حادثة برلين… رسالة في الصبر والحكمة إلى الأمير حازم تحسين بك

يحيى هركي

المقدمة  :

في زمن السرعة، لا تحتاج الأحداث الكبيرة إلى مؤتمرات أو بيانات… يكفي مقطع فيديو من ثوانٍ، ليشتعل الجدل وتتصاعد التعليقات. هذا ما حدث قبل يومين في برلين، حين واجه الأمير حازم تحسين بك، أمير الإيزيديين في العراق والعالم، موقفًا مفاجئًا، بعدما تهجم عليه شخص إيزيدي من روسيا بألفاظ جارحة، أمام عدسات الهواتف وفي قلب عاصمة أوروبية.

في لحظات، تحولت الحادثة إلى كرة نار تتدحرج على مواقع التواصل، بين مؤيد يصفها بصرخة حق، ورافض يراها إساءة لرمز ديني وقومي. لكن السؤال الأهم: هل نحن بحاجة لتضخيم الحادثة… أم لاستخلاص العبرة منها؟

النقد حق مشروع، بل ضرورة أحيانًا، لكن النقد البناء يختلف عن الإساءة الشخصية. ما جرى في برلين لم يكن نقاشًا حضاريًا ولا عرضًا لحجج مقنعة، بل كان انفعالًا شخصيًا ارتدى ثوب الاستعراض أمام الكاميرات.

لاشك القوة ليست في الصراخ… القوة في الكلمة التي تغيّر العقول.” والتاريخ شهد مواقف مشابهة: الحذاء الذي رُمي على جورج بوش في بغداد، صفعة إيمانويل ماكرون في فرنسا، ورشق سياسيين بالبيض والطماطم. لحظات هزّت الإعلام، لكنها لم تغيّر أنظمة ولم تحل أزمات، بل بقيت مجرد مشاهد يتداولها الناس ثم تُنسى.

الخطير في حادثة برلين ليس الفعل بحد ذاته، بل التضخيم المفرط. وسائل التواصل صنعت من الحادثة زوبعة، وكأنها قضية مصيرية. بعض النقاشات خرجت عن حدود العقل، وأصبحت منصة لتصفية الحسابات أكثر من كونها مساحة للحوار.

ومن يملك الحجة لا يحتاج إلى الإهانة… ومن يلجأ للإهانة فقد أفلس في حجته وبما ان القائد الحقيقي لا يُقاس بحجم سلطته، بل بقدرته على التماسك أمام الغضب. وعلى الأمير حازم تحسين بك أن ينظر للحادثة بعين الحكمة، فمكانته كرمز ديني وقومي تفرض عليه أن يتحمل النقد حتى وإن جاء جارحًا، وأن يحوله إلى فرصة للتقارب.

أما أبناء الديانة الايزيدية، فعليهم أن يفرّقوا بين النقد الذي يبني، والتهجم الذي يهدم. فاللغة التي نستخدمها في الخلاف هي مرآة حضارتنا ووعينا.

الخلاصة : القائد الذي يعفو في أوج قوته… يكتب اسمه في صفحات المجد.

وأنا أكتب هذه الكلمات، وأوضح للقارئ باني لست من الديانه الإيزيدية، لكني أؤمن بمبدأ ثابت: احترام الرموز لا يعني الصمت عن النقد، والنقد لا يعني الإهانة.

إلى الأمير حازم تحسين بك… الحادثة التي وقعت في برلين قد تُنسى مع الوقت، لكن طريقة تعاملك معها ستبقى في ذاكرة الناس. فاجعلها درسًا في الصبر والحكمة، وحوّلها إلى لحظة توحيد بدل أن تكون شرارة انقسام.

ومن وجهة نظري، فإن أعظم ما يمكنك فعله الآن هو العفو عن هذا الشخص، وألا تُسجّل بحقه أي دعوى لدى السلطات الألمانية. فالعفو هنا لن يُظهر ضعفك، بل سيُظهر قوتك، وسيكون رسالة لكل أبناء الديانة الايزيدية بأنك زعيم لا يثأر لنفسه، بل يحافظ على وحدة قومه وهيبتهم أمام العالم.