اسم الكاتب : سليم الحسني
بعد نشر مقالي السابق عن عزت الشابندر، وردتني رسائل يطلب أصحابها بكشف ألاعيبه الخفية. ومع اني كتبت عنه عدة مقالات سابقة، لكنني أكتب هنا بطريقة أخرى، حيث أضعه في مقارنة مباشرة مع رجل يعرفه الشابندر جيداً، هو عبد الأمير علوان. فقد اشتركا معاً في عمل سياسي معارض بداية الثمانينات، ثم افترقا بخلاف شديد، لأن أحدهما كان النقيض للآخر في السلوك والمواقف والطباع.
كان عبد الأمير علوان يجازف بحياته من أجل إنقاذ الشيخ جميل الربيعي والبطل حسن الساعدي من أسر عصابات (قاسملو) المسلحة. بينما كان عزت الشابندر يغدر بمجموعة الشهيد البطل (رابح مرجان) حين تسربت أخبارهم الى أجهزة النظام الصدامي وهم داخل العراق، فتم اعدامهم جميعاً.
كان عبد الأمير علوان تتقطع أنفاسه ويتصبب عرقاً وهو يتسلق جبال كردستان الخشنة. فيما تتقطع أنفاس حليفه عزت الشابندر في فنادق بيروت ويتصبب عرقاً على نعومة الحرير الأحمر.
وكان عبد الأمير علوان يفكر ويعمل ويتحاور بروح الوطني الجنوبي، يحمل الطين في صدره، يحمي ظهرك حتى وإن غضب منك أو غضبتَ منه. وكان في المقابل يفكر عزت الشابندر ويعمل ويتحاور بروح السمسار المحترف، يحمل ثعلباً في صدره، يطعنك حتى وإن إبتسم بوجهك أو أحسنت اليه.
لم يكن الاستمرار ممكناً بين الشريكين، فهذا سمسار يريد السياسة تجارة رابحة، وذاك جنوبي مناضل لديه قضية وطن، فافترقا.
يملأ عزت الشابندر الفضائيات كلاماً عن نضاله وعلاقاته السياسية، فيزوّر بذلك الأحداث وتاريخها، مع أن بدايته في سوريا كانت على يد عبد الأمير علوان الذي كان ينشط هناك ضمن عمل الفصائل العراقية، وحاجتها الى الدعم السياسي السوري في ظروف الحصار التي تعيشها المعارضة العراقية.
الكثير من قادة الكتل الشيعية والسنية والكردية يعرفون الرجلين جيداً، ولأنهم يعرفونهما جيداً، فقد صار عزت الشابندر قريباً منهم، فلديه ما يغري ويريح من تعب النهار ومشاكله. وصار عبد الأمير علوان مُبعداً لأنه صريح جنوبي ولديه طين الجنوب المُتعب.