مشاهداتي في جزر الواق واق

: كمال فتاح حيدر

هذه رحلة خرافية خيالية لجزر مرجانية تحمل أسم (واق واق) نسبة إلى طائر يبيض بيضة زجاجية واحدة كل عشر سنوات. .

تقع تلك الجزر في بحر تورينو الذي ليس له صورة في الخرائط الأدميرالية، ويقال انها من الجزر الزاحفة التي لا تعرف الثبات على خطوط الطول والعرض . .

اللافت للنظر أن كبار القوم يتحدثون كثيرا هناك عن الورع والتقوى، وعن العفة والاستقامة، وعن صيانة المال العام لكن معظم أحاديثهم فقدت مصداقيتها بمرور الزمن، لأنها بلا تطبيق وبلا التزام في تناقض عجيب بين أقوالهم وأفعالهم تماماً كمن يدعي الشرف وهو بلا شرف وبلا مروءة. أو كمن يدعي التسامح وهو قاتل متسلسل. .

اما سكان غابات السندلوس والأبنوس التي تشتهر بها تلك الجزر الوهمية فأمرهم يبعث على العجب، فهم يُمجدون التافهين ويدعمون المهرجين. يمنحونهم الصدارة، في حين يُسقطون هيبة العلماء ويُهمشون الكفاءات، حتى جفت لديهم منابع الأخلاق، وتغلفت عقولهم بالتفاهات، واصبحوا مهددين بالانقراض. .

في جزر الواق واق: لا تنبح كلاب الحراسة على اسيادها حتى لو ارتكبوا ابشع المحرمات، وحتى لو فعلوا الأفاعيل. .

في جزر الواق واق: يتوفر مكان في السجن لكل من يتكلم، لكن لا يوجد لديهم سرير في مستشفياتهم لكل من يتألم، ولا مدارس مخصصة لمن يريد أن يتعلم. .

في جزر الواق واق: من يدعو للجهاد لا يجاهد، ومن يدعو للتعفف ليس بزاهد، ومن يحدث الناس عن عذاب القبر يعيش في قصور تضاهي قصور ملكة موناكو. .

اربع خصال اختفت في سواحل جزر الواق واق، هي: الأمانة – الضمير – الصدق – الحياء. لم يعد لها وجود حتى في قاموسهم السنسكريتي. غالباً ما يُنظر إليها على أنها قيم ماتت أو تراجعت، ويرى الكثيرون أن موت الضمير هو الأصل لأنه يؤدي إلى فقدان بقية الفضائل، بينما يرى البعض أن هذه الخصال تتلاشى معاً وتتبخر، وتشكل الأساس في تراجع المبادئ والقيم. .