اسم الكاتب : نعيم الخفاجي
لو كانت هناك جدية من الدول العظمى الداعمة إلى إسرائيل في إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال إيجاد دولة فلسطينية وأن كانت على جزء صغير من أراضي عام ١٩٦٧، لإنهاء الصراع الذي طال أمده، لتم إقامة الدولة الفلسطينية وتطبيق قرار الامم المتحدة المعروف بقرار التقسيم.
مايحدث من حروب بالشرق الاوسط، مرتبط بمصالح الدول العظمى، لو كان فعلا وجود حل الدولتين، لما رأينا تعثر عودة عرفات لاقامة الدولة الفلسطينية منذ أكثر من ثلاثين عاما، وتم اذلاله وقتله، ولما شهدنا الانتفاضات الفلسطينية المتكررة بالضفة والقطاع، ولما شاهدنا تكرار عمليات الاغتيالات التي طالت مئات من القيادات الفلسطينية بالضفة وغزة.
لو كان حل الدولتين موجود لما قامت منظمة حماس لتنفيذ غزوتها بيوم السابع من أكتوبر بالعام الماضي، عملية حماس فتحت الباب إلى قيام نتنياهو في تدمير غزة على رؤوس الأطفال والنساء، بموافقة ومباركة من غالبية الدول العربية والإسلامية السنية، وقفت القوى الشيعية المقاومة مع حماس ليس لازالة دولة إسرائيل، وإنما لإيقاف الحرب والعودة للتفاوض مابين الفلسطينيين والإسرائيليين.
تخيلوا معي لو اليوم وافقت إسرائيل في إيقاف الحرب بغزة، باليوم التالي القضية تكون بعودة الفلسطينيين والإسرائيليين للتفاوض ولا قيمة للقوى الشيعية التي ساندت حماس.
نتنياهو استعمل القوة المفرطة في تدمير غزة وجعلها عبارة عن أنقاض، بظل موافقة دولية وعربية، بغض النظر عن صمود الفلسطينيين بغزة، لكن الواقع على الأرض يقول فقدت حماس كل قوتها، وماهي سوى مسألة وقت حتى يتم إعادة أنصار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحكم غزة ونهاية سيطرة حكومة حماس على غزة.
مايحدث الان في لبنان هي حرب شاملة، لم تبقي اي قواعد للاشتباك السابقة، بدأت إسرائيل تستخدم القوة المفرطة في قصف الاماكن السكنية للمناطق الشيعية بالجنوب والضاحية، عمليات قصف الضاحية استهدفت قيادات من قادة المقاومة الشيعية اللبنانية، وآخر هجوم حدث أمس تم استخدام خمس وثمانين صاروخ وزن كل صاروخ طن من المتفجرات، فحجم الانفجار ٨٥٠٠٠ كيلوغرام من المتفجرات وكل كيلو غرام واحد لدى وقوعه على الأرض يعادل وزن طن، تخيلوا ٨٥٠٠٠ كيلوغرام × ١٠٠٠ كيلو يعني طن، النتيجة تكون مذهلة يساوي ٨٥٠٠٠٠٠٠ مليون طن وهي تعادل انفجار قنبلة نووية بوسط منطقة سكنية مكتظة.
الضربات الإسرائيلية الأخيرة شملت في البداية مجزرة البيجر، التي شاركت بها شركات مدنية مصنعة لجهاز يستخدم لأغراض مدنية، تلاها في اليوم الثاني تفجير أجهزة اللاسلكي، أيضا بمساعدة الشركة المصنعة، تم تفخيخ أجهزة البيجر واللاسلكي.
ما حدث بالجبهة اللبنانية، المرحلة الأولى قصف متبادل، المرحلة الثانية تفجيرات البيجر وأجهزة اللاسلكي وعمليات اغتيالات قيادة وحدة الرضوان، واستباح الطيران الاسرائلي، سماء لبنان بقصف مكثف وعنيف، وصلت العملية الثانية إلى تفجير الضاحية الكبير الذي قيل أنه أستهدف قائد القوى الشيعية اللبنانية المقاومة، لذلك قواعد الاشتباك تغيرت، لا أظن أن إسرائيل سوف تقوم في اجتياح لبنان أو الجنوب اللبناني، إنما تقتصر عمليات إسرائيل بقصف مكثف إلى مناطق الشيعة مثل تدمير غزة.
بحقبة رئاسة رفيق الحريري بمعارك عام ١٩٩٦، تم التوصل إلى تفاهم نيسان، الذي ضمن عدم استهداف المدنيين من الجهتين، الاستهدافات الإسرائيلية الحالية تشمل البيئة الشعبية الحاضنة للمقاتلين، من دون إقامة أي اعتبار لكونهم عائلات مدنية، الغارات الإسرائيلية تشمل كل الأراضي اللبنانية، بل تم استهداف أماكن مسيحية ودرزية مثل أقضية كسروان وجبيل ذات الغالبية المسيحية، عدد الضحايا لأول مرة بتاريخ حروب إسرائيل كبير جداً، ولأول مرة بتاريخ إسرائيل لم يأخذ قادة إسرائيل الاعتبار بوجود مئات أسرى اسرائيليين لدى حماس وتم قصف المنطقة التي يتواجد بها الأسرى وقتل الكثير منهم، تضحية نتنياهو بالاسرى والمحتجزين الاسرائيليين في غزة، يكشف أن هناك هدف لدى إسرائيل، تريد تحقيقه يستحق التضحية في إسرائيليين محتجزين لدى حماس.
الجزيرة اليوم عرضت بث صورة إلى السيد حسن نصرالله تعود لعام ٢٠٠٠ مكتوب أمام المنصة التي يتحدث بها السيد نصر الله العبارة التالية( احمد ياسين لن نترك السلاح).
