نوفمبر 24, 2024
Fj4lvevWQAACPPL

اسم الكاتب : طارق حرب

في سلسلة بغداد تراث وتاريخ كانت لنا محاضرة عن أشهر مدارس بغداد نهاية العهد العثماني وطيلة فترة طويلة من العهد الملكي تلك هي مدرسة الاليانس اليهودية المؤسسة ببغداد سنة 1864 والتي برزت في بغداد وكانت صاحبة الفضل على جميع يهود بغداد وصاحبة الفضل على النهضة العلمية في بغداد التي لم تعرف في القرن التاسع عشر مدارس على الطراز الحديث في منهاجها ودراستها بحيث كانت السباقة في حركة التطور العلمي في جميع وجوهه من علوم صرفة الى سياسة وقانون ومال واقتصاد وثقافة وأدب وغير ذلك من علوم ومعارف وثقافات فقد كانت المدرسة الاولى التي يدرس طلابها اللغات الاخرى للدول المتطورة التي تمكنت من العلوم فهي تدرس طلابها الانگليزية والفرنسية والتركية والعربية والعبرية لكي يكون الطالب على استعداد لتلقي العلوم بهذه اللغات وقد بلغت شأناً بعيداً حتى ان أحد أعلام بغداد اليهود الذي درس فيها وهو مير بصري يقول في كتابه أعلام اليهود ان هنالك حدثين أثرا في حياة اليهود العراقيين في ستينات القرن التاسع عشر هما انشاء مدرسة الاليانس وافتتاح قناة السويس ولنا أن نلاحظ اهمية المدرسه تقارن بأهمية القناة الدولية.
ومير بصري في وصفه لم يغادر الحقيقة فقد خرجت وزير المال في الحكومات الاولى ورئيس اللجنة المالية في البرلمان الملكي ساسون حسقيل ونائب رئيس محكمة التمييز لعشرات السنين داود سمره وفقيه الدستور روبين بطاط ورجل السياسة عزرا مناحيم دانيال رجل المال ورجال الاقتصاد اليعازر سيلاس ورجال الادب والثقافة والصحافة أنور شاؤول وسليم البصون وغيرهم كثير .
لقد أسست مدرسة الاليانس جمعية الاليانس الفرنسية والجمعية اليهودية الانگليزية سنة 1864م وعهدت ادارتها أول الامر الى التدريس النيتر ماكس واثنين من اليهود العراقيين الذين سكنوا اوربا وهم اسحاق لوزين ساعاتي وهيرمان روزن فيلد خياط وكانت المدرسة تتألف من ثلاثة أقسام وتم تنظيم منهاج التدريس بما يماثل المدارس الاوربية حيث دروس التاريخ والجغرافية والرياضيات والطبيعيات والكيمياء وغير ذلك من العلوم الحديثة وأخذت المدرسة بالتوسع وخاصة بعد أن أهدى لها اللورد الانگليزي البغدادي اليهودي الثري البرت داود ساسون دار عامرة وساهم يهود بغداد في دعم هذه المدرسة حيث تبرعت رفقه نورائيل ومناحيم أفندي دانيال وغيرهم من أهل الخير اليهود لهذه المدرسة بأموال كثيرة حتى ان محرر جريدة التايمس الانگليزية الذي زار هذه المدرسة في تلك الفترة واعجب بطريقة التدريس فيها قال ان نوراً اشرق على يهود العراق من تلك المعاهد العلمية وكانت المدرسة منهجاً خاصاً في تعليم الفرنسية بحيث يحصل المتخرج من المدرسة على شهادتين احدهما خاص بالدراسة بالاعداديات الفرنسية وتخرج منها معظم رجال اليهود المشهورين وفتحت مدرسة الاليانس أبوابها لغير اليهود من المسلمين والمسيحيين وبعد النجاح الكبير لمدرسة الاليانس في بغداد تم تأسيس مدارس الاليانس في البصرة سنة 1903 والموصل سنة 1907 والحلة في نفس السنه وفي العمارة سنة 1910 وفي خانقين سنة 1913 .
وانفتحت هذه المدرسة كغيرها من المدارس اليهودية ببغداد فلقد درس فيها مدرسون من غير اليهود اذ يذكر ان بعض من درس كانوا قد تخرجوا من مدارس النجف الدينية منهم محمد شرارة وحسين مروة ومحمد حسن الصوري وغيرهم.
نعود ونقول ان هذه المدرسة كان لها نصيب الاسد في عدد خريجيها من الشخصيات التي ساهمت في جميع مجالات الحياة وأخذوا شهرة فاقت العراق الى العالم واذا أردنا أن نورد بعضهم بقليل جداً عن خريجي هذه المدرسة فتقول:-
المحامي ساسون حسقيل عضو البرلمان العثماني والبرلمان الملكي الوزير لخمسة مرات منذ أول وزارة الذي حضر مؤتمر القاهرة بشأن العراق عضو لجنة تنقيح الدستور الملكي الذي ساهم في اصدار كثير من التشريعات الاوربية للعراق بدلا من التشريعات العثمانية الذي بقى مخلصاً للطربوش التركي حتى وفاته سنة 1932 م الذي كان من مؤسسي دولة العراق الحديثة بعد ان كان مقسما الى ثلاثة ولايات الذي أوجد النظام الاداري والمالي الذي لا زالت بعض التشريعات التي كتب مسوداتها نافذة لحد الان مثل قانون اصول المحاسبات لسنة 1941 الذي اعتمد شرط الذهب في تقاضي الواردات النفطية فلم يتأثر العراق في الدورة الاقتصادية نهاية العشرينات وبداية ثلاثينات القرن العشرين الذي كان له الفوز في كل لعبة يلعبها في النادي الذي لا يمكن عد فضائله ومناقبه وعمله وأثره في بغداد والعراق . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *