هذه البلدة”، “فلا يغرنك تقلبهم في البلاد”، “وأحيينا به بلدة ميتا”، “فنقبوا في البلاد”، “التي لم يخلق مثلها في البلاد”، “الذين طغوا في البلاد”، “وهذا البلد الأمين” (التين 3). كل مجموعة من هذه الحلقات تنشر في مواقع مختلفة.
جاء في موقع الاتحاد الوطني الكردستاني عن 14 تموز انعطافة سياسية في تاريخ العراق: أسباب ثورة 14 تموز 1958: نتائج الإستهانة بالجماهير والديمقراطية: إن سياسة استهتار واستهانة السلطات في العهد الملكي بالجماهير والديمقراطية والدستور وتزييف الانتخابات البرلمانية واضطهاد الأحزاب المعارضة وقمع المظاهرات وقتل السجناء السياسيين وبؤس قطاعات واسعة من الشعب، رغم ادعاء السلطة بالديمقراطية، هي التي جعلت الجماهير العراقية تفقد ثقتها بالدستور والبرلمان والديمقراطية ومؤسساتها، واليأس من الإصلاح السياسي بالوسائل السلمية لانتفائها. وهذه السياسة هي التي فتحت الباب أمام العسكر لدخولهم السياسة من أوسع أبوابها، وجعلت قيادات الأحزاب الوطنية تفقد كل أمل في تحقيق الإصلاح السياسي بالوسائل السلمية ولم يبقى أمامها أي خيار آخر سوى فرضه بالقوة. وقد اضطر العديد من السياسيين الوطنيين المخلصين الذين لا يمكن الشك في نزاهتهم وإخلاصهم للوطن مثل الزعيمين الوطنيين جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي وغيرهما إلى الاعتماد على العسكر واللجوء إلى القوة لفرض الإصلاح السياسي كما حصل في انقلاب بكر صدقي عام 1936، وتكررت المشكلة ذاتها عام 1941، ثم في الخمسينات عندما اضطهدت السلطة السعيدية القوى الوطنية وحلت البرلمان عام 1954 كما مر بنا. إن المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية هي التي تشكل القوة الدافعة وراء الثورات، خاصة عند انتفاء الوسائل السلمية الديمقراطية لإحداث التغيير المطلوب. ولكن ومع الأسف الشديد، يرفض البعض الأخذ بهذا التحليل العلمي للثورات والهزات الاجتماعية تاركين المجال لعواطفهم ومخيلتهم في تفسير الأحداث الكبرى كثورة 14 تموز العراقية تفسيراً عاطفياً. ومن كل ما تقدم، نفهم أن النظام الملكي هو الذي توقف عن التطور السلمي التدريجي واستند دوره وصار عقبة أمام التطور، وبعمله ذاك قد بدأ يزرع بذور الثورة ضد نفسه، وأصبح تغييره بالعنف مبرراً وخاصة عند الاقتدار عليه. أما ما حصل فيما بعد، ومجيء نظام صدام حسين، فهذا ليس بالأمر الغريب في التاريخ. إذ كما يقول كارل ماركس: “الناس يصنعون تاريخهم بأنفسهم، ولكن النتائج لن تكون كما يرغبون”.