لذلك الهدف الإسرائيلي كبير، دول العالم الغربي المؤيدة إلى إسرائيل أعطت الضوء الأخضر إلى نتنياهو في استخدام اي سلاح حتى لو كان دمار شامل، واشعال المنطقة لحرب اقليمية هم يريدون وقوعها لضرب أهداف معينة في إيران وبعدها العودة إلى التفاوض.
توقف الأعمال العدائية ما بين المقاومة الشيعية اللبنانية وإسرائيل وعودة الحكومة اللبنانية للتفاوض مع إسرائيل يحرج حزب الله أمام المقاومة الفلسطينية، وخاصة بظل وجود مبدأ التمسك بمعادلة الربط بين جبهتي لبنان وغزة، المقاومة اللبنانية الشيعية كان هدفهم الضغط على نتنياهو إلى إيقاف حرب غزة، وأنا أكتب هذه الكلمات، اتابع قناة الميادين، أشاهد المذيعة فتون عباسي بدأت تقرأ بيان نعي السيد الشهيد حسن نصرالله والذي ارتقى شهيدا من أجل غزة وشعب فلسطين العربي السُني.
الرجل السيد الشهيد حسن نصرالله أوفى بعهده ورفض إيقاف الحرب، دون وجود قرار وقف إطلاق النار بغزة.
انا لست إسلاميا، ولي وجهات نظر تختلف مع رفاقي من القوى المقاومة الشيعية، انا شخصيا أرى أن العربان لايستحقون أن نضحي من اجلهم، بل حتى قطرة مياه تقدم للعربان بالنسبة لي جريمة وذنب لايغتفر، لكن علينا بصفتي كشخص يتبنى الفكر اليساري، أن أعترف وأحترم أصحاب المواقف الثابتة، بكل الاحوال لولا وجود خلافات قومية ومذهبية في لبنان، لما وصلت المعلومات إلى إسرائيل في اغتيال السيد حسن نصرالله، الوضع في لبنان، يختلف عن أوضاع المكونات بالدول العربية، في لبنان، الدستور اللبناني يضمن مشاركة كل الطوائف، يبقى رئيس الجمهورية مسيحي، وبشرط مسيحي ماروني، ورئيس الوزراء مسلم سني، ورئيس البرلمان مسلم شيعي.
استشهاد السيد حسن نصرالله لايعني إنهاء الشيعة في لبنان، بالعكس يمكن الآن اتفاق الدولة اللبنانية مع المبعوث الأممي على قرار وقف إطلاق النار، ويوجد الأستاذ نبيه بري زعيم منظمة أمل احد قادة الشيعة اللبنانيين المشهود لهم بالحنكة السياسية، لم يقصر أبناء المقاومة الشيعية في لبنان تجاه اخوانهم الفلسطينيين، زعيم المقاومة السيد حسن نصر الله أوفى بعهده ولم يترك شعب غزة بمفردهم، وقدم نفسه شهيدا، وموضوع فلسطين يخص بالدرجة الأولى، يخص الدول العربية السنية وشعوبها، وكل ملوك ورؤساء وحكام الدول العربية هم من السنة واذا يوجد عار بعدم الدفاع عن شعب غزة العربي المسلم السُني، تتحمله الأنظمة العربية السنية وشعوبها، العار لا يلحق بالشيعة إنما بالأنظمة العربية والإسلامية السُنية.
ما حدث منذ يوم السابع من أكتوبر بالعالم الماضي وليومنا هذا، حرب قادها نتنياهو بدعم عالمي غربي بكل الوسائل.
ربما يصمد المقاومون الشيعة في لبنان لمدة زمنية أطول، ويتم التوصل إلى قرار وقف إطلاق نار، تتوقف الحرب من دون تقديم تنازلات أمنية أو سياسية مكتوبة، يوجد أصدقاء للمقاومة مثل السيد رئيس مجلس النواب نبيه بري، والسيد رئيس حكومة تصريف الأعمال السيد نجيب ميقاتي أن يعملوا بجدية للتمسك بالقرار 1701 الذي سبق للدولة اللبنانية ولـحزب الله أن وافقا عليه قبل 18 عاماً، وظل القرار المرجعي الراعي للوضع عند الحدود بين لبنان وإسرائيل.
القرار الأممي الذي صدر عام ٢٠٠٦ ينص على المنطقة ينتشر فيها الجيش اللبناني واليونيفيل ويمنع فيها أي سلاح لا توافق عليه الحكومة اللبنانية، يعني يبقى لدى المقاومة سلاحهم موجود بموافقة الحكومة اللبنانية، اعتذر من الإخوة والكتاب والصحفيين من محور المقاومة، وارجوهم أن يتحملوا وجهة نظري، انا عندي تجربة عملية مع العربان عمرها ٣٤ سنة نصابحهم ونماسيهم، اقولها العربان لايستحقون اي تضحية، وعلى الشيعة العمل لخدمة مصالح ابنائهم أفضل من تبني قضايا العرب بخصوص فلسطين بظل هناك إجماع للأنظمة العربية في إنهاء القوى المقاومة الفلسطينية وعمل تطبيع مجاني حتى لو بدون إقامة دولة فلسطينية مستقلة، طبيعة العرب يتآمرون على الشرفاء منهم، أمة العرب خانعة حقيرة، تستحق ماحل بها من حلبهم وأخذ أموالهم من قبل القوى الاستعمارية بالعلن، أمة منكوحة، لاتستحق أن يضحي من أجلها الشيعة، رحم الله شهداء المواقف الثابتة مع خالص التحية والتقدير،