عباس سرحان
ثمة عقدة مستعصية في الوجدان الشيعي العراقي، عمرها يقترب من أربعة عشر قرنًا، توارثها الأبناء عن الأسلاف، إن افترضنا أنهم سكان الجنوب الأصليين.
هذه العقدة تتجلى في عدم الإذعان لقيادة تنبثق من داخلهم، أو بتعبير أدق: عدم التسامح مع زلة القائد إذا كان منهم، إذ يسارعون إلى تفكيك حضوره، والانسحاب من حوله، وكأنهم يرفضون أن يكون فيهم من يتقدمهم.
وقد أدركت القوى المعادية هذه الثغرة، فاستثمرتها عبر التاريخ، بإسقاط رموزهم بالإشاعة والافتراء، لتفريقهم عن قادتهم، مستغلة سرعة التصديق، وسهولة الاستجابة، وهو ما يُعرف اليوم بـ”الحرب الناعمة”.
الشيعة مقاتلون أشداء في ميادين الصراع الصلب، لكنهم ضعاف في مواجهة الحروب النفسية والناعمة، حيث تُصاغ الأكاذيب والشكوك، وتُهدم الثقة من الداخل.
وهذه الثغرة في البناء النفسي والاجتماعي، إن لم تُعالَج، ستبقى سببًا جوهريًا في الكوارث التي يتعرضون لها، وتكرارًا مؤلمًا لفصول الانكسار.
إن الالتفات إلى هذه العلة، ومواجهتها بالوعي والتربية النفسية، هو أول الطريق نحو بناء قيادة شيعية متماسكة، لا تُهدم ، ولا تُخترق.