الرضا عليه السلام في مسائله في العلل للشيخ الصدوق (ح 2) (الزكاة، الحج، منى)

جاء في کتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق: باب (في ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل) حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان وحدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد الله الوراق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف عن محمد بن سنان وحدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي وعلي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة وأبو جعفر محمد بن موسى البرقي بالري رحمهم الله قالوا: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان أن علي بن موسى الرضا عليه السلام كتب إليه في جواب مسائله:

5- وعلة الزكاة من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الاغنياء لأن الله تبارك وتعالى كلف أهل الصحة القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى كما قال الله تعالى “لتبلون في أموالكم وأنفسكم” (آل عمران 186) في أموالكم بإخراج الزكاة وفي أنفسكم بتوطين الانفس على الصبر مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله عز وجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الرأفة والرحمة لاهل الضعف والعطف على أهل المسكنة والحث لهم على المواسات وتقوية الفقراء والمعونة على أمر الدين وهم عظة لاهل الغنى وعبرة ليستدلوا على فقراء الاخرة بهم وما لهم من الحث في ذلك على الشكر لله تبارك وتعالى لما خولهم وأعطاهم والدعاء والتضرع والخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة في أداء الزكاة والصدقات وصلة الارحام واصطناع المعروف.

6- وعلة الحج الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل وما فيه من استخراج الاموال وتعب الابدان وحظرها الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل والخضوع والاستكانة والذل شاخصا إليه في الحر والبرد والامن والخوف دائبا في ذلك دائما وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله عز وجل ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الانفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والعمل وتجديد الحقوق وحظر النفس عن الفساد ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لا يحج من تاجر وجالب وبائع ومشتر وكاسب ومسكين وقضاء حوائج أهل الاطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم.

7- وعلة فرض الحج مرة واحدة لأن عز وجل وضع الفرائض على أدنى القوم قوة فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحد ثم رغب أهل القوة على قدر طاقتهم.

8- وعلة وضع البيت وسط الأرض أنه الموضع الذي من تحته دحيت وكل ريح تهب في الدنيا، فانها تخرج من تحت الركن الشامي وهي أول بقعة وضعت في الأرض لانها الوسط ليكون الغرض لاهل الشرق والغرب في ذلك سواء وسميت مكة مكة لأن كانوا يمكون فيها وكان يقال لمن قصدها: قد مكا وذلك قول الله عز وجل “وما كان صلوتهم عند البيت إلا مكاء وتصديه” (الأنفال 35) فالمكاء والتصدية صفق اليدين وعلة الطواف بالبيت أن الله تبارك وتعالى قال للملائكة “إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء” (البقرة 30) فردوا على الله تعالى هذا الجواب فندموا ولاذوا بالعرش واستغفروا فاحب الله عز وجل أن يتعبد بمثل ذلك العباد فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى الضراح ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى المعمور بحذاء الضراح ثم وضع هذا البيت بحذاء البيت المعمور ثم أمر آدم عليه السلام فطاف به فتاب الله عز وجل عليه وجرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة.

9- وعلة استلام الحجر أن الله تبارك وتعالى لما أخذ ميثاق بني آدم التقمه الحجر فمن ثم كلف الناس تعاهد ذلك الميثاق ومن ثم يقال عند الحجر: أمانتي أديتها وميثاق تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ومنه قول سلمان رضي الله عنه ليجيئن الحجر يوم القيامة مثل أبي قبيس له لسان وشفتان يشهد لمن وافاه بالموافاة.

10- والعلة التي من أجلها سميت منى منى: أن جيرئيل قال: هناك لابراهيم عليه السلام تمن على ربك ما شئت فتمنى إبراهيم في نفسه أن يجعل الله مكان ابنه إسماعيل كبشا يأمره بذبحه فداء فاعطى مناه. وعلة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون العبد ذليلا مسكينا مأجورا محتسبا صابرا فيكون ذلك دليلا له على شدائد الاخرة مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات واعظا له في العاجل دليلا على الاجل ليعلم شدة مبلغ من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والاخره.