دور الدستور والبرلمان في العهد الملكي: كان في العهد الملكي دستور وانتخابات وبرلمان ومعارضة. ولكن العبرة ليست بوجود هذه المؤسسات فحسب، بل المهم هو دورها في الحكم وحياة الشعب. ويتفق أغلب الذين كتبوا في تاريخ العراق الحديث، أن الحكومة هي التي كانت تسيطر على البرلمان وتقرر مصيره وليس العكس. لقد كان الدستور حبراً على ورق، والبرلمان كان جسماً بلا روح. لذلك وصف الشاعر معروف الرصافي محذراً حكومات ذلك العهد بسوء العاقبة بقصيدة نقتطف منها: عَلَمٌ ودستور ومجلس أمـــــــة كل عن المعنى الصحيح محرَّفُ * إن دام هذا في البــــــلاد فإنه بدوامـــــه لسيوفـنا مسترعـف * كم من نواصِ للعـدى سنجزهـا ولحىً بأيــد الثائرين ستنتفُ. لقد كتب العديد من المهتمين في تاريخ العراق الحديث عن تلك الفترة ومنهم حسين جميل والجواهري وعلي الوردي ومجيد خدوري وعبد الرزاق الحسني وآخرون، جميعهم يؤكدون على استهتار سلطات العهد الملكي وخاصة نوري السعيد وعبد الإله، بالديمقراطية وانتهاكهما للدستور والبرلمان وتزييف الانتخابات، واستخفافهما بالأحزاب السياسية والجماهير الشعبية. وبهذا الخصوص نعود إلى الدكتور علي الوردي فيقول: “إن جلاوزة العراق، ومن لف لفهم من المتزلفين وأنصاف المتعلمين ينظرون إلى الشعب الفقير نظرة ملؤها الاحتقار والاستصغار. ولعلهم لا يشعرون بهذا الاحتقار الذي يكنّونه لأبناء الشعب، إذ هو كامن أغوار نفوسهم، اللاشعور من أنفسهم، فهم ينساقون به وقد لا يعرفون مأتاه أحياناً. كما ويصف الجواهري وضع البرلمان آنذاك وكان نائباً فيه فيقول: لقد وقف نوري السعيد ذات يوم وقد ضاق صدره من هذا المعارض أو ذاك ليقول بالحرف الواحد: ” هل بالإمكان أناشدكم الله، أن يخرج أحدنا مهما كانت منزلته في البلاد، ومهما كانت خدماته في الدولة، ما لم تأت الحكومة وترشحه؟ فأنا أراهن كل شخص يدعي بمركزه ووطنيته، فليستقيل الآن ويخرج، ونعيد الانتخاب، ولا ندخله في قائمة الحكومة، ونرى هل هذا النائب الرفيع المنزلة الذي وراءه ما وراءه من المؤيدين يستطيع أن يخرج نائباً”. وأكد هذه الرواية كل من حسين جميل ومجيد خدوري في مؤلفاتهما. ويضيف الجواهري:”هكذا كانت الأوضاع في العراق وهكذا كانت الديمقراطية. ولا شك إن أوضاعاً كهذه لا بد أن تخلق حالة من الكبت الجماهيري الذي يبحث عن مفجر”.
عن موقع الجزيرة ثورة أم انقلاب؟ يوم أطيح بملك العراق فيصل الثاني للكاتب علاء كولي: يقول أستاذ التاريخ والمختص بتاريخ العراق الحديث د. حيدر شهيد، إن عام 1949، شهد تشكيل تنظيم الضباط الأحرار في العراق من قبل رفعت الحاج سري على غرار تنظيم الضباط الأحرار في مصر، وهو أول نواة لتنظيم عسكري داخل الجيش العراقي، وفي عام 1952 ظهرت بعض الخلايا للتنظيم في صفوف الجيش.ويتابع شهيد حديثه للجزيرة نت بالقول، إن تطور الأحداث في المنطقة العربية ولا سيما قيام ثورة 1948 في اليمن والقضاء على الحكم الملكي، وقيام ثورة 1952 في مصر والإطاحة بالحكم الملكي، أسهم في تنامي التخطيط للقيام بالانقلاب في العراق وكانت هناك محاولات ولكنها فشلت. عام 1956، كما يقول شهيد، انتبهت الحكومة العراقية لوجود هذا التنظيم في صفوف الجيش عقب اجتماع عقد في مدينة الكاظمية ببغداد، وكردة فعل على ذلك، قامت بتشتيت ونقل الضباط المشتركين في الاجتماع إلى أماكن متفرقة. ويضيف أن في مطلع يوليو/تموز عام 1958 طلب ملك الأردن الحسين بن طلال من الملك فيصل الثاني إرسال قوات عراقية إلى الأردن، وعندما ذهب رئيس أركان الجيش الفريق رفيق عارف، أخبره الملك حسين بوجود تنظيم عسكري في الجيش العراقي يهدف إلى قلب نظام الحكم. يتابع شهيد “عاد الفريق رفيق عارف إلى العراق يوم 11 يوليو/تموز مستاء من الإنذارات الأردنية، كما أنذر الملك حسين قائد الفرقة الثالثة العراقية الفريق غازي الداغستاني،، عن وجود تنظيم سري يسعى لقلب نظام الحكم في العراق”. ويلفت إلى أن “ورود اسم عبد الكريم قاسم بين أسماء هؤلاء الضباط المتآمرين جعل بعض القادة يعتبرون ذلك مجرد شائعات، نظرا لعلاقة قاسم مع الملك فيصل الثاني ورئيس الحكومة نوري السعيد”. في يوم 14 يوليو/تموز، يكمل الأكاديمي العراقي، تهيأ اللواء العشرين بقيادة العقيد عبد السلام عارف للتحرك لبدء تنفيذ الحركة، واتخذ عدة إجراءات لضمان نجاح الانقلاب، منها اعتقال كل قادة القطاعات العسكرية المتفق على ذهابها إلى الأردن، حيث نجح الضباط بتنفيذ الخطة، وقد تولى عارف قيادة القطاعات الموكلة له والتي أدت إلى سقوط النظام الملكي.
تداعيات الانقلاب: يقول الكاتب الصحفي مصطفى الفارس إنه “قبل كل شيء علينا أن نعرف كيف حدث الانقلاب ضد الملكية، كما لا يمكننا أن نحاكم حدثا مضى عليه 62 عاما بمضامين العصر الحالي، فما نشاهده اليوم من هجوم على عبد الكريم قاسم وانقلابه وما تبعه من أحداث واستذكار العهد الملكي بوصفه عهدا مثاليا يجب أن يخضع لمعايير تاريخية”. ويتابع الفارس، خلال حديثه للجزيرة نت، أن النظام الملكي لم يوفر كل متطلبات الحياة، وكان نفوذ الإقطاع واستغلال الفلاحين سائدا، وكانت الحكومات التي يتم تشكيلها آنذاك مرتبكة، كما أن حياة الناس كانت بدائية وبسيطة، ولم يتغير الكثير منها في العهد الملكي، لكن ما حصل للعائلة المالكة، كان جريمة يندى لها الجبين. الانقلاب، كان يوما أسود على العائلة المالكة وعلى العراقيين، بسبب ما رافقه من أحداث وتطورات سياسية دموية فيما بعد، والتي انتهت بالانقلاب ضد عبد الكريم قاسم، ثم انقلابات أخرى بعده، حتى وصل الرئيس الراحل صدام حسين إلى السلطة عام 1979 وأدخل العراق في نفق الحروب والموت، وأصبح التغيير في البلاد محكوما بالدم، لتغدو ثقافة متجذرة بنفوس العراقيين. ويرى الكاتب الصحفي حيدر اليعقوبي أن ما حدث في 14 يوليو/تموز هو بالمعنى الحرفي انقلاب ولا يمكن اعتباره ثورة، فالتاريخ يؤكد من يأتي بانقلاب لا يذهب بانتخابات، وهذه القاعدة فيها استثناء ما حدث في انقلاب السودان الذي قاده المشير عبد الرحمن سوار الذهب عام 1985 ودعا إلى انتخابات ولم يرشح وسلم الحكم للصادق المهدي. الانقسام الذي يحدث سنويا حول شرعية الانقلاب عام 1958، كما يقول اليعقوبي للجزيرة نت، يقوده اليساريون الذين يسمونه ثورة ويحتفون بمنجزاته، رغم أن الوضع آنذاك لم يكن بحاجة إلى انقلاب أو ثورة. وفي كل عام يحدث شرخ بين أطياف المجتمع حول هذا الموضوع، وعلى الرغم من ذلك فإن الحكومة العراقية تقوم سنويا بتعطيل الدوام الرسمي في 14 يوليو/تموز، ولا يمكن معرفة نواياها، هل هي إضفاء الصفة الشرعية للانقلابات المقبلة أو أنها تحابي من يعتبره ثورة؟ انقسام العراقيين: وتصدر، وسم “انقلاب تموز الأسود”، مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، حيث دون العراقيون الأحداث وأعادوا القراءة لما جرى، لينقسموا بين قائل إن ما جرى انقلاب وبين من يرى أن ما جرى هو ثورة.