الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ” ﴿الصافات 102﴾ ثم أخبر سبحانه أن الغلام الذي بشَّره به ولد له وترعرع بقوله ” فلما بلغ معه السعي ” أي شبَّ حتى بلغ سعيه سعى إبراهيم عن مجاهد والمعنى بلغ إلى أن يتصرف ويمشي معه ويعينه على أموره قالوا: وكان يومئذٍ ابن ثلاث عشرة سنة. وقيل: يعني بالسعي العمل لله والعبادة عن الحسن والكلبي وابن زيد ومقاتل ” قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ” معنى رأى في الكلام على خمسة أوجه: أحدها: أبصر. والثاني: علم نحو رأيت زيداً عالماً والثالث: ظنَّ كقوله تعالى “إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً” (المعارج 60) والرابع: اعتقد نحو قوله: وَإنَّا لَقَوْمٌ ما نَرَى الْقَتْلَ سُبَّةً إذا مــــا رَأتْهُ عامِرٌ وَسَلُولُ. والخامس: بمعنى الرأي نحو رأيت هذا الرأي وأما رأيت في المنام فمن رؤية البصر فمعنى الآية أن إبراهيم قال لابنه: إني أبصرت في المنام رؤياً تأويلها الأمر بذبحك فانظر ماذا تراه أو أيّ شيء ترى من الرأي ولا يجوز أن يكون ترى ها هنا بمعنى تبصر لأنه لم يشر إلى شيء يبصر بالعين ولا يجوز أن يكون بمعنى علم أو ظن أو اعتقد لأن هذه الأشياء تتعدّى إلى مفعولين وليس هنا إلا مفعول واحد مع استحالة المعنى فلم يبق إلا أن يكون من الرأي والأولى أن يكون الله تعالى قد أوحى إليه في حال اليقظة وتعبَّده بأن يمضي ما يأمره به في حال نومه من حيث إن منامات الأنبياًء لا تكون إلا صحيحة ولو لم يأمره بذلك في حال اليقظة لما كان يجوز أن يعمل على ما يراه في المنام وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس منامات الأنبياء وحي وقال قتادة: رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا شيئاً فعلوه وقال أبو مسلم رؤيا الأنبياء مع أن جميعها صحيحة ضربان أحدهما: أن يأتي الشيء كما رأوه ومنه قوله سبحانه “لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام” (الفتح 27) الآية والآخر: أن يكون عبارة عن خلاف الظاهر مما رأوه في المنام وذلك كرؤيا يوسف الأحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدين وكأن رؤيا إبراهيم من هذا القبيل لكنَّه لم يأمن أن يكون ما رآه مما يلزمه العمل به على الحقيقة ولا يسعه غير ذلك فلما أسلما أعلمه الله سبحانه أنه صدق الرؤيا بما فعله وفدى ابنه من الذبح بالذبح. “قال يا أبت افعل ما تؤمر” أي ما أمرت به ” ستجدني إن شاء الله من الصابرين ” أي ستصادفني بمشيئة الله وحسن توفيقه ممن يصبر على الشدائد في جنب الله ويسلم لأمره ” فلما أسلما ” أي استسلما لأمر الله ورضيا به وأطاعاه. وقيل: معناه سلم الأب ابنه لله وسلم الابن نفسه لله ” وتله للجبين ” أي اضطجعه على جبينه عن الحسن. وقيل: معناه وضع جبينه على الأرض لئلا يرى وجهه فتلحقه رقة الآباء عن ابن عباس وروي أنه قال اذبحني وأنا ساجد لا تنظر إلى وجهي فعسى أن ترحمني فلا تذبحني.
جاء في مجلة سيدتي عن كلمات حب وتقدير للآباء في يوم الأب: يوم الأب هو يوم احتفال اجتماعي عالمي بفضل الآباء ومقامهم في حياتنا، ولكن يختلف يوم الاحتفال بعيد الأب من دولة إلى أخرى، ولكنهم يتفقون على الاعتراف بالفضل والجميل للآباء في حياة الأبناء، حيث تحتفل معظم الدول العربية بيوم الأب باستثناء بعض الدول، وفي هذا الإطار تحتفي دولة الإمارات العربية بعيد الأب في 21 يونيو من كل عام، وعلى الرغم من أنه لا يتم اعتباره عطلة رسمية، إلا أنه يظل فرصة لتجمع أفراد الأسرة في احتفال خاص، لتقدير دور الوالد في حياة الأسرة بعامة. اللقاء والدكتورة منال الشال أستاذة الاجتماع ومحاضرة التنمية البشرية للشرح والتفسير. حكاية “سونورا” والاحتفال بيوم الأب: يرجع الاحتفال باليوم العالمي للأب إلى فتاة أمريكية تدعى “سونورا لويس سمارت دود”، أرادت أن تكرم والدها، فكانت فكرة يوم الأب العالمي، وتشير التقارير الصحفية العالمية إلى أن أم الفتاة “سونورا” ماتت عام 1898م، وقام الزوج والأب بمفرده بتربية أطفاله الستة، ومن أجل الاعتراف بفضله ورغبة ملحة أصيلة لتكريمه، قدمت الابنة “سونورا” عريضة لأحد المسئولين، توصي بتخصيص يوم للاحتفال بـيوم الأب العالمي، ولم تنتظر طويلاً، إذ أيدت هذه العريضة بعض الفئات إلى أن أصبح احتفالاً ويوماً عالمياً بعد عدة سنوات أشبه بالاحتفال بيوم الأم، تكريما واحتفاءً بالآباء، وما أجمله من تكريم حين يحدث والآباء أحياء يعيشون وسط أبنائهم، وينعمون برعايتهم، ويتمتعون بحلاوة مشاعرهم.
العلّامة المجلسيّ رحمـه الله، روي عن أبي محمّد الحسن بن العسكريّ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما وذكـر أنّه عليه السلام زار بها في يوم الغدير، فاستثنى اللّه تعالى نبيّه المصطفى وأنت يا سيّد الأوصياء من جميع الخلق، كما أطاع إسماعيل صابرا محتسبا، إذ قال له: “يَبُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّبِرِينَ” (الصافات 102). وكذلك أنت لمّا أباتك النبيّ صلّـى اللّه عليه و آلـه وأمرك أن تضجع في مرقده واقيا لـه بنفسك، أسرعت إلى إجابته مطيعا، ولنفسك علـى القتل موطّنا، فشكر اللّه تعالـى طاعتك، وأبان عن جميل فعلك بقوله جلّ ذكره: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ” (البقرة 207) أشبهت محنة هارون إذ أمّره موسى علـی قومه فتفرّقوا عنه، وهارون ينادي بهم ويقول: “يَقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِى وَأَطِيعُواْ أَمْرِى * قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى” (طه 90-91) وفي مدح اللّه تعالى لك غنى عن مدح المادحين، وتقريظ الواصفين قال اللّه تعــالى: “مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً” (الأحزاب 23).
اباء جمع اب بضم الباء كما جاء في أصول اللغة والاثنان هما الأبوان. والأب يطلق على الوالد كما قال الله تعالى “وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” (البقرة 83) وكذلك على الجد والعم وصاحب الشئ. قول الانبياء والائمة اللهم اغفر لي هو دعاء لتعليم الناس. وكما جاء في الدعاء (اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم). اما غفران الذنوب للوالدين فان الإنسان مطلوب منه احترام الوالدين وهي فطرة انسانية حتى الملحد يحترم والديه. لذلك جاء الإسلام ليرسخ هذا المفهوم. فربط الله تعالى عبادته بطاعة الوالدين “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا” (الإسراء 23).