فاضل حسن شريف
جاء في کتاب الفوائد الرجالية (رجال السيد بحر العلوم) للسيد بحر العلوم: قبر إبراهيم الغمر بين الكوفة و النجف الاشرف و الى الكوفة اقرب و عليه قبة و هو مزار معروف حتى اليوم، و كان آية اللّه الفقيه المرحوم السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي يتعاهده بالزيارة بين آونة و أخرى، و يعلن للزائرين معه انه قبر جده السيد إبراهيم الغمر، و لعل بعض الغيارى من الاثرياء المؤمنين يقوم بتجديده اسوة بغيره من اولياء اللّه و ابطال العلم و العقيدة، “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ” (الزلزلة 7).
وعن مناظرته مع اليهود يقول السيد محمد مهدي بحر العلوم: فقال كبيرهم: كيف لا تحكمونيا معاشر المسلمين بحكم التوراة و في القرآن: “وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمََا أَنْزَلَ اَللََّهُ فَأُولََئِكَ هُمُ اَلْكََافِرُونَ” (المائدة 44). فقال أيده اللّه تعالى إنه لما ثبت عندنا نبوة نبينا صلى اللّه عليه و آله وسلم و نسخه للشرائع السابقة كان الواجب علينا اتباع هذه الشريعة الناسخة دون الشرائع المنسوخة، فهذا مثل ما وجب عليكم من اتباع شريعة موسى عليه السلام و العمل بما في التوراة، دون ما تقدمها من الأديان و الشرائع و الكتب و قد بقي جملة من أحكام التوراة لم تنسخ، كأحكام الجراح و القصاص و غيرها فنحن نحكم بها لوجودها في القرآن، لا لوجودها في التوراة. فقال: ما معنى قوله: “مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهََا أَوْ مِثْلِهََا” (البقرة 106) و أي فرق بين النسخ و الإنساء، و ما الفائدة في نسخ الشيء و الإتيان بمثله؟ فقال أيده اللّه تعالى: الفرق بين النسخ والإنساء: أن النسخ رفع الحكم، و ان بقي لفظه، و الإنساء: رفعه برفع لفظه الدال عليه و انساؤه: محوه من الخاطر بالكلية و المراد بالمثل: هو الحكم المماثل للأول بحسب المصلحة، بحيث يساوي مصلحته في زمانه مصلحة الاول في زمانه، لا أن تتساوى المصلحتان في زمن واحد، حتى يلزم خلوّ النسخ عن الفائدة. فضحكوا و تعجبوا من جودة جوابه وحسن محاوراته في خطابه. ثمّ قال لهم أيده اللّه تعالى: يا معاشر اليهود، لو علمنا لكم ميلا و اعتناء بطلب الحق لأتيناكم بالحجج الباهرة والبراهين القاهرة، لكني أنصحكم لاتمام الحجة، و أوصيكم بالانصاف و ترك التقليد، واتباع الآباء و الاجداد، و ترك العصبية و الحمية و العناد، فإن الدنيا فانية منقطعة و كل نفس ذائقة الموت، و لا بد لعباد اللّه من لقاء اللّه تعالى، و هو يوم عظيم ليس بعده إلا نعيم مقيم أو عذاب أليم، و العاقل من استعد لذلك اليوم و اهتم به و شمر في هذه الدار لتصحيح العقائد و القيام بما كلف به من الأعمال و تأمل في هذه الملل المختلفة و المذاهب المتشعبة، و أن الحق لا يكون في جهتين متناقضتين، و لا عذر لأحد في تقليد أب و لا جد و لا الأخذ بمذهب أو ملة بغير دليل ولا حجة.
ويستطرد السيد بحر العلوم في كتابه قائلا: فالناس من جهة الآباء و الأجداد شرع سواء، فلو كان ذلك منجيا لنجا الكل و سلم الجميع. و يلزم من ذلك بطلان الشرائع و الأديان، و تساوي الكفر و الايمان، فان الكفار و عباد الأوثان يقتفون آثار آبائهم، و لا عذر لهم في ذلك، و لا ينجيهم التقليد من العطب و المهالك فانقذوا أنفسكم من عذاب النار و غضب الجبار، يوم تبلى السرائر و تهتك الاستار و لا ينفع هنالك شفيع و لا حميم و لا ناصر و لا مجير، فعليكم بالتخلية عن الأغراض المانعة من التوجه الى الحق، و العلل الصارفة عن الرشد، و نزع النزوع الي مذاهب الآباء و الاجداد، و التوجه الى رب العباد، و الاجتهاد في طلب ما ينجى من عذاب يوم المعاد، و ذلك يحتاج الى رياضة للنفس نافعة، و مجاهدة لها ناجعة، و قد قال اللّه تعالى: “وَ اَلَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا” (العنكبوت 69) و بذلك نطق كل كتاب منزل، و جاء به كل نبي مرسل، و دلّ عليه كل عقل سليم و هدي اليه كل نظر ثاقب مستقيم، فاللّه اللّه في عقائدكم فأصلحوها و في أعمالكم فصححوها، و في انفسكم فانقذوها و لا تهلكوها فما لأحد غير نفسه عند فراق روحه و حلوله في رمسه، و ما أريد بكلامي هذا الا النصح لكم ما استطعت، و ان كنتم لا تحبون الناصحين. فقالوا: كلامكم على أعيننا و فوق رءوسنا، و نحن طالبون للحق راغبون في الصواب و الصدق. فقال لهم أيده اللّه تعالى: فما الباعث لكم على اختيار الملة اليهودية و ترجيحها على الملة الاسلامية؟