اسم الكاتب : سامي صالح عبود العامري
في حديث بين امير قطر والوزير العراقي الزائر ، تسائل الامير” ماذا حل بالعراقين اصبحتم في وضع يرثى لكم بعد ان كنتم امة يحسب لها حساب بين الامم العربية ولحد ما بين الامم العالمية؟ ولانحتاج الى رد الوزير الزائر هذا ، فالجواب قد نتداول عناصره هنا ومن ثم نتواصل بالحديث عن امكانية التجاذب في جسم الامة العراقية.
العراق ليس بمختلف عن كثير من الامم التي يسكنها اقوام مختلفون في انتمائاتهم القومية والدينية ، الا ان وحدة العلم، والجواز، والتعليم، والصحة يجعل من تلك الامم المتعدده القوميات والدينات امة واحدة متجاذبة لا غير.
تجارب العالم تعطينا درسا في الاستفادة من قوة التجاذب بينها. فرضت الحرب العالمية على المانيا بتقسيمها الى قسمين ، لكن ارادة الشعب الالماني الصادقة جذبت هذين القسمين لتعود المانيا موحدة قوية باقتصادها وشعبها كما نعرفها الان. ولقد كانت يوغسلافيا واحدة من دول” عدم الانحياز” المهمة تحت قيادة زعيمها ” تيتو” ، ولكن رياح التفرقة العنصرية والقومية والدينية عصفت بسفينة يوغسلافيا الى خراب الانقسام ولم تصبح تلك الامة التي اراد لها ” تيتو”.
بدا الاستعمار لعبته على الارض العراقية بعد ان كان تحت السيطرة العثمانية بولايات ثلاث: الموصل، بغداد، والبصرة ، فقسم العراق الى اربعة عشر محافظة ليسهل عليه السيطرة الادارية. ثم جاء حكم الدكتاتور ليضيف اربعة محافظات في تقسيمه الاداري الجديد لتصبح ثمانية عشر محافظة. ومع ضعف الحكومة المركزية وطمع القسم الشمالي الكردي اضيفت المحافظة التاسعة عشر الى الجسم الهزيل.
قد يكون امرهذا التقسيم الاداري ليس بذات الخطورة اذا ما قورن بتقسيم الامة وقيادتها على اساس المحاصصة القومية والدينية والطائفية، ناهيك عن انتشار الانقسامات باسس عشائرية متاخرة. ان الاحزاب التي استندت على النظام المحاصصي هذا وبدفع من الاستعمار، قد جنت من هذا الانقسام الكثير لصالحها ومليشياتها وافرادها تاركت عموم الوطن تحت هبوب الرياح العاتية.
ماهو الحل؟
اصبح واضحا لكثير من المفكرين، والباحثين ، والمحللين المختصين بالشان العراقي في الداخل والخارج ، ان الاستمرار بهذة الصيغة من الحكم الحالي ماهو الا تاجيل لرفاهية الشعب وفساد لموارده. اذن الشعب هو مصدر الايحاء لايجاد نظام بديل يكفي للامة تماسكها ووحدتها.هذا النظام لابد ان يقوده حزب موحد وطني مستبعد لكل عوامل التفرقة القومية والدينية والطائفية والعشائرية. لابد وان تكون مبادئ هذا الحزب مستلهمة من مطالب الشعب وبخطط بانية لكل عموم البلد بشكل عام وبكل محافظة من جسمه. اكيد نجاحة في المنافسة يكمن في مصداقية برنامجه الذي سيتبعه في حالة فوزه بالانتخابات.
الانتخابات:
لابد من اعطاء فرصة قد لا تقل عن ستة اشهر لتهيئة المرشحين للاعلان عن انفسهم ومبادئ حزبهم وبرنامجهم للشعب سواء بالاتصال المباشر او الاتصال التلفزيوني .
1- الشعب هو المنتخب لرئيس الجمهورية والذي ربما هو نفسه يكون رئيسا للوزراء كما هو متبع في نظام الانتخابات في الولايات المتحدة الامريكية. وهذا ما يسمى بالنظام الرئاسي .
2- الحكومة المركزية باقسامها الثلاثة: أ – رئيس الجمهورية / رئيس الوزراء كما نوناه اعلاه. ب – مجلس الوزارات المنظمة للمشاريع العامة الهامة لكل المحافظات ( كالجيش والامن العام، التعليم، الصحة ، الموقف العام للبلد من العلاقات الخارجية). ج – مجلس الشعب: المنتخب من شعب المحافظات بعدد 2-3 لكل محافظة .
3 – الحكومة المحلية : ينتخب الشعب في كل محافظة محافظ له من اهل المحافظة ، اضافة الى اعضاء مجلس المحافظة المتالف من القائم مقام لكل مقامية في تلك المحافظة.
الشعب:
الشعب هو العنصر الاساس في عملية التجاذب القطري هذا. الشعور الوطني لكل فرد مهما كانت قوميته، دينه، طائفته، وعشيرته ، مهم لاتاحة الحكومات المركزية والمحلية بتنفيذ برامجها وقيادة البلد نحو الانعاش الاقتصادي والتغيير الاجتماعي المتحضر. ولابد من ان يجعل الشعب هذا الشعور محط التنفيذ وبذلك يقل وقوع الخطا في احضان المفسدين والمستعمرين.
الختام:
من العدل ان يحكم البعض على هذا التجاذب بوصفه ” حلم وردي”؟ بدليل ان استبعاد القوى الحاكمة باحزابها المتناحرة للاستفادة الشخصية وباستعمالها القوى المليشية سواء في بغداد او المحافظات ، امر صعب المنال ، الا الهم تاتي قوة عظمى تزحزح عمدة كل حزب ، ولكن نحن نعرف لايتم هذا العمل لصالح سواد عيون الشعب العراقي.
قد يكون التغيير نحو النظام التجاذبي هذا مستغرقا للوقت ، الا ان بوادره وجذوره بدات تخرج من التربة الطيبة . الدليل ان ثورة الشعب بدات تنظم نفسها وان كانت تحتاج الى مزيد من التنظيم تحت لواء المبادئ الوطنية الموحدة لعموم البلد من جهة وداخل كل محافظة من المحافظات من جهة اخرى.
الشعب المنظم لصبره لن ينتكس ، وبذلك سيكتب له النجاح.
كلمة اخيرة : بعد الايمان بصانع هذا الكون ، ستعود الامة العراقية متجاذبة لتنوعاتها قطريا ومحافظيا ليكون العراق في الموقع الحقيقي الذي يرتضيه شعبه العريق.