ديسمبر 6, 2024
صصص

اعداد : شفقنا

خاص شفقنا العراق-أكد العضو السابق في المجلس التنفيذي للمؤتمر الوطني العراقي السيد نزار حيدر إن الفقيد الدكتور الجلبي تميز عن السياسيين الآخرين في عدم ارتباطه بدول الجوار بأي شكل من الأشكال، فكان أبعدهم رؤية وأكثرهم فاعلية والأشجع في اتخاذ القرار، مشيدا بوطنيته وتعامله مع كل التيارات السياسية في المعارضة بعقلية منفتحة، وباحترامه واعتزازه بتشيعه مما جعله الشخصية الوطنية رقم واحد في حركة المعارضة العراقية، مؤكدا إن العملية السياسية لم تستغل كل إمكانيات وقدراته في ظل المحاصصة الطائفية والحزبية، فالجميع كانوا يعرقلون تقدمه خوفا وصراعا على السلطة، منتقدا ردود الفعل البائسة على رحيله وأن الحاضر لم ينصفه بسبب الحزبيات والجهل المركب والحقد العنصري والطائفي الذي سمم الأجواء.

الجلبي لم يكن مرتبطا بدول الجوار بأي شكل من الأشكال

وفي حديث خاص لوكالة شفقنا، اعتبر مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن السيد نزار حيدر إن “الجلبي  كان يتميز عن السياسيين العراقيين الآخرين بخصلة في غاية الأهمية، وهي التي منحته حرية التفكير والحركة أكثر من غيره، ألا وهي عدم ارتباطه بأي شكل من الأشكال بدول الجوار التي لها في سياساتها العامة صراعات وتناقضات وتقاطعات سواء فيما بين بعضها البعض الآخر أو بينها وبين المجتمع الدولي، والتي كانت تسعى جميعها ومن دون استثناء إلى توظيف حركة المعارضة العراقية المرتبطة بها وتسخيرها لتمرير هذه التقاطعات بشكل أو بآخر”.

وأكد حيدر إن “الجلبي كان حرا لم تؤثر أي دولة اقليمية في توجهاته وطريقة تفكيره وقناعاته وحركته، ولذلك كان أبعدهم رؤية وأكثرهم فاعلية والأشجع في اتخاذ القرار، فلم يكن لأحد تأثير عليه عندما يتخذ قراره، فلم يجرؤ أحد على ابتزازه أبدا”، مبينا إن “الآخرين كانوا يكتفون بالكلام، أما الجلبي فكان رجل الفعل والانجاز، ولذلك كان أكثرهم مثابرة وصبرا على تحقيق الهدف”.

كان وطنيا بكل معنى الكلمة

وشدد نزار حيدر على وطنية الجلبي التي جعلته يلعب دور الوسيط بين مختلف التيارات السياسية والفكرية الإسلامية في المعارضة العراقية، بما فيها من الإسلام السياسي السني، أو الإسلام السياسي الشيعي، أو التيارات الليبرالية أو القومية، من دون أن يعني ذلك تجاوزه للخصوصيات أبدا.

وكشف إن “كل حركة المعارضة العراقية كانت مؤدلجة بشكل أو بآخر، إلا الجلبي فلم يكن كذلك، ولهذا السبب كانت قاعدته المصلحة الوطنية ومنطلقه القواسم الوطنية المشتركة مع الآخرين، ولهذا السبب لم يكن يرى في طريقه أي عقدة للتعامل مع الآخرين من مختلف تيارات حركة المعارضة العراقية، كما لم يجد حرجا أبدا في أن يتعامل مع المؤدلجين لأنه كان فوق الشبهات من جانب، وفوق أن يتأثر بهم بالسلب من جانب آخر”.

وأضاف أنه “لم تحده خطوط حمراء من تلك التي ترسمها عواصم الاقليم لرجالاتها، عندما كان يفكر أو يتحرك أو يبني علاقة مع رفاق الدرب المناضلين معه في خندق واحد ضد الديكتاتورية، ولذلك كان يتعامل بعقلية منفتحة مع الجميع فكان يستوعبهم بشكل يلفت نظر كل من عرفه”.

وأكد إن “نقطة القوة التي ظل الجلبي يتميز بها هي «تسمكه بجذوره الدينية كعراقي شيعي»، فعلى الرغم من ليبراليته السياسية الا انه كان يحترم الدين وكان يفتخر بتشيعه”، لافتا إلى انه “ظل سياسيا الشخصية الوطنية رقم واحد في حركة المعارضة العراقية، لأنه كان يؤمن إيمانا جازما بالقول الشريف الوارد عن رسول الله (ص) (حب الوطن من الايمان) ولذلك كانت وطنيته فوق كل انواع الانتماءات”.

الجلبي كان يتمتع بعلاقات متينة مع أصحاب القرار في مجلس الأمن

وحول دور الفقيد الدكتور الجلبي في المعارضة العراقية وعلى وجه التحديد المؤتمر الوطني العراقي، قال مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن إن “تشكيل المؤتمر جاء عام 1992 بعيد هزيمة الطاغية في الكويت وقمعه الدموي للانتفاضة الشعبانية المباركة، وقد كنت عضوا في المجلس التنفيذي الذي كان يرأسه الدكتور الجلبي، على خلفية فشل الانتفاضة الباسلة للعراقيين ضد نظام الطاغية الذليل صدام حسين”، مبينا إنه “حقق أولا: وحدة الخطاب السياسي والاعلامي لحركة المعارضة العراقية، ثم وحدة حركتها الدبلوماسية سواء على صعيد المجتمع الدولي او المحيط الاقليمي، كذلك تنسيق العمل الميداني لمختلف فصائل حركة المعارضة”.

وفيما يتعلق بالإجماع العالمي الذي حصل للإطاحة بنظام البعث ودور الجلبي فيه، أكد حيدر: “لقد كان للدكتور الجلبي قصب السبق والصوت الأعلى والحركة الأسرع في كل هذا، خاصة على صعيد الحركة السياسية والديبلوماسية في الولايات المتحدة الاميركية وعدد من الدول الأوربية، لما كان يتمتع به من علاقات متينة مع الكثير من مفاتيح القرار في هذه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي صاحبة القرار الأول وقتها في الملف العراقي”.

لقد خسر العراق الجلبي

وبين السيد نزار حيدر إن “الجلبي غير وجه العراق الحديث، وهذا يكفي ارثا عظيما تركه للعراقيين، ولا أدري إن كان بإمكانهم استيعابه للحفاظ عليه أم لا”، مؤكدا إن “العلمية السياسية لم تستغل قدرات وإمكانيات الجلبي بشكل أفضل، لأن تركيبة العراق الجديد التي تشكلت بعد التغيير التاريخي في التاسع من نيسان عام 2003 قامت على أساس المحاصصة الحزبية والاثنية والطائفية، ولأنه لم يكن ينتمي إلى أي واحد من هذه المحاصصات، لذلك لم يتمكن من أن يجد لنفسه المكان الحقيقي في الدولة، فيما كان الجميع يعرقلون تقدمه خوفا وصراعا على السلطة، لقد خسر العراق الجلبي”.

وحول إمكانية اعتماد تجربة الجلبي السياسية نموذجا يحتذى بها في العراق، أوضح حيدر إن “العراقيين يحتاجون أولا أن يستوعبوا تجربته السياسية، ويفهموا ما الذي فعله الجلبي لهم، وللأسف الشديد فان ردود الفعل البائسة على رحيله لا تبشر بالخير كون العراقيين استوعبوا تجربته وفلسفته السياسية. ربما يحتاجون لبعض الوقت، لا أدري، ولكن أتمنى أن يفهموها في نهاية المطاف والا فسيخسرون الكثير جراء التفريط بتجربة وطنية فريدة”.

وختم حيدر بالقول “أتمنى أن يمنحني العمر فرصة لأكتب ما أعرفه عن هذه القامة النموذج والتجربة السياسية الوطنية الفريدة والجديدة في العمل السياسي العراقي، فاذا كان الحاضر لم ينصفه بسبب الحزبيات والجهل المركب والحقد العنصري والطائفي الذي سمم الاجواء، كما هو حال الكثير جدا من الشخصيات العظيمة في التاريخ، فان الزمن والتاريخ والاجيال القادمة كفيلة بإنصافه عندما تعرف ماذا أنجز هذا الرجل.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *