يناير 19, 2025
images

اسم الكاتب : زاهد البياتي

“إن ما حدث أخيراً في كركوك، فأني اشجبه تماماً، وباستطاعتنا أيها الاخوة، أن نسحق كل من يتصدى لأبناء الشعب بأعمال فوضوية، نتيجة للحزازات، والأحقاد، والتعصب الأعمى. أنني سأحاسب حساباً عسيراً أولئك الذين اعتدوا على حرية الشعب في كركوك..أولئك الذين يّدعون بالحرية، ويدّعون بالديمقراطية، إعتدوا على أبناء الشعب، اعتداءً وحشياً…إن أحداث كركوك، لطخة سوداء في تاريخنا، ولطخة سوداء في تاريخ ثورتنا. هل فعل ذلك جنكيز خان، أو هولاكو من قبل؟ هل هذه هي مدنية القرن العشرين؟”.هكذا وصف الزعيم عبد الكريم قاسم مجزرة كركوك الرهيبة قبل ستة وخمسين عاما ، في مثل هذا اليوم من عام 1959 حين ارتكب ذباحي الخمسينيات ، واحدة من أفظع جرائم الابادة الجماعية  بحق المكون العراقي الثالث الذي عرف بالتحضر والتسامح والتعايش ، وفي عقر دارهم وموطن ابائهم واجدادهم ، بما تجاوزت اعمال القتل الى الذبح والسلخ والسحل والتمثيل وتعليق الجثث على أعمدة الكهرباء ، لعشرات من المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء ورجال وشيوخ ..مذبحة هزت وجدان كل انسان عراقي منصف .. وبعد عقد ونيف استمرت دماء التركمان بالنزيف على يد الطاغية صدام الذي اقدم على اعدام واحكام السجن الآلاف من خيرة شباب ووجوه وشخصيات اثناء حكمه وقتل في مجزرة التون كوبري  اكثر من مائة مواطن بريء بدم بارد في ليلة سوداء .وتتغير انظمة الحكم والذبح ما زال مستمرا  ومجازر التركمان لا تريد أن تتوقف على الرغم من سقوط الطاغية ! ولكن الذباح ما زال حاضرا ولكن بثوب طائفي متطرف فكان التركمان لقمة سائغة بين انياب داعش التي لا حدود لشهوة القتل والتدمير والجهالة فيها ! فكانت (مجزرة  آمرلي) التي اعتبرت منكوبة بتاريخ 7/1/2007 و(مجزرة كركوك – تازة خرماتو) التي اعتبرت منكوبة في 20 /7 / 2008وايضا (مجزرة  تلعفر)التي اعتبرت منكوبة بتاريخ 9 / 7/ 2009 وغيرها من اعمال القتل الجماعي في معظم المناطق التي يقطنها التركمان امام تحديات مجزرة تلد اخرى !!ستة وخمسون عاما مرت ولم يظهر شخص واحد او حزب او منظمة أو أية جهة تقف وراء  مرتكبي المجزرة لحد اليوم ، بادر الى الاعتذار عن ارتكاب هذه الجريمة البشعة كبادرة حسن النية او الشعور بالندم او عودة الوعي أوما شابه ذلك كما نلمسها في كثير من بلدان العالم المتحضرة وان كنا نافضين ايدينا من ثقافة الاعتذار ! في بلد نفطي ابتلي بنقمة النفط ولم ينعم بنعمته .. ويا ليت المجازر توقفت عند هذا الحد ! وكأن قدر التركمان مقترن بعقد كاثوليكي مع المذابح والمجازر والاعدامات بالجملة ،وبشكل متواصل ولكن بتحديث الوجوه وتجديد السيناريوهات لا سيما حين يتناوب الذباح على لعب دوره بمهارة واتقان من فوضوي متهور الى كردي متشدد ثم الى طاغية مستبد .. وآخرا وليس أخيرا ، ظهور تنظيم ارهابي خطير يحمل اسم داعش وهكذا ..و لا ندري كيف سيظهر لنا الذباح القادم بأي وجه وبأي هيئة بعد نهاية داعش !؟    يقول الباحث في شؤون المكونات العراقية سعد سلوم في احدى مقالاته :” لداعش شركاء مقيمون بيننا، هم جزء من بنية ثقافية تهيئ لمناخ الإبادة ، وإذا اختفت داعش سرعان ما سيظهر ممثلون آخرون على المسرح. لذا لن يكفي تطهير الأرض من مقاتلي داعش، بل لا بد من تطهير ثقافتنا من الأسباب التي كان ظهور داعش نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لها.. لقد فشلنا جميعا في وقف الإبادة لأننا كنا جزءاً من بنية سهلت حدوثها، وسواء كنا شركاء صامتين أو شركاء مساهمين، فقد ساهمنا في صناعة تاريخ الإبادة أو كتابة نهاية تاريخنا) .تعددت الأسباب والموت واحد .. امام هذا الكم من المجازر والانتهاكات والضغوط المبرمجة بحق التركمان (الذين يقفون كحجر عثرة امام قضم كركوك من الوطن العراقي) في سياسة هادفة الى التغيير الديموغرافي لإفراغ كركوك من مكوناته الاساسية في محاولة لدمج كركوك بالإقليم ، الى جانب تكثيف الضغوط على حكومة المركز وممارسة سياسات متقاطعة مكشوفة مع المركز في انتهاك لدستور العراق تجاوزا على حدود سيادته من خلال تصدير النفط بشكل منفرد خارج اطار الدولة ! اضافة الى ممارسة الضغط على الحكومة المركزية بأساليب عدة وباسناد اقليمي ودولي مدعوميين وبخطين متوازيين سواء من خلال احتلال الدواعش لأراضي شاسعة من العراق وتهديد العاصمة  او مما تمارسه اسرة البارزاني من ضغوط بالتلويح بالانفصال بين اونة واخرى تمهيدا لحين اكتمال حلقات المخطط !كل هذه المعطيات تؤشر بشكل او بآخر الى اللاعب الأساسي الذي يدير هذه اللعبة القذرة بدهاء وخبث للوصول الى أهدافه مدعوما بمنظومة دولية كبيرة تنتهز الفرص وتوظف كل اوراقها في المنطقة للحصول على رأس كركوك .. ولكن الشعوب الأصيلة بإمكانها دائما قلب المعادلة والسحر على الساحر ، وشعب صمد امام هذه المجازر طيلة هذه العقود واستطاع كسر شوكة داعش في ذروة قوته ويفك الحصار عن (آمرلي ) بعد ثمانين يوما من الحصار ليفتح بوابة النصر امام العراقيين لتحرير مدنهم و محافظاتهم لا يمكن ان يقهر او يمحى من خارطة العراق ابدا ..    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *