كلمات قرآنية لها علاقة باليد (الوضوء، التيمم، السرقة، الشرب، الصيد)

د. فاضل حسن شريف

وردت يد ومشتقاتها في القرآن الكريم: يَدَيْهَا، بِأَيْدِيهِمْ، أَيْدِيهِمْ، يَدَيْهِ، بِأَيْدِيكُمْ، بِيَدِهِ، بِيَدِكَ، يَدَيَّ، بِيَدِ، أَيْدِيكُمْ، وَأَيْدِيكُمْ، يَدَكَ، أَيْدِيَهُمَا، يَدُ، يَدَاهُ، يَدَهُ، أَيْدٍ، بِأَيْدِينَا، أَيْدِيَهُنَّ، أَيْدِينَا، يَدَاكَ، وَأَيْدِيهِمْ، أَيْدِي، الْأَيْدِي، بِيَدَيَّ، وَأَيْدِي، بِأَيْدِي، يَدَا.

عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله سبحانه “فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا” ﴿النساء 43﴾ “فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وأَيْدِيكُمْ”. اتفقت المذاهب كلها على ان التيمم لا يكون إلا في هذين العضوين. واختلفوا في تحديد ما يجب مسحه بالتراب من الوجه واليدين، فقالت المذاهب الأربعة: يجب مسح جميع الوجه، ويدخل فيه اللحية، تماما كما هو الشأن في الوضوء. وقال الحنفية والشافعية: يجب مسح اليدين بالتراب إلى المرافق كالوضوء. وقال الإمامية: يجب مسح بعض الوجه، لا كله، لأن الباء في قوله تعالى “بِوُجُوهِكُمْ” للتبعيض، تماما كقوله: وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ بالنسبة إلى الوضوء، لأنها لو لم تكن للتبعيض تكون زائدة، والأصل عدم الزيادة. وقالوا: يجب مسح الكفين فقط. والتفصيل في كتاب الفقه على المذاهب الخمسة.. قوله عز وجل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (المائدة 6) “وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِق”. أيضا لا خلاف فيه إلا ان الشيعة أوجبوا الابتداء بالمرفق، وأبطلوا النكس، كما أوجبوا تقديم اليد اليمنى على اليسرى، وقال السنة: يغسلهما كيف اتفق.. أجل، تقديم اليمنى أفضل، وكذا الابتداء من الأصابع إلى المرفق. وتسأل: ان كلا من السنة والشيعة قد خالفوا ظاهر الآية، لأن المرافق يجب أن تكون نهاية الغسل لمكان (إلى)، مع ان السنة لا يوجبون ذلك، والشيعة لا يجيزونه، فما هو التأويل؟ وأجاب كثيرون بأن (إلى) هنا بمعنى مع مثل قوله تعالى: “ويَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ” (هود 52)، أي مع قوتكم.. والذي نراه في الجواب ان التحديد في الآية للعضو المغسول، وهو اليد، بصرف النظر عن كيفية الغسل من حيث الابتداء والانتهاء، تماما كقولك: بعتك الأرض من هنا إلى هناك، وقطفت ورد الحديقة من هنا إلى هنا، وأنت تريد تحديد الكم والمقدار، لا بيان الكيف والهيئة.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل أيديهما “وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” ﴿المائدة 38﴾ قوله تعالى: “وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما” (الآية) الواو للاستئناف والكلام في مقام التفصيل فهو في معنى: “وأما السارق والسارقة” (إلخ) ولذلك دخل الفاء في الخبر أعني قوله: “فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما” لأنه في معنى جواب أما، كذا قيل. وأما استعمال الجمع في قوله: “أَيْدِيَهُما” مع أن المراد هو المثنى فقد قيل: إنه استعمال شائع، والوجه فيه: أن بعض الأعضاء أو أكثرها في الإنسان مزدوجة كالقرنين والعينين والأذنين واليدين والرجلين والقدمين، وإذا أضيفت هذه إلى المثنى صارت أربعا ولها لفظ الجمع كأعينهما وأيديهما وأرجلهما ونحو ذلك ثم اطرد الجمع في الكلام إذا أضيف عضو إلى المثنى وإن لم يكن العضو من المزدوجات كقولهم: ملأت ظهورهما وبطونهما ضربا، قال تعالى: “إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما”: (التحريم 4) واليد ما دون المنكب والمراد بها في الآية اليمين بتفسير السنة، ويصدق قطع اليد بفصل بعض أجزائها أو جميعها عن البدن بآلة قطاعة. قوله: “جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ” الظاهر أنه في موضع الحال من القطع المفهوم من قوله: “فَاقْطَعُوا” أي حال كون القطع جزاء بما كسبا نكالا من الله، والنكال هو العقوبة التي يعاقب بها المجرم لينتهي عن إجرامه، ويعتبر بها غيره من الناس. وهذا المعنى أعني كون القطع نكالا هو المصحح لأن يتفرع عليه قوله: “فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ” إلخ أي لما كان القطع نكالا يراد به رجوع المنكول به عن معصيته فمن تاب من بعد ظلمه توبة ثم أصلح ولم يحم حول السرقة ـ وهذا أمر يستثبت به معنى التوبة فإن الله يتوب عليه ويرجع إليه بالمغفرة والرحمة لأن الله غفور رحيم، قال تعالى: “ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً” (النساء 147). وفي الآية أبحاث أخر كثيرة فقهية للطالب أن يراجع فيها كتب الفقه.

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن يده “إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ” ﴿البقرة 249﴾ ويتّضح في هذه الموارد الامتحان الكبير الذي تعرّض له بنو إسرائيل وهو المقاومة الشديدة للعطش، وكان هذا الامتحان ضروريّاً لجيش طالوت وخاصّة مع السّوابق السيّئة لهذا الجيش في بعض الحروب السابقة، لأنّ الإنتصار يتوقّف على مقدار الانضباط وقدرة الإيمان والإستقامة في مقابل الأعداء والطّاعة لأوامر القيادة. وطالوت الذي كان يتّجه بجنوده للجهاد، كان لابدّ له أن يعلم إلى أيّ مدى يمكن الإعتماد على طاعة هؤلاء الجنود، وعلى الأخصّ أُولئك الذين ارتضوه واستسلموا له على مضض متردّدين، ولكنّهم في الباطن كانت تراودهم الشكوك بالنسبة لإمرته، لذلك يؤمر طالوت أمراً إلهيّاً باختبارهم، فيخبرهم أنّهم سوف يصلون عمّا قريب إلى نهر، فعليهم أن يقاوموا عطشهم، وألاَّ يشربوا إلاَّ قليلاً، وبذلك يستطيع أن يعرف إن كان هؤلاء الذين يريدون أن يواجهوا سيوف الأعداء البتّارة يتحمّلون سويعات من العطش أم لا. قوله عز من قائل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ” ﴿المائدة 94﴾