مجرم الأنفال الحجاج التكريتي (عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) (ح 8)

الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
عن موقع أحبار كردستان احد ابرز مجرمي الأنفال في قبضة العدالة: احد الشهود: دارا حمه علي، أحد الشهود على عمليات الأنفال وجرائم المدعو (عجاج) في سجن نقرة السلمان، تحدث للموقع الرسمي للاتحاد الوطني الكوردستاني PUKMEDIA، قائلا: “عجاج كان مشرفا على سجن نقرة السلمان، وقد ارتكب جرائم فضيعة ضد المعتقلين وذوي المؤنفلين في السجن، سعدت كثيرا اليوم بسماع نبأ اعتقاله، وقد آن الاوان لأبناء وذوي المؤنفلين لإقامة دعاوى قضائية ضده لينال جزاءه العادل لقاء ما ارتكبه من جرائم”. وأضاف دارا حمه علي: “المسألة لاتنطلق من مبدأ الانتقام، ولكن عن طريق الشكاوى وإقامة الدعاوى القضائية يمكننا الكشف عن هول جرائم الأنفال وهذا المجرم المعتقل، كما يمكن أن تسهم اعترافاته في الكشف عن متهمين آخرين في الجريمة، وإحالتهم الى العدالة”. وأوضح الشاهد على جريمة الأنفال، أن “عجاج كان قاسيا جدا في نقرة السلمان مع المعتقلين، وكان يتعامل بعدوانية معنا ومع ذوينا، فأنا شاهد حي على العديد من جرائم هذا المجرم، حيث لم يتوان قط عن إيذاء نساء وأطفال المؤنفلين، لذا كأحد أبناء المؤنفلين، سررت كثيرا باعتقاله، وأود أن أكون أول من يسجل دعوى قضائية ضده”. جرائم ضد الانسانية: يقول شاهد آخر على جرائم المجرم عجاج: لقد شاهدت بام عيني الكثير من الجرائم والاعتداءات التي قام بها هذا المجرم ضد السجناء الكورد في سجن نقرة السلمان. واضاف: في اغلب المرات كان هذا المجرم يقوم بضرب الساء والاكفال والشيوخ دون اي رحمة، وخوف من الله، وفي مرة رأيته يضرب شيخاً عجوزا بعصى ولم يترك الشيخ حتى اغمي عليه واعتقدنا جميعا بانه فارق الحياة من هول الضرب الذي تعرض له. واوضح: ان ازلام النظام البائد وعلى رأسهم المجرم عجاج نفذوا العديد من جرائم الابادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية بحق المواطنين الكورد الابراء. نقرة السلمان: سجن نقرة السلمان هو أحد أقدم السجون في العراق يقع في ناحية السلمان بمحافظة المثنى وسط منطقة صحراوية قرب الحدود العراقية السعودية. هذا السجن وحسب موقعه الجغرافي لا يمت للكورد بصلة، لكنه بات واحدا من أبرز المعالم الشاهدة على الجرائم التي ارتكبها نظام المقبور صدام حسين ضد الكورد من حملات أنفال وابادة جماعية، حين قام بنقل الآلاف من الكورد الى هذه المنطقة وزج بهم في السجون فضلا عن دفن الآلاف من الكورد وهم أحياء في مقابر جماعية في تلك الصحراء القاحلة.

عن موقع يوميات المرصد حجاج نكرة السلمان في قبضة العدالة مدحورا: بيان جهاز الأمن الوطني: من جهته اصدر جهاز الأمن الوطني بيانا حول اعتقال المجرم عجاج هذا نصه: تواصلاً مع العمليات النوعية الرامية إلى ملاحقة مجرمي النظام البائد، وبعد تحرٍّ استخباري دقيق استمر لأكثر من ستة أشهر، تمكّنت مفارز جهاز الأمن الوطني في محافظة المثنى، وبالتنسيق مع أمن جنوب صلاح الدين، من إلقاء القبض على أحد أبرز المطلوبين من أزلام النظام البائد، المتهم الهارب عجاج أحمد حردان، الملقب بـ“حجاج نكرة السلمان”، الذي شغل منصب ضابط أمن سجن نكرة السلمان سيئ الصيت. وقد تدرّج المتهم في عدد من المواقع الأمنية سابقاً، حيث شغل مناصب: (ضابط قاطع الرميثة، ضابط قاطع النجمي، ضابط قاطع الهلال، ضابط قاطع محافظة المثنى، ضابط قاطع البصية، وأخيراً ضابط قاطع نكرة السلمان). وشارك كذلك في عمليات إعدام ودفن الضحايا في المقابر الجماعية ضمن القاطع. المتهم ارتكب، إبان الحقبة الدكتاتورية، سلسلة من الجرائم ضد الإنسانية بحق المئات من المواطنين العراقيين، لا سيما من أبناء القومية الكردية المنفيين قسراً إلى محافظة المثنى، تمثلت في التعذيب والقتل والاغتصاب داخل ذلك المعتقل سيئ الذكر. وبهدف تضليل الأجهزة الأمنية، ادعى ذووه وفاته طوال الفترة الماضية، غير أن الجهد الاستخباري، وتحليل المعلومات، ومقاطعتها مع اعترافات سابقة، أسهمت في كشف موقعه وتحديد مكان اختبائه داخل محافظة صلاح الدين. وبعد استكمال الموافقات القضائية، وتدوين أقوال الضحايا والمدعين بالحق الشخصي، تم تنفيذ عملية إلقاء القبض على المتهم، وإحالته إلى الجهات التحقيقية المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية بحقه. ويؤكد جهاز الأمن الوطني العراقي أن يد العدالة ستظل تلاحق كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، وأن الزمن لن يكون ملاذًا للهاربين من القصاص العادل.

المجرم الحجاج التكريتي في قفص العدالة اليوم ولا يفيد عض اليدين على ما اقترفه هو ومجموعته بقتل آلاف الأبرياء زمن الطاغية صدام في نقرة السلمان الواقعة في صحراء لاهبة. جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” ﴿آل عمران 119﴾ عَضُّوا: عَضُّ فعل، وا ضمير، عَلَيْكُمُ: عَلَيْ حرف جر، كُمُ، الْأَنَامِلَ: الْ اداة تعريف، أَنَامِلَ اسم. قوله تعالى: “ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ” الآية، الظاهر أن أولاء اسم إشارة ولفظة ها للتنبيه، وقد تخلل لفظة أنتم بين ها وأولاء، والمعنى أنتم هؤلاء على حد قولهم: زيد هذا وهند هذه كذا وكذا. وقوله: “وتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ”، اللام للجنس أي وأنتم تؤمنون بجميع الكتب السماوية النازلة من عند الله: كتابهم وكتابكم، وهم لا يؤمنون بكتابكم، وقوله، “وإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا”، أي إنهم منافقون، وقوله: “وإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ”: العض هو الأخذ بالأسنان مع ضغط، والأنامل جمع أنملة وهي طرف الإصبع. والغيظ هو الحنق، وعض الأنامل على شيء مثل يضرب للتحسر والتأسف غضبا وحنقا. وقوله: “قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ” دعاء عليهم في صورة الأمر وبذلك تتصل الجملة بقوله: “إِنَّ اللَّهً عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ” أي اللهم أمتهم بغيظهم إنك عليم بذات الصدور أي القلوب أي النفوس. قوله تعالى “وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا” ﴿الفرقان 27﴾وَيَوْمَ: وَ حرف عطف، يَوْمَ اسم، يعض فعل، الظَّالِمُ: ال اداة تعريف، ظَّالِمُ اسم. قال الراغب في المفردات: العض أزم بالأسنان، قال تعالى: “عضوا عليكم الأنامل” و”ويوم يعض الظالم” وذلك عبارة عن الندم لما جرى به عادة الناس أن يفعلوه عند ذلك. انتهى.

وردت كلمة يعض ومشتقاتها في القرآن الكريم: عَضُّوا، يَعَضُّ. جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” ﴿آل عمران 119﴾ عَضُّوا: عَضُّ فعل، وا ضمير، عَلَيْكُمُ: عَلَيْ حرف جر، كُمُ، الْأَنَامِلَ: الْ اداة تعريف، أَنَامِلَ اسم. يحسب بعض المسلمين أن في مقدورهم أن يكسبوا حبّ الأعداء والأجانب إذا أعطوهم حبهم وودهم، وهو خطأ فظيع، وتصور باطل، يقول سبحانه: “هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ”. إنه سبحانه يخاطب هذا الفريق من المسلمين ويقول لهم: إنكم تحبون من يفارقكم في الدين لما بينكم من الصداقة أو القرابة أو الجوار، وتظهرون لهم المودة والمحبة، والحال أنهم لا يحبونكم أبداً، وتؤمنون بكتبهم وكتابكم المنزل من السماء ـ على السواء ـ في حين أنهم لا يؤمنون بكتابكم ولا يعترفون بأنه منزل من السماء. إن هذا الفريق من أهل الكتاب ينافقون ويخادعون “وإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ”. ولاشكّ أن هذا الغيظ لن يضر المسلمين في الواقع، إذن فقل لهم يا رسول الله: “قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ” واستمروا على هذا الحنق فإنه لن يفارقكم حتّى تموتوا. هذه هي حقيقة الكفّار التي غفلتم عنها، ولم يغفل عنها سبحانه: “إِنَّ اللَّهً عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ”.

جاء في موقع دراج عن سيرة “الحجّاج” الذي كان يُعَذِّب ضحاياه بالشمس: ربط ست نساء تحت أشعة الشمس لمدة ساعات ومنع الجميع من الاقتراب منهن: تتذكر آمنة محمد، التقيت بها عام 2004، وهي إحدى ضحاياه وقضت أكثر من ثلاثة أشهر في سجن نقرة السلمان الكثير عنه وتقول: “كانت الحياة جحيماً، وصل طعم الذّل إلى عظامنا. كان الحجّاج مدير سجننا، وهو الذي منعني من دفن ابني وابنتي، قتلهما المرض والحرّ والجوع والعطش في ذلك السجن صيف عام 1988. لقد أخذ مني جثتيهما مع الحراس الآخرين قائلاً: نحن ندفنهما. بقيت في العنبر وبكيت وانهارت أعصابي”. تتابع هذه الأم الكُردية التي ذاقت المرارة الكاملة على يد الجلاّد الغائب: “كان يعاقبنا كيفما يشاء، بعد منتصف الليل، ظهراً أو صباحاً إذا أراد. لقد ضربني مرة بالسوط لأنني تجرّأت وذهبت مع نساء أخريات إلى قاووش المعتقلين المسنّين وتكلمنا معهم حول ما إذا كانوا يعرفون شيئاً عن مصيرنا والى متى نبقى في هذه الصحراء. وربط في ذلك اليوم ست نساء تحت أشعة الشمس لمدة ساعات للسبب ذاته ومنع الجميع من الاقتراب منهن. كانت نشميل محمد علي واحدة من اللواتي تم تعذيبهن بأشعة الشمس، انما لا تريد التذكّر والحديث عن تلك الظهيرة”. كان “تشميس الضحايا”، طرحهم في الشمس أو تكبيلهم وتركهم تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات، أسلوباً من أساليب الحجّاج، وكان يعتمد معه التعطيش. عذاب الشمري، من سكان ناحية السلمان، كان عمره عشر سنوات آنذاك، 1988، ويعمل بائعاً متجولاً وكان بإمكانه الوصول الى أطراف السجن وبيع السكاكر وأشياء أخرى خفيفة للحرّاس. ويقول عذاب “كنت أرى المعتقلين يتجمعون حول قاطرة المياه ويبدأ الحرّاس ضربهم، كان الحجّاج يضربهم بسوطه البلاستيكي. أتذكر لون سيارته الحمراء، سوبر موديل 1985، وكان يركب سارة لاند-كروزر بيضاء أحياناً”.

تخشب جسدها وفقدت وعيها حين رأت الكلاب حول جثة ابنها: “رأيت رجلي ابني ويديه بين أنياب الكلاب، كانت الكلاب تأكل ولدي”. قمع الموتى: لم يكن الحجّاج يسمح بحفر القبور للموتى أكثر من عمق نصف متر خارج السجن، وكان يسمح بذلك للكلاب الجائعة المتجمعة حول المكان بالتهام جثث الموتى. نشر الصحافي الأميركي جيفري غولدبرغ قصة امرأة كُردية تسمى سلمى بابان في مجلة “نيو يوركر” بتاريخ 25 آذار/ مارس 2002. تقول سلمى بابان في روايتها عن القسوة التي عاشتها في ذلك الجحيم الصحراوي: “لم يكن بإمكاننا إبقاء جثث الموتى في القاعة، وفي أول أيام نقرة سلمان مات 30 شخصاً وربما أكثر”. مرض ابنها الصغير ريبوار البالغ من العمر 6 سنوات وأصيب بالإسهال. كانت تعرف أنه سيموت، لم يكن هناك طبيب أو أدوية، بكى كثيراً ومات في حضنها. “كنا نصرخ ونبكي أنا وبناتي وأعطيناهم الجثة فأخذها الحراس ونقلوها إلى الخارج”. بعد موت ابنها توجهت سلمى نحو النافذة لترى ما إذا كان الحراس دفنوا جثة ولدها، إنما تخشب جسدها وفقدت وعيها حين رأت الكلاب حول جثة ابنها: “رأيت رجلي ابني ويديه بين أنياب الكلاب، كانت الكلاب تأكل ولدي”. لم يكن الحجّاج مسؤولاً عسكرياً كبيراً، إنما القسوة التي امتلكها أثناء الخدمة العسكرية ودخوله وحدات “المغاوير” الخاصة، حولته إلى جلّاد التشميس. وكانت القسوة كفيلة بالحصول على الامتيازات، منها امتيازات الظلم، في الأجهزة العسكرية والأمنية العراقية. بعد عام 2003 صار بإمكان الصحافيين زيارة سجن نقرة سلمان ونقل صور عنه، وعما كُتِب على جدرانه بطبيعة الحال، ولكن بقي الحجّاج لغزاً، إنما لحظتا التقام الأفعى وسلخ الأرنب، في صورتي الحجّاج، وثقتا ما يمكن وصفه بسيرة مُمكنة لجلّاد كان يُعَذِّب ضحاياه بالشمس